تقارير
بعد توقيع الهدنة ووقف الحرب في غزة.. ما أهداف مليشيا الحوثي؟
"الهدنة في غزة قد تعني بدء حرب في مكان آخر"، هكذا قال مسؤول إيراني، في إشارة إلى أن الوضع الإقليمي قد لا يكون في موقع يسمح بإغلاق كافة ملفات المنطقة، بالرغم من توقف الحرب في غزة، ولو مؤقتًا.
توقف الحرب في غزة حتى الآن يبدو مصممًا ليستمر، إلا أن ذلك غير مؤكد بالنظر لطبيعة الحكومة الإسرائيلية وأهدافها.
- ملفات داخلية
يقول الصحفي طالب الحسني: "اتفاق الهدنة في غزة وتوقف الحرب هناك سينعكس في مسارين؛ المسار الأول هو العودة إلى الاهتمام بملفات أخرى لها علاقة بالداخل: هناك استحقاق له علاقة بالحكومة وبإعادة تعيين رئيس حكومة ووزراء، أي بديل عن الذين استشهدوا".
وأضاف: "والمسار الآخر هو التأهب أيضًا، لأن هناك توقعات كبيرة بأن كيان العدو الإسرائيلي قد يقوم بغارات قد تستهدف اليمن، وبالتالي ليس هناك إيمان كامل بانتهاء الحرب".
وتابع: "هذه جولة، خاصة أن كيان العدو الإسرائيلي والولايات المتحدة يحاولان أن يفصلوا بين اليمن وجبهة غزة أو جبهة فلسطين".
وأردف: "بالنسبة لهذا المحور، المحور الأمريكي، هناك ترتيبات ربما كبيرة بعدوان على المنطقة، قد يأتي على إيران وقد يأتي على اليمن، ولذلك هناك تأهب وعدم يقين بأن العدو الإسرائيلي قد سلم، وبالتالي سيذهب إلى مسار آخر وهو تنفيذ الالتزامات الخاصة باتفاق غزة".
وزاد: "من الواضح أن كيان العدو سيذهب في غزة إلى ما يقوم به في لبنان، فهو يقارب غزة ولبنان بنفس المستوى، بمعنى أنه سيكون هناك غارات واستهدافات بين حين وآخر، مثل ما يفعل في لبنان لمنع عودة حماس ومنع حزب الله من العودة والترميم".
وقال: "أعتقد أنهم سيتجاوزون هذه المرحلة، حزب الله لن يسلم سلاحه، وسيعود بترتيبات كبيرة جدًا، ويرمم نفسه بسرعة كبيرة، وهناك فشل في الخيار الأمريكي المرتبط بنزع السلاح، ولهذا ستبقى المنطقة في حالة توتر كبير، ومن ضمنها اليمن".
وأضاف: "لكن اليمن (جماعة الحوثي) سيستغل هذه الفترة للترتيبات الداخلية؛ لأن هناك أمورًا كثيرة تحتاجها حكومة صنعاء والمجلس السياسي الأعلى (التابع للجماعة) للقيام بهذه الترتيبات، من ضمنها ترتيبات اقتصادية متعلقة بمسار مطار صنعاء، وهذا ما يمكن أن يحصل".
وأوضح: "التحالف الذي قامت به الولايات المتحدة لم يتشكل لحماية مصر أو السعودية أو أفريقيا، بل لحماية العدو الإسرائيلي؛ فالمقاربة الدولية تربط العمليات في البحر الأحمر بغزة".
واعتبر: "معظم السفن، بما فيها 'ماجست' و'جلاكسي' مؤخرًا، والسفينة 'الهولندية'، مرتبطة بدعم كيان العدو الإسرائيلي اقتصاديًا وهي مسألة حظرتها اليمن، وبالتالي تعاملت (جماعة الحوثي) معها".
وأكد: "اليمن (جماعة الحوثي) تعامل مع هذا الوضع بشكل مستقل، وكانت هناك محاولات دولية لمساعدة غزة، ولذلك لا يمكن لأحد القول إن مساعدة غزة كانت خطأ".
واستطرد: "العالم الحر، بما في ذلك أحرار غزة وقيادتها، ومؤخرًا كان خطاب خليل الحية واضحًا، يرى أن عمليات اليمن هي مع غزة بغض النظر عن الخلافات مع كثير من الجهات".
ويرى: "القول إن الحركة (الحوثية) في اليمن تريد الحروب المستمرة خطأ كبير، إذ لا أحد يحب الحروب، فهي مكلفة وتمنع الاستقرار، ويستغلها العدو لتحريك أدواته ضد اليمن".
وبيّن: "إذا استقر السلام في المنطقة يمكن العودة إلى المسار السياسي مع السعودية، ومحاولة إخراج اليمن من الحصار الجزئي، وإعادة الأمور المتعلقة بالشق الاقتصادي".
واعتقد: "العمليات العسكرية في البحر الأحمر ستتوقف بما أن الحرب في غزة توقفت، وستتوقف ولن تعود إلا إذا كان هناك عودة إلى العدوان على غزة لأي سبب آخر".
- حرب داخلية
من جهته؛ يقول المحلل والباحث الأكاديمي الدكتور عبد الوهاب: "مليشيات الحوثي سوّقت لنفسها منذ 7 أكتوبر أنها ضمن محور الممانعة، وأنها تنصر غزة؛ هذه الدعاية الباطلة تُثبتها الأيام".
