تقارير
ما الذي تحمله اللقاءات السياسية والعسكرية الأخيرة للأزمة اليمنية؟
تعكس اللقاءات العسكرية والدبلوماسية الأخيرة، تحركات دولية وإقليمية لإعادة صياغة المشهد اليمني، لكنها لن تؤتي ثمارها ما لم ترافقها جهود محلية صادقة لمعالجة الانقسامات وبناء مشروع وطني جامع، لأن الحل لا يأتي من الخارج بل من الداخل.
تبدو الحاجة إلى معركة وطنية يقودها اليمنيون بأنفسهم بعيدا عن التدخلات الإقليمية والدولية، ماسة، لكن الواقع يكشف عن صعوبات كبيرة في تحقيق هذا الهدف بسبب الانقسامات السياسية والخلافات بين مكونات السلطة التي تفقد اليمنيين القدرة على خلق إنجاز يتجاوز الحسابات الضيقة، يصب في مصلحة البلاد كلها.
الخلافات وتضارب المصالح تضعف موقف الشرعية أمام ميليشيا الحوثي، وتقلل من فرص نجاح أي جهود دولية لدعم اليمنيين في معركة استعادة الدولة، فهل يمكن بناء توافق سياسي داخلي يعيد الثقة بين الأطراف المختلفة ويكون الخطوة الأولى نحو إنهاء الحرب وبناء يمن جديد قادر على مواجهة تحدياته المستقبلية، أم أن القوى العسكرية الممولة والمدارة من الخارج بهدف استمرار المشكلة لا يمكن أن تتحول إلى أداة للحل؟
ما الجديد في هذه اللقاءات؟
يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحديدة، الدكتور فيصل الحذيفي، نحن خلال عشر سنوات من المعارك والقتال وامتداد الأزمة اليمنية، لم تخل من اللقاءات على هذا النحو، لكنها كانت غير معلنة ولم تكن أيضا موضع مثار يستحق المتابعة الإعلامية أو كوضع حساس كما هو الحال الآن.
وتساءل: ما الذي يختلف في اللقاءات العسكرية الآن عن اللقاءات العسكرية السابقة؟ مضيفا: نحن كنا نعلم بأن الجيش اليمني كان على أبواب صنعاء، كان في نهم وفي أرحب، وكان أيضا في منتصف الحديدة، وهذه القيادة العسكرية الأمريكية والبريطانية، التي تلتقي مع القيادة العسكرية اليمنية، اليوم، هي نفسها من أوعزت لهذه القيادة بالانسحاب إلى مأرب وإلى المخا.
وتابع: ينبغي النظر إلى مثل هذه اللقاءات بعين الريبة أو بعدم رفع التفاؤل، التي لا ينبغي أن يبنى عليها نتائج ذات قيمة، فالأهداف الأمريكية والبريطانية في المنطقة لا تتقاطع مع أهداف دول المنطقة، فكل له أهدافه، ولا يمكن أن تكون أهداف الولايات المتحدة وبريطانيا، استعادة الدولة اليمنية لليمنيين، وإذا فهمنا هذه اللقاءات على أن أمريكا وبريطانيا تهدف لاستعادة الدولة لليمنيين، ستكون أضحوكة.
وأردف: السلام وترتيب الجيش اليمني ودعم الاقتصاد اليمني، هذه مآسي لها 10 سنوات لم نر من هذه اللقاءات شيئا يذكر تجاه مثل هذه الأهداف التي تخصنا ولا تخصهم، كما نرى مضامين هذه اللقاءات من خلال وسائل الإعلام.
وزاد: الولايات المتحدة الأمريكية تعلن أن أهدافها واضحة مثلا: أن القيادة المركزية الأمريكية تدعم السلام والاستقرار والأمن في المنطقة، أي بعيدا عن أهداف اليمنيين الذين فقدوا الدولة، والاقتصاد، والأمن والاستقرار، وهذا يعني أنه لا يوجد تقاطع كبير في هذا الجانب الا فيما يخص حماية الملاحة البحرية التي تخص الدول الكبرى الصناعية والاقتصادية.
وقال: التحركات قد تشير إلى دعم عسكري مباشر للحكومة الشرعية، لكن الوقائع على الأرض لا تنسجم مع مثل هذه الرؤية.
