تقارير
لماذا غابت الاحتفالات الرسمية في ذكرى ثورة 14 أكتوبر؟
في الذكرى الـ59 لثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيد، يحتفي اليمنيون بذكرى تحرير جنوب اليمن من الاستعمار البريطاني، بفعاليات وكرنفالات، وأغانٍ، وخطابات وطنية.
تأتي هذه المناسبة لتعكس مدى التفاف اليمنيين وحضورهم وتمسّكهم بالجمهورية اليمنية، ومبادئها، لمقاومة التحدّيات الراهنة التي تهدد بطمس قيام الثورة والجمهورية، وتذكّرهم بانتصارهم التاريخي ضد المستعمر البريطاني، حتى في تلك المناطق الواقعة تحت سيطرة المليشيا.
- احتفاء رغم النكسات
يقول المحلل السياسي، حسن مغلس: "إن هذه المناسبة واجب على كل اليمنيين الاحتفاء بها، لسبب واحد وهو أن هناك أناسا في مثل هذه اللحظة قبل 59 عاما، قدموا أرواحهم من أجل الانتصار للحق والعدالة والحرية".
وأصاف: "اليوم، ونحن نحتفل بهذه المناسبة، نشعر ببعض النكسات الموجودة في الاحتفالات، لأسباب كثيرة، وأهمها انقلاب مليشيا الحوثي على الدولة، وما ترتّب عليه من وقوع البلد بكامله اليوم تحت سيطرة خارجية".
- وأوضح أن "التدخلات الخارجية جاءت إلى اليمن وشكّلت عوائق أخرى بدلا من مساعدة اليمنيين للرجوع إلى الوضع السليم، ومن ضمنها صناعة المليشيات، التي تعيق إقامة هذه الاحتفالات، لأسباب لو نناقشها سنجدها في غاية التفاهة، في الوقت الحالي".
واعتبر عدم إلقاء رئيس الدولة كلمة بهذه المناسبة "مأساة"، متسائلا: "كيف بالمجلس الرئاسي، الذي جيء به غصبا عن الشعب، وهو يعيش في الخارج، بعد أن سلّم البلاد للمليشيات، أن يدير لنا احتفال داخل اليمن!؟".
وقال: "نحن لا نستطيع أن نحتفل، وقيادة الدولة بكاملها لا تستطيع أن تحتفل، فاليمن اليوم مصاب في رأس هرم الدولة، الغير موجود والغير محتفل، ولم نسمع له صوتا في الاحتفال، فكيف بالشعب الذي يعاني، بعد كل هذه المأساة".
وأشار إلى أن "هذه القيادة أصابت المواطنين بنكسة"، مضيفا أن "المواطن يحتفل لكنه غير فرحان، بعد أن كان يأمل أن تكون هذه المناسبة فرصة - على الأقل - لاستقرار الوضع واستتباب الأمن، وإلقاء خطاب رسمي".
وتابع: "لا نلوم التدخلات الخارجية، وإن كانت السبب الرئيسي، بل اللوم على من نصّبوا أنفسهم لقيادة هذا الشعب".
وذكر أن "الحال وصل إلى أن المليشيا تقتحم المدارس، وتمنع إقامة الاحتفالات في المدارس، ورفع علم الجمهورية اليمنية، وتمارس الإرهاب بحق الطلاب والطالبات، والمدرسين والمدرسات، في ظل صمت من قِبل هؤلاء من نصبوا أنفسهم مسؤولين على اليمنيين".
- من الكبائر السياسية
من جهته، يقول الوزير اليمني السابق، صالح سميع: "احتفال اليمنيين بهذه المناسبات يعد رسالة واضحة، وخصوصا في ظل عدم الاهتمام الرسمي هذا العام، والذي لم أجد له تفسيرا حتى هذه اللحظة، من المجلس الرئاسي إلى مجلس النواب، وهو أمر في منتهى الغرابة، ولهذا كان الاحتفاء على المستوى الشعبي غير مسبوق، وهي رسالة لحسابات السياسيين الضيّقة، وسيعرفون أنها ضيّقة في قادم الأيام".
وأضاف: "عدم الاحتفاء بعيد ثورة 14 أكتوبر أنا اعتبرها من الكبائر السياسية، التي لا يمكن أن يغفرها الشعب اليمني في قادم الأيام".
