تقارير
ما التحديات التي تواجه البنوك بعد قرار نقل مراكز أعمالها من صنعاء إلى عدن؟
في خطوة غير مسبوقة، تستعد البنوك اليمنية في مناطق سيطرة الحوثيين لعملية نزوح جماعي نحو العاصمة المؤقتة عدن، وسط تصاعد المخاوف من ردود فعل انتقامية من قبل الجماعة، قد تصل إلى مصادرة الأصول وتقييد حركة الأموال. يأتي هذا التحرك بعد تصنيف دولي جديد فرض قيودًا صارمة على التعاملات المالية مع الجماعة، مما دفع القطاع المصرفي إلى البحث عن بيئة أكثر أمانًا واستقرارًا.
وكشف البنك المركزي اليمني أنه تلقى إشعارات خطية من معظم البنوك التي تتخذ من صنعاء مقرًا لها، تفيد بقرارها نقل أنشطتها إلى عدن تفاديًا للعقوبات الدولية. ورحب البنك بهذه الخطوة، مؤكدًا استعداده لتقديم كافة التسهيلات لحماية المؤسسات المالية وضمان استمرارها في تقديم الخدمات للمواطنين داخل البلاد وخارجها.
وأكد البنك المركزي أنه سيعمل على التحقق من تنفيذ عمليات النقل وإصدار شهادات رسمية بذلك، كما شدد على أهمية التعامل مع هذه التطورات بمسؤولية عالية لحماية مصالح العملاء والاقتصاد الوطني.
يرى مراقبون أن عملية نقل البنوك إلى عدن محفوفة بالمخاطر، إذ قد تواجه المؤسسات المصرفية ردود فعل حوثية عنيفة، قد تشمل مصادرة الأصول وفرض قيود جديدة على حركة الأموال.
ويشير الباحث الاقتصادي اليمني عبد الحميد المساجدي إلى أن تصنيف الجماعة منظمة إرهابية يضع البنوك العاملة في صنعاء أمام مخاطر قانونية دولية، مما قد يؤدي إلى عزلها عن النظام المالي العالمي. ويضيف أن هذه التطورات تعكس مدى الخطورة التي باتت تحيط بالقطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة.
في حين أعلن البنك المركزي في عدن عن دعمه لانتقال البنوك، يرى محللون أن طريقة التعامل مع هذا الملف لم تكن محكمة التخطيط، بل تسببت في كشف موقف البنوك علنًا، مما قد يجعلها عرضة لضغوط حوثية مباشرة.
كما أن مسألة نقل الأرصدة لا تزال غير واضحة، خاصة مع وجود فروقات كبيرة في سعر الصرف بين صنعاء وعدن، وهو ما قد يخلق تعقيدات إضافية للقطاع المصرفي والمودعين.
لم يكن هذا القرار الأول من نوعه، ففي أبريل 2024، أمهل البنك المركزي اليمني المصارف 60 يومًا لنقل مقارها إلى عدن، كما قرر سحب العملة القديمة التي يستخدمها الحوثيون. إلا أن وساطات أممية أدت إلى تعليق التنفيذ بعد تهديدات مباشرة من الجماعة بتفجير الأوضاع ونسف التهدئة الاقتصادية.
كما شهدت السنوات الماضية سلسلة من الإجراءات الحوثية التي زادت من عزلة القطاع المصرفي، حيث فرضت الجماعة قيودًا على التحويلات المالية، ومنعت تداول الأوراق النقدية الصادرة عن البنك المركزي في عدن، مما أدى إلى تفاقم الانقسام المصرفي في البلاد.
بينما تسعى البنوك للهروب من العقوبات الدولية، تظل المخاطر المحلية تحديًا حقيقيًا، في ظل سيطرة الحوثيين على المؤسسات المالية في مناطقهم. يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن المصارف من تنفيذ خطط النزوح دون خسائر كبيرة، أم أن الحوثيين سيتخذون خطوات انتقامية قد تعيد الأمور إلى نقطة الصفر؟