وأضاف: لنفترض بأن القوات الأمريكية والبريطانية، أو الرباعية بشكل عام، قررت دعم الجيش اليمني لتحرير نفسه والإطاحة بالحوثيين، حتى الآن في اليمن لا يوجد عندنا جيش وطني موحد حتى يمكن دعمه، ستدعم أي جيش؟ هل ستدعم جيش طارق عفاش؟ أم جيش الانتقالي؟ أم جيش مأرب؟ أم جيش تعز؟ أم جيش السلفيين؟
وتابع: عندنا معضلة دنيوية في هيكلة الجيش، هناك قوى خارج الشرعية، وقوى خارج الدستور، وقوى ليست مندمجة لا في وزارة الداخلية، ولا في وزارة الدفاع، لذا لمن سيتوجه هذا الدعم؟
مصالح الدول
يقول الباحث السياسي المختص في الشأن الإيراني، وقضايا الشرق الأوسط، وجدان عبد الرحمن، إن ما يتعلق بتغيير مواقف الدول، فهو يأتي في إطار مصالح الدول في نهاية المطاف، وأن تكون هذه المصلحة للدولة التي تساهم أو تستقبل هذا الموقف، وهذا شاهدناه حتى في سوريا، احمد الشرع الذي كان تحت العقوبات الأمريكية ووضعت 10 ملايين دولار من أجله، أمريكا اليوم، والدول الغربية التي كانت تضعه في قائمة الإرهاب، جلست معه من أجل مصالحها.
وأضاف: هذه التغييرات في العمل السياسي وفي والمواقف موجودة، فلذلك ليس من المستبعد أن تغير الولايات المتحدة، وأيضا الدول الأوروبية، سياساتها بعد التهديد الذي تلقته من ميليشيا الحوثي، والمشروع الإيراني.
وتابع: زيارة المبعوث الأممي إلى إيران، وعودته خالي الوفاض، هذا منتظر، لأن إيران اليوم بدأت تفقد حلقاتها ومشروعها في المنطقة، وكل ما تبقى لها حاليا هي ميليشيا الحوثي، وإطلاق الصاروخ مساء أمس باتجاه إسرائيل يبين بالفعل أن إيران ماضية في هذا المشروع بالاعتماد على أذرعها في المنطقة، ومنها الجماعة الحوثية.
وأردف: إيران لن تسلم جماعة الحوثي بطبق من ذهب للشرعية أو للدول الغربية والولايات المتحدة، وحتى تصريحات الميليشيات الموالية لإيران في العراق وإعلانها بأنها لن تترك مواقعها ولن تترك السلاح، ولن تكون ضمن الجيش العراقي، وخاصة بعد زيارة إسماعيل قاآني إلى العراق التي كانت متزامنة مع زيارة رئيس وزراء العراق السوداني، إلى إيران، دليل آخر بأن المشروع الإيراني مستمر.
ما الحل؟
يقول رئيس التوجيه المعنوي في الجيش الوطني سابقا، اللواء محسن خصروف: ما نأمله أو يأمله الجميع أن تصبح المواقف الأمريكية والبريطانية والأوروبية، مواقف صادقة إزاء القضية الوطنية اليمنية، لأن بريطانيا وأمريكا وكثير من دول أوروبا أحبطت كثير من المشاريع الوطنية اليمنية، وأعادتنا إلى الخلف أكثر من مرة، في نهم حينما وصلنا إلى مشارف صنعاء وفي الحديدة حينما وصلنا إلى مسافة 3 كيلو متر من الميناء.
وأضاف: قوات الجيش الوطني كانت في جولة يمن موبايل وفي المطار، وكانت الحديدة قاب قوسين أو أدنى من التحرير، وأجهض تقدمها، ومنعت من الدخول، بذريعة ما قالوا، إنه حرصا على أرواح المواطنين، فيما قتل الحوثي خلال هذه الفترة من المواطنين عشرات أضعاف ما كان يمكن أن يحدث من خسائر بشرية حينها.
وتابع: الآن وصل تهديد الحوثي إلى الأمريكان وإلى البريطانيين والألمان، وإلى غيرهم، لذا هم الآن يبحثون عن حل، والحل موجودا، وببساطة شديدة الحل في أنهم يتركونا نحن والحوثيين وجها لوجه، إما أن نتقاتل حتى ينتصر أحدنا أو نتفاوض حتى يتحقق السلام.
وأردف: أنا من أنصار السلام وأتمنى أن ينصاع الحوثي لحوار وطني شامل، نصل به إلى قواسم مشتركة وإلى دولة يتعايش فيها الجميع، بعيدا عن الشعارات، والعنصرية، والسلالية، والمناطقية، دولة يمنية مدنية ديمقراطية تعددية، يعيش فيها الجميع الحوثي والمؤتمر والاشتراكي وغيرهم.
وزاد: أنا لا أثق بالأوروبيين والأمريكان، لكن أتمنى أن يكونوا صادقين، في موقفهم الأخير مما يجري في اليمن.
وقال: فكرة استعادة الدولة واستعادة صنعاء، هدف استراتيجي للجيش الوطني وهو قادر عليه، وهو قادر أن يصل إلى صنعاء، بغض النظر عن ما يترتب على ذلك.