وأوضح: "استهداف الموانئ الدولية والسفن، وآخرها السفينة الهولندية في خليج عدن، وقبلها إغراق 'ماجيك سيز' و'إنترنيتي سي' و'جلاكسي'، قرصنة وتأثير على اليمن، ورفع كلفة الشحن والتأمين البحري الذي تضرر منه اليمنيون".
وأضاف: "الصواريخ والمسيّرات لم تحدث أي ضرر بإسرائيل، بل وجدت المبرر بأنها تستهدف العرب، وبالتالي استمر عدوانها على سوريا وعلى اليمن، وضربت كل ما استطاعت من مطارات ومحطات كهرباء ومصانع، وآخرها الضربة التي حدثت لمجموعة أحمد الرهوي ومن كان معه".
وأردف: "صحيح أنهم وزراء واجهة ولا يمثلون ثقلًا عسكريًا أو سياسيًا للجماعة الحوثية الانقلابية، التي انقلبت على الشرعية وأدخلتنا في نفق مظلم، وعشرية سوداء قتلت اليمنيين، فجّرت المساجد، هجرت الملايين، وأقامت هذه الحرب لتعيد الهاشمية السياسية وتدّعي مظلومية أهل غزة، وهي أكبر ظالم لليمنيين، والآن تصريحات محمد علي الحوثي تهدد الإمارات والسعودية".
وتابع: "بمعنى آخر، الجماعة الحوثية لا تمتلك أي مشروع سلام، تحاول أن تصدر الشعارات باتجاه إسرائيل وتحاول زج الشباب نحو الجبهات لمحاربة إسرائيل واليهود، وهم لا يقتلون إلا اليمنيين في تعز والضالع وعدن، ويمنعون تصدير النفط الخام والغاز الطبيعي، واستهداف مطار مدينة عدن".
وأكد: "هذه الجماعة الانقلابية الكهنوتية، التي أتت من كهوف صعدة، تحاول تحويل الشعب اليمني إلى أداة لخدمة إيران ومشروعها النووي، وتدّعي أنها تقوم بالممانعة، بينما هي تقتل الشعب اليمني".
واستطرد: "الشعب الفلسطيني في غزة والضفة وفي كل مكان يفرح بهذه التهدئة ويريد سلامًا؛ ونحن لأننا لا نمتلك في اليمن أي مقوّمات الدفاع الجوي".
وأشار: "توقعاتي أنه سيتم ضرب القيادات الحوثية مثلما ضربت قيادات حزب الله، والاستخبارات الإسرائيلية استحدثت وحدات جديدة للوصول إلى تلك القيادات الهامة".
وتابع: "المعركة ستسوى في غزة، لكنها في اليمن ستفتح فصولًا جديدة، ولا أتوقع أن الحوثيين ينسون هذا الأمر، ولذلك اتجهوا نحو الإمارات والسعودية لتهديد المجتمع الدولي باستهداف منافع النفط".
وقال: "الحوثي لا يستطيع أن يعيش إلا في الحروب، وإذا توقفت الحروب ستنتهي جماعة الحوثي؛ لأنها جماعة مارقة، قاتلت الدولة في صعدة أيام الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وهي جماعة ضالة تؤمن بالحق الإلهي ولا تؤمن بالتعددية أو السلم الأهلي، وتعتقد أن من حقها الحكم".
وأضاف: "الحوثيون ينظرون لقداسة إلهية، وأن الحق بالحكم حق إلهي؛ كل ما حدث من حروب صعدة وما بعدها، وانقلابهم على الدولة وقتلهم اليمنيين، وتفجير المساجد وتشريد اليمنيين، يدل على أنهم جماعة مارقة ظالمة، تستلهم التجربة الإمامية الظالمة لتضيف عليها مظلومية جديدة، وهي مظلومية كل اليمنيين".
وأوضح: "الحوثيون يريدون تفريق اليمنيين، ولديهم من الميكافيلية وفرق تسد الكثير (الكثير من الشواهد)، والغاية تبرر الوسيلة هي أحد شعاراتهم".
وتابع: "فرّقوا اليمنيين وقسموهم، واستطاعوا السيطرة عبر الصراعات السياسية منذ 2011، واستولوا على السلطة بتحالف مشؤوم، ثم انقلبوا وقتلوا الرئيس السابق علي عبد الله صالح".
وأشار: "علينا -نحن اليمنيين- أن نكون فاهمين الدرس؛ عبد الملك الحوثي يقول بصريح العبارة إنه يجب على الجميع الاستعداد، وسيتجه إلى حرب داخلية ضروس".
وقال: "يجب علينا في الحكومة الشرعية والقوات المختلفة، التي تشكلت طوال هذه السنوات، أن نرص الصفوف، ونمنع التجاذبات، ونوحد الصف في غرفة عمليات مشتركة".
وأضاف: "الحوثي ليس لديه سيناريو إلا الهجوم على السفن والهجوم على الداخل اليمني، وهذا ما سيقوم به".
وأشار: "إسرائيل تفهم أن الحوثيين نسخة أخرى من حزب الله وذراع لإيران، وإيران تشكل الخطر الكبير، لكنهم سيبدأون بأذرعها، وقد استطاعوا في لبنان وسوريا تحقيق إنجازات".
وخلص إلى القول: "حتى لو حصل اتفاق في غزة وهدنة وسلام، لن يتوقفوا؛ لأنهم لا يعيشون إلا بالحروب، وسيذهبون نحو مقاتلة اليمنيين والمجتمع الدولي، ولذلك لا بُد من معركة وطنية لتحرير اليمن من هذه الجماعة".