تقارير

ما دلالات وجدوى زيارات بن مبارك المفاجئة إلى الجهات الحكومية في عدن؟

27/02/2024, 13:02:02

الإهمال في الأداء، والتغيّب عن العمل، وعدم إنجاز المهام، هذه كانت الأسباب الرئيسية، التي وجّه على إثرها رئيس الوزراء، أحمد بن مبارك، بإحالة قيادات في مصلحة الضرائب للتحقيق.

جاء ذلك خلال زيارة ميدانية مفاجئة قام بها إلى مصلحة الضرائب في عدن للاطلاع على سير العمل، متفقدا أقسام ودوائر ووحدات العمل هناك، وفقا لوكالة "سبأ" الرسمية.

رئيس الوزراء أكد أن ضعف الانضباط الوظيفي، الذي شاهده، وغياب الغالبية من قيادات المصلحة، يعد مؤشرا سلبيا يستوجب المحاسبة والمساءلة.

وبحسب مراقبين، فإن بن مبارك يكثّف زياراته الميدانية للجهات الحكومية في عدن، منذ الأيام الأولى، لتعيينه رئيسا للحكومة اليمنية، وقد يأتي ذلك من باب الاستهلاك الإعلامي، مشيرين إلى أنه كان يتوجّب عليه مكافحة الفساد في أروقة وزارة الخارجية، التي لا يزال وزيرا فيها، ومنع تعيينات أقارب المسؤولين في السلك الدبلوماسي، التي تستنزف خزينة الدولة بملايين الدولارات شهريا.

- خلق صورة جديدة

يقول رئيس الدائرة السياسية للحزب الاشتراكي اليمني، فهمي محمد: "من الطبيعي أن تأتي هذه التحركات كتغيير للصورة القائمة منذ سنين حول حكومة الشرعية، والأداء الوظيفي والمهني في هذه السلطة، التي تشكّلت في ظروف الحرب، وأصبحت التحالفات السياسية، أو الإدارية في هذه السلطة تخلق نوعا من الشبكات، التي قامت على أساس توزيع، أو تناغم الفساد على مستوى المنظومة السياسية بشكل عام".

وأضاف: "رئيس الوزراء، أحمد عوض بن مبارك، يحاول، اليوم، أن يخلق صورة جديدة لرئيس الوزراء؛ انطلاقا من المسؤولية الوطنية، التي يجب أن تتولى مكافحة الفساد، الذي تغلغل في السلطة الشرعية أكثر من اللازم".

وتابع: "لكن، من خلال تقييم لي أو قراءتي للحدث المتعلق في إحالة قيادات الضرائب إلى التحقيق، كانت حيثيات القرار تتعلق بعدم حضورهم، والتقصير في المهام الموكلة إليهم، بينما المشكلة في الضرائب تتعلق بفساد مالي هو خارج الوعاء الضريبي المستقطع للبنك المركزي، أو للدولة، أو للسلطة القائمة".

وأردف: "بمعنى آخر يجب أن يتم التركيز على المناقصات، وعلى الوعاء الضريبي، الذي يتم إبرام العقود على أساسه، والإيرادات، التي تضخ إلى خزينة البنك المركزي، مقابل الفائض الذي يتم الحصول عليه من خارج الوعاء الضريبي، ويذهب للفاسدين والمتنفذين، ويتقاسمونه على مستوى المحافظات، سواء على مستوى الوكلاء، أو على مستوى المحافظين والمعنيين في جهاز الضرائب".

وزاد: "أعتقد أن الضرائب هي أكبر الأجهزة، التي يمارس فيها الفساد، ويتحول المسؤولون على الضرائب، أو مدراء الضرائب، أو من يقوم باستقطاع الضريبة، إلى أغنياء، وثراء فاحش".

وقال: "سابقا، تحدثنا، في العام الماضي، أو قبل ثمانية شهور، حول ذلك، وضربنا مثالا في تعز - فقط - في ضريبة القات، وكيف تنعكس هذه المبالغ، التي تأتي خارج نطاق الوعاء الضريبي، وتذهب إلى جيوب الفاسدين والمتنفذين، وتحولهم إلى شبكات مصالح وانتفاع، ويتبادلون الفساد فيما بينهم على حساب المواطن، وعلى حساب الإيرادات العامة للدولة".

