تقارير
مؤتمر الخبراء والباحثين اليمنيين بإسطنبول يناقش أزمات الصحة النفسية وجودة الأدوية
ناقش باحثون وأكاديميون يمنيون خلال جلسة علمية ضمن مؤتمر الباحثين والخبراء اليمنيين المنعقد في مدينة إسطنبول، والذي تنظمه مؤسسة توكل كرمان، ناقشوا عددًا من القضايا الصحية والعلمية التي تمس واقع المجتمع اليمني في ظل ثمانية عقود من الصراعات وما خلفته من أزمات ممتدة أثرت على الإنسان ومؤسسات الدولة على حد سواء.
ففي ورقتها البحثية المعنونة "خارطة الصحة النفسية للمجتمع اليمني بعد ثمانية عقود من الصراعات"، أكدت أ.د. نجاة صائم خليل أن الصراعات المتواصلة منذ ستينيات القرن الماضي أدت إلى تدهور خطير في الصحة النفسية للسكان، حيث تشير الدراسات إلى أن أكثر من تسعة ملايين يمني يعانون من اضطرابات نفسية، وأن نسب انتشار الاكتئاب بلغت 27%، والقلق 25%، واضطراب كرب ما بعد الصدمة 45%.
وأوضحت أن الحرب المستمرة منذ عام 2014 خلقت بيئة مثقلة بالضغوط، في ظل انعدام برامج وطنية متخصصة، ونقص حاد في الأطباء النفسيين والخدمات العلاجية، مما يجعل اليمن أمام أزمة نفسية مركّبة تهدد النسيج الاجتماعي ومستقبل الأجيال.
البحث العلمي بين النمو الكمي والضعف المؤسسي
واستعرض الباحث كمال حزام في دراسته "تقييم بيئة البحث العلمي في اليمن" نتائج تحليل ببليومتري للإنتاج العلمي اليمني في قاعدة Scopus، والتي أظهرت وجود 13,797 وثيقة علمية منشورة بين عامي 1990 و2024 بمعدل نمو سنوي 13%، مع ارتفاع لافت في السنوات الأربع الأخيرة.
وأشار إلى أن 79.7% من الأبحاث اليمنية تمت بالتعاون مع مؤسسات خارجية، ما يعكس اعتمادًا كبيرًا على الشراكات الدولية مقابل ضعف الهيكل البحثي الوطني، نتيجة شح التمويل، وتعقيدات الإجراءات، وغياب البنية التحتية البحثية، داعيًا إلى إصلاح السياسات وتفعيل دور الباحثين اليمنيين في الداخل والمهجر.
مخاطر سوق الأدوية وضعف الضبط الدوائي
وفي بحثه بعنوان "مخاطر سوق الأدوية في اليمن: تقييم ممارسات التخزين وجودة الأدوية وخطر تهريبها"، حذّر د. غمدان بشر من انهيار منظومة الضبط الدوائي في البلاد، حيث أدى ضعف الرقابة وتدهور البنية التحتية إلى تداول أدوية منتهية أو منخفضة الجودة، فضلاً عن انتشار ظاهرة التهريب الدوائي التي تشكل خطرًا مباشرًا على الصحة العامة.
ودعا الباحث الأكاديمي إلى إصلاحات قائمة على الأدلة تشمل تطوير القدرات المخبرية وتطبيق معايير الجودة العالمية لاستعادة الثقة في النظام الدوائي الوطني.
واقع صحة الفم والأسنان
من جانبها، عرضت د. زينب الحمادي مراجعة بعنوان "صحة الأسنان في اليمن"، تناولت فيها التحديات المتراكمة التي تواجه هذا القطاع الحيوي، مشيرة إلى أن خدمات طب الأسنان تعاني من نقص الكوادر والتجهيزات، وضعف دمجها في منظومة الرعاية الصحية الأولية.
وأكدت على أهمية تبني مقاربة شاملة لإصلاح القطاع عبر شراكات بين القطاعين العام والخاص، وإشراك المنظمات الدولية في دعم برامج التدريب والرعاية المجتمعية المستدامة.
وخلصت الأوراق المقدّمة إلى ضرورة إعادة بناء المنظومات الصحية والعلمية في اليمن على أسس علمية ومؤسسية حديثة، وتطوير برامج الدعم النفسي، وتشجيع البحث العلمي التطبيقي، وتعزيز الأمن الدوائي والرقابة على جودة الأدوية، بوصفها ركائز أساسية في طريق التعافي الوطني وإعادة بناء الإنسان اليمني بعد سنوات الحرب.