تقارير
لارتكابها جرائم إرهابية.. قيادات الانتقالي تحت طائلة الملاحقات الجنائية
"وكيل جهاز مكافحة الإرهاب، محمد علي عبد الله الصياء، متهم بممارسة أعمال اغتيالات وتفجيرات، ومطلوب للعدالة والتحقيق فورا"، بهكذا قرار أصدر رئيس مجلس القيادة الرئاسي أمر إلقاء قبض قهري على القيادي العسكري في المجلس الانتقالي، محمد الصياء، المقيم في حي "إنماء" بمدينة عدن، والقبض عليه حيث ما تواجد؛ كونه مشركا في عصابة تقوم بأعمال غير مشروعة.
اتهامات متكررة تطال قيادات في المجلس الانتقالي الجنوبي وجهاز مكافحة الإرهاب، الذي يرأسه القيادي في المجلس الانتقالي، شلال شايع، بالتورط في قضايا الإرهاب، ولها علاقة مباشرة بالأحداث الأمنية في المنطقة.
الأمر الرئاسي قضى بإلغاء القرار رقم 59 لسنة 2024، بشأن تعيين وكيل لجهاز مكافحة الإرهاب، وإلغاء كافة القرارات المتعلقة بتعيين "الصياء" وكيلا للاستخبارات، أو ترقيته، موجّها النيابة العامة بإصدار مذكرة إلى الحزام الأمني في عدن، ومأمور الضبط المختص بضبط الصياء.
النيابة الجزائية المتخصصة اتهمت "علي صياء" بالاشتراك فيما يسمى ب"خلية أمجد خالد"، وهو قائد لواء النقل سابقا، الذي تصفه وسائل إعلام تابعة للمجلس الانتقالي بالإرهابي، مستندة على ذلك إلى التحقيقات، التي تمت مع من قالت إنهم ضُبطوا مؤخرا.
- صناعة إماراتية
يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء، الدكتور عبدالباقي شمسان: "التجارب السابقة هناك أكثر من مسؤول قد تم إحالته للتحقيق، ولم يتم تحقيق ذلك؛ لأن هنالك مسرحا أو جغرافيا تم إعدادها، ويتم إدارتها من طرف إقليمي".
وأضاف: "في الجغرافية اليمنية، هناك تفكيك للسلطة السياسية، وغياب للمشروع الوطني، وهناك ضعف للسلطة الشرعية، وضعف في تمثيل الجمهورية اليمنية، وهناك تعدد للمؤسسات العسكرية، ومنافسة للجيش الوطني، إضافة إلى صناعة المجالات الرخوة، وكل هذا يندرج في إطار وجود جغرافية رخوة؛ ليتم توظيف ما يسمى بالإرهاب".
وتابع: "هذا الإرهاب، والعمليات الإرهابية، تم التعامل معها وصناعتها، منذ سنوات، عندما تم تصفية القيادات الوطنية، عندما تم اغتيال محافظ عدن، عندما تمت أكثر من عملية اغتيال".
وأردف: "هذه العمليات يتم توظيفها ليصبح طرف إقليمي معين هو القادر على حفظ الأمن؛ لأن عندما تغيب السلطة ولا توجد سلطة شرعية ممثلة للجمهورية اليمنية، وتتعدد السلطات، يكون هناك قلق، وتغيب المؤسسة الأمنية والعسكرية الموحدة، وحرية صناعة القرار".
وزاد: "الإمارات العربية المتحدة هي الموجودة، التي تدير كل هذه العمليات الإرهابية الحقيقية، والمصطنعة، بهدف إيجاد بيئة رخوة تجعل من المجتمع الدولي يطالب الإمارات بالبقاء ودعم هذه المليشيات من الأحزمة والنخب؛ لضمان وجود فراغات أمنية".
وقال: "الإمارات لا تتعامل مع كتلة مليشياوية، أو قيادات بشكل محايد، إنما تتعامل مع شخصيات، بحيث إنها لا توجد قيادة جامعة، تتعامل مع وحدات عسكرية منفصلة، مع عيدروس الزبيدي، وغيره من القيادات، وبهذا تلعب بالملف الاستخباراتي بقوة".
وأضاف: "هذه الصراعات طبيعية، في مجال صُنع ليصبح رخوا، حيث لدينا تعدد عسكري في جغرافيات منفصلة، وتعدد قيادات، ممثلة لمشاريع انفصالية، وولاؤها للخارج، وسط غياب لسلطة ممثلة للجمهورية اليمنية".
- ملف شائك
يقول الصحفي الموالي للمجلس الانتقالي، صلاح السقلدي: "هذا الملف هو ملف شائك، وله تأثيرات كثيرة، ونحن نتحدث عن مؤسسات أساسا هي حطام منذ 94".
وأضاف: "أعتقد بأن الأمر الأمني والاستخباري تداخل بشكل عجيب، وبشكل مكثف".
وتابع: إذا لاحظنا لماذا تعمدت الرئاسة أن تصدر قرارا مثل هذا، وتوزعه على الإعلام، سنجد أن ذلك بالتأكيد استهداف سياسي، يشير إلى أن المجلس الانتقالي فاشل أو ينخرط في أعمال اغتيالات".