وأضاف: "كرئيس وزراء من حقه أن يحيل المقصِّرين، ومن تثبت، أو من تحوم عليهم تهمة الفساد، إلى الجهات المختصة، والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة هو المعني بإحالتهم إلى النيابة العامة".

وتابع: "لكن عندما نلاحظ، أو عندما نقف على حجم الفساد، الذي نشأ في ظل الحرب، سنجد أن الجهاز المركزي حتى اليوم لا يقوم بواجبه المهني والوطني تجاه قضايا الفساد، وكذلك الهيئة العامة لمكافحة الفساد".

وأوضح: "في تعز -أنا كمحامي- لو أضرب مثلا في نيابة الأموال العامة، رغم الفساد الموجود في كل المكاتب الحكومية، وفي كل الدوائر، إلا أننا نجد أن القضايا المنظورة أمام نيابة الأموال العامة لا تتجاوز خمس قضايا، وهي تتعلق بموظفين بسيطين، إما أمناء صناديق، أو ما إلى ذلك، وهذه الأموال تذهب إلى جيوب الكثير من المسؤولين، ويتحولون إلى أثرياء على حساب المواطن الذي يزداد كل يوم معاناة وفقرا وإهمالا في واقعنا القائم".

- بشائر خير

يقول عضو مجلس النواب، جعبل طعيمان: "نحن استبشرنا خيرا عندما يقوم رئيس الوزراء ووزير الخارجية بزيارة الضرائب، وهي من موارد الدولة الهامة، وتعرفون أن الرقابة من 2015م، وحتى الآن، معطلة، سواء للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، أو مجلس النواب".

وأضاف: "هذه الفترة طالت، والأدوات الرقابية كلها معطلة، حتى لجنة مكافحة الفساد لم يكن هناك أي تقارير عن الحسابات الختامية، ولم يكن أي شيء حتى الآن في هذه السنوات، ونجد أن البداية بداية طيبة عندما يقوم رئيس الوزراء وزير الخارجية بزيارة الموارد المالية، وينظر ماذا يعملون".

وتابع: "محاربة الفساد تبدأ بتفعيل أجهزة الرقابة أولا، تبدأ بتفعيل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وإيجاد تقارير، وإيجاد موازنة عامة على أساس يتم الرقابة عليها، والحساب الختامي".

وزاد: "يجب تفعيل أيضا مجلس النواب ولجانه الدائمة، إذا كانت هناك جدية في الرقابة على جميع موارد الدولة".

وأردف: "هناك جهات لا تريد لمجلس النواب أن يشتغل أبدا، وترى تعطيل الأجهزة الرقابية، التي طالما قد بُذل كل الجهد من أجل أن يجتمع مجلس النواب، لكن لا جديد في الموضوع، ولم يوضحوا لنا من هي الجهة التي تقف، لكن الجهة صاحبة المصلحة في الرقابة عليها، نحن نشك فيها".

وتساءل: "لماذا هذا التضخم أولا في أسعار العملة؛ بأسعار الصرف؟"، مضيفا: "الفوضى بسبب الطباعة بدون غطاء نقدي، وعدم وجود موارد، وكل جهة تأخذ من جهتها، وعدم الرقابة، فليس هناك رقابة تراقب إيرادات الدولة، وهذا يسبب التضخم على المواطن، ويسبب الغلاء".

واستطرد: "الرقابة ممثلة بالبرلمان، والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، ما هو دورهم الحالي في متابعة أداء الحكومة في مجال مكافحة الفساد، وتعزيز النزاهة؟، لنقل أن مجلس النواب لا يعقد اجتماعاته، ولكن هل بإمكانه المتابعة؟".
 
وقال: "السؤال هنا ما دور الهيئات الرقابية، مثلا مجلس النواب الجهاز المركزي للرقابة وغيرهما في مراقبة ومتابعة أداء الحكومة، يعني هل بالضرورة أن يعقد الاجتماع، أم تستطيعون متابعة العمل والمراسلات والتواصل مع الجهات المعنية؟".
 