ويرى أن "القيادة السياسية اليوم في المحك، إما أن تكون على مستوى الحدث، فتدخل التاريخ من أوسع أبوابه، وإما أن تظل مواقفها هكذا وستنسى في قادم الأيام، وستبقى قضاياهم الوطنية الكبرى حاضرة على المستوى الشعبي، ومن تغافل عنها لحسابات صغيرة سيندم في المستقبل".
وأوضح أن "الاحتفاء اليوم يأتي لوجود ترابط موضوعي بين ثورتي سبتمبر وأكتوبر، فبمجرد ما اندلعت ثورة سبتمبر انطلقت بعد عام في أكتوبر أول شرارة من جبال ردفان".
وأشار إلى أن "القضية اليمنية ذات وحدة موضوعية في الشمال والجنوب، ففي الشمال كانت إمامة متخلّفة، وفي الجنوب استعمار بريطاني".
وقال: "عندما قامت الثورة في الشمال على الإمامة كانت أعين ثوار سبتمبر على الاستعمار البريطاني في جنوب الوطن، لهذا لم يمضِ عام حتى انطلقت شرارة أكتوبر من جبال ردفان، وكانت مناطق الشمال، وخصوصا تعز، هي مأوى لثوار 14 أكتوبر".
وأضاف: "قضية اليمن واحدة، والأرض واحدة، وكل ما في الأمر أن هناك في الشمال إمامة ومستعمر اقتطع جزءا من الوطن ليؤمّن مستعمراته في الهند، ويؤمّن الطريق البحري".
وأشار إلى أن "قضايا اليمن الكبيرة يكفي أن يحتفي بها الشعب في كل وقت وحين، ولا تغيب عن باله قط"، مضيفا: "نحاول أن نتلمس الأعذار في هذا أو ذاك، لكن ما يتعلق بثورة أكتوبر والاحتفاء والاحتفال بها وتعظيم شعائرها فهذه مسألة لا يمكن أن تغتفر في قادم الأيام على الإطلاق".
واعتبر أن "مليشيا الحوثي تهدف إلى الانفصال، وإن كان ذلك غير معلن، لكونها غير قادرة على حكم الشعب اليمني كاملا، وتريدها من نقيل سمارة ومطلع، وتعتبرها من بصيرة جدّها من أيام الهادي، وأن في الجنوب عبارة عن ورثة الاستعمار"، مشيرا إلى أن "المسألة مسألة وقت، وإن شاء الله سيتعافى اليمن، ونراه في كامل صحته من جبال صعدة وحتى سقطرى، ومن أقصى الغرب إلى أقصى الشرق".
ويرى أن "عدم اتعاظ المستعمر الجديد مما حدث للاستعمار البريطاني يعد غباء"، قائلا: "كنا نتمنّى من المستعمر الجديد أن يكون ناصرا لنا في مشكلتنا مع إيران ومليشيا الحوثي، لكن -للأسف- صار جزءا من المشكلة اليمنية بحد ذاته".
وأضاف: "كانت اليمن بعد الانقلاب الحوثي، وتدخل إيران، في حدبة واحدة، فاستعنا ببعض حلفائنا، فإذا بهم يصنعون لنا الحدبة الثانية، فصارت لنا حدبة في الشمال وحدبة في الجنوب، ومجلس رئاسي كان الله في عونه".
- على طريقة المليشيا
يقول الناشط السياسي، محمد علي جابر: "عدم الاحتفال بشكل رسمي، من قِبل قيادة الدولة، في ذكرى ثورة 14 من أكتوبر، أمر مستغرب، وكذلك صمتها عمّا تقوم به مليشيا الانتقالي من منع الاحتفال بهذه الذكرى المجيدة".
وأضاف: "مليشيا الانتقالي تريد الاحتفال بالذكرى على طريقتها، احتفال بدون ذكر اسم اليمن، وبدون رفع العلم الجمهوري، وبدون نشيد وطني، وهنا في حضرموت خرج القيادي في المليشيا ليصف الجيش والدولة بالاحتلال، ويناشد التحالف المحتل بإخراج الجيش من حضرموت، وهذا يعني أننا خرجنا من استعمار بريطاني إلى استعمار متخلف".