وتساءل: "لماذا الرئاسة كلها ترمي قرارا مثل هذا، وتذيعه، فيما سبب الاعتقال، الذي أظهرته المحكمة الجزائية، مرتبط بقضية عصابة أمجد خالد، الذي كان قائد لواء النقل السابق، ولم يذكر ذلك في ديباجة القرار الرئاسي؟".
وأردف: "لا يستطيع أحد أن ينكر، من بداية التسعينات حتى هذه اللحظة، وجود الإرهاب، بشكل واضح وعنيف، خصوصا في المحافظات الجنوبية".
وزاد: "لا يعني أن المحسوبين على المجلس الانتقالي بأنهم ملائكة، أو أنهم ليسوا متورطين على الإطلاق، فبمجرد أن المجلس الانتقالي يتحدث عن إلقاء القبض على شخص محسوب عليه هذا شيء جيد، وظاهرة صحية، ونتمنى أن تشمل باقي العناصر، ويتم ذلك وفق عملية إصلاح شاملة".
وقال: "نحن ندرك تماما، ولا يمكن على الإطلاق أن ننكر، أن هناك فشلا، وهناك سلبيات، وهناك الكثير من الأعمال العنيفة، والأعمال الإجرامية، التي ارتكبتها عناصر ومؤسسات أمنية واستخباراتية، محسوبة على المجلس الانتقالي".
وأضاف: "إذا كان المجلس الانتقالي بالتأكيد قد وقف وهو بالفعل وقف لتقديم هذا الشخص للعدالة، فهذه محسوبة له".
واستطرد: "للأسف، يبدو أن هناك حالة تستر على يسران المقطري، الذي هو أيضا مطلوب بقضايا جنائية، من قِبل المجلس الانتقالي، ما المانع أن تكشف الأجهزة الأمنية والسياسية والمجلس الانتقالي، أين يتواجد المقطري؟، هل تبخر وضاع؟ هو معروف أنه غادر من المطار، والمطار يعرف وجهته الأولى على الأقل، والمهمة هنا ملقاة على المجلس الانتقالي، وملقاة أيضا على الأجهزة الأمنية، وعلى الدولة بشكل عام".
- تصفية حسابات
يقول المحامي والناشط الحقوقي، عبد الرحمن برمان: "يفترض أن تفتح الأبواب أمام تحقيقات قضائية حقيقية وجدية لملاحقة كل من مارسوا عمليات الاغتيالات، وخصوصا أن لدينا عددا مهولا جدا من الاغتيالات تمت في وضح النهار، وأمام الجميع".
وأضاف: "شاهدت -أنا بنفسي- عملية اغتيال، وأنا متواجد في عدن، وقعت أمام الجنود، وكانوا يتفرجون على القتلة وهم ينزلون من السيارة، ويقتلون الشخص، ثم يصعدون إلى السيارة، ويغادرون بكل هدوء، وذلك في شهر يناير 2016 تقريبا".
وتابع: "لم يتم فتح حتى ملف تحقيق، وهكذا كانت تجري عمليات الاغتيالات في عدن، ونحن أمام ملفات قد أشرف عليها القضاء، الذي يسيطر عليه المجلس الانتقالي".
وأردف: "القضاء المتواجد في المناطق التي هي عدن ولحج وأبين ومناطق أخرى، يسيطر عليه المجلس الانتقالي من خلال فرض شخصيات على القضاء، ومن خلال أيضا ما يسمى بنادي القضاة الجنوبيين".
وزاد: "هناك خلافات داخل المجلس الانتقالي، فهذا الشخص، وهو محسوب على شلال شايع، وشلال هو يعيش في حالة صراع مع عيدروس الزبيدي، ومع زملائه داخل المجلس الانتقالي، لذا هذه العملية تتم في إطار الخلاف الداخلي داخل المجلس نفسه".
وقال: "نحن شاهدنا -على سبيل المثال- هاني بن بريك، في محاضر رسمية للنيابة العامة والتحقيقات، واعتراف الجناة الثلاثة، في عملية اغتيال الشيخ الراوي، الذين قالوا إن هاني بن بريك هو من كلفهم، وهو من أعطاهم السلاح والمال، ومن شكرهم، ومن ثم لم يفتح تحقيق في هذا الأمر، حتى النيابة العامة لم تستدعه للاستماع لأقواله".
وأضاف: "أنا محامي، واشتغلت سنوات طويلة في قضايا الإرهاب، فبمجرد أن يذكر اسم شخص في قضية، خصوصا في قضايا الإرهاب، مباشرة يستدعى للتحقيق معه، وأحيانا يكون بريئا، ويقضي سنوات داخل السجن وهو بريء، فما بال وهؤلاء الثلاثة، الذين نفذوا عمليات الاغتيالات قالوا نحن نتبع هاني بريك!؟".
وتابع: "أنا أقول، وبكل وضوح وصراحة، وكررتها مرارا، لا يوجد في اليمن شيء اسمه مكافحة الإرهاب، هناك إدارة للإرهاب، وهناك صناعة للإرهاب، وهناك تدمير لليمن، ولسمعة اليمن، ولاقتصاد اليمن بهذه المصطلحات التي تطلق".
وأردف: "الإرهاب يدار من قبل أجهزة رسمية داخل هذه الجماعات المسلحة، سواء كانت الجماعات المسلحة الموجودة في الجنوب، أو حتى الجماعات المسلحة الموجودة في الشمال".