وأضاف: "الحكومة لم تقدم أي موازنة على أساس متابعتها، الحكومة تشتغل مثل ما تريد، يعني إيرادات تنفقها كما تريد، لم تقدم أي ميزانية للدولة حتى الآن، منذ العام 2015م".

- بداية جيّدة

يقول الباحث الاقتصادي، حسام السعيدي: "بطبيعة الحال، هذا الأمر ما يزال في بدايته، ونتمنى أن لا يكون حماس البدايات، وأن يكون هناك عمل مؤسسي، وليس مجرد حماس، وزيارة يعني مؤقتة".

وأضاف: "نعم، هناك قضايا على طاولة رئيس الوزراء كبيرة جدا، هي أكبر من مجرد زيارات، والاطلاع على دوام موظف حكومي أو لا مع الأهمية الكبيرة طبعا لهذا الأمر، لكن هناك ملفات أكثر سخونة وأكثر فعالية في الأداء".

وتابع: "بالإمكان لهذا الأمر أن يحل عن طريق الأجهزة في الخدمة المدنية، مثلا: متابعة الموظفين إلى غير ذلك، وفي تصوري، هناك قضايا أخرى هامة وكبيرة على طاولة رئيس الوزراء -كما قلنا- ابتداء من ملف الكهرباء، الذي يعد مشكلة كبيرة تواجه رئيس الوزراء، ولا نعرف ما هي تصوراته لحل هذه الإشكالية في الصيف القادم".

وأردف: "لدينا إشكاليات أخرى متعلقة في قطاع الاتصالات، ولدينا مشكلات كبيرة تتعلق بالفساد، فهي فساد بحجم الكلمة".

وقال: "طبعا، نحن والجميع يدرك أهمية ما قام به رئيس الوزراء، هناك بعض الخطوات الجيدة، منها مثلا تشكيل لجنة للمناقصات، وهذا أمر مهم جدا، ربما الجميع اطلع على تقرير البرلمان الذي صدر العام الماضي، وأثار ضجة حينها".

وأضاف: "هناك الكثير من المخالفات الجسيمة، وفي نفس الوقت هناك أيضا تلاعب في موضوع الفساد".

وتابع: "لاحظنا أن البرلمان أيضا، أو اللجنة البرلمانية تحدثت عن رجال أعمال، وحين خرج رئيس الوزراء يتحدث عن وجود فساد، فهذا يعني أيضا أنه كان يحاول استخدام ملف الفساد لتمرير صفقات معينة في نهاية المطاف".

وزاد: "أنا في تصوري، هذه الخطوات كبداية أمر جيد، ونتمنى أن تستمر، لكن أن يكون هناك عمل مستمر، وأن يكون هناك تركيز على الملفات الكبيرة، التي تحل مشاكل على مستوى عامين، على الأقل على مستوى العام".

تقارير

"قصر حبشوش".. أبرز مَعَالم الحيَّ اليهودي في صنعاء يتحوّل إلى خرابة

على مقربة من البوابة الشرقية لحيّ اليهود، تظل مظاهر الخراب شاهدةً على انهيار وزوال قصر المؤرخ اليهودي اليمني "حاييم" حبشوش، تاجر الذهب والفضة الشهير، الذي عاش في الفترة ما بين 1833 ـ 1899م، وباعتباره شخصية مثقفة ومقرباً من السلطة آنذاك.

تقارير

كيف عملت السعودية على تقديم اليمن بلا ثمن لإيران وأدواتها؟

منذ ليلة السابع من أبريل من العام 2022م، لم يعد المشهد السياسي اليمني واضح المعالم، بل تدرّج نحو اندثار الصَّف الوطني، وخفوت صوت السيادة اليمنية، وذلك عبر وثيقة صدرت في القصر الملكي السعودي، مُبطلة معها عمل الدستور اليمني، ومشكلة مجلس العَار -كما يسميه الشعب اليمني هذه الأيام.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.