تقارير
مراقبون: الأمم المتحدة في اليمن تحصد ثمار تماهيها مع مليشيا الحوثي
تتواصل فصول الأزمة التي فجّرتها جماعة الحوثي عقب اقتحامها المجمع السكني الخاص بالأمم المتحدة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء واحتجازها 20 موظفًا، بينهم 15 أجنبيًا من جنسيات متعددة، بينهم مصريان، وفق ما أكدت مصادر حكومية يمنية.
وقالت المصادر إن عناصر من جهاز الأمن الوقائي التابع للحوثيين داهموا المجمع السكني في حي حدة، أحد أكثر أحياء العاصمة تحصينًا ووجودًا للبعثات الدبلوماسية، وصادروا هواتف الموظفين وأجهزتهم ووثائقهم الشخصية، قبل أن يخضعوا 31 موظفًا محليًا وأجنبيًا للتحقيق. وأفرجت الجماعة لاحقًا عن 11 موظفًا محليًا، فيما لا يزال 20 آخرون قيد الاحتجاز، بينهم خمسة يمنيين.
ودخلت مصر على خط الأزمة بعد أن تبيّن أن من بين المحتجزين مواطنين مصريين، وأعلنت الحكومة المصرية بدء التحرك الدبلوماسي «لضمان الإفراج عن مواطنيها»، وسط ترجيحات بأن تمتد جهودها لتشمل بقية الموظفين الدوليين.
في المقابل، تعهدت الولايات المتحدة بمواصلة الضغط على الجماعة المدعومة من إيران لإطلاق سراح موظفي سفارتها في صنعاء المحتجزين منذ أربع سنوات، والذين يبلغ عددهم 53 موظفًا محليًا، بعضهم يواجه تهمًا ملفقة بالتجسس لصالح واشنطن وتل أبيب.
السفير الأميركي لدى اليمن ستيفن فاغن وصف احتجاز الموظفين بأنه «انتهاك صارخ للكرامة الإنسانية»، مؤكدًا أن واشنطن «لن تتوقف عن الضغط حتى الإفراج الكامل عن جميع المحتجزين دون قيد أو شرط».
وفيما أكدت الأمم المتحدة أنها تتابع التطورات عن كثب وتتواصل مع سلطات الحوثيين والدول المعنية «لمعالجة الوضع الخطير في أسرع وقت»، اعتبرت شخصيات يمنية أن ما حدث ليس سوى نتيجة طبيعية لسياسة التراخي الأممي.
وقالت أفراح الزوبة، مسؤولة برنامج استيعاب تعهدات المانحين، إن ما يجري هو «نتيجة لتساهل الأمم المتحدة وعدد من المنظمات الدولية مع الحوثيين طوال السنوات الماضية»، مشيرةً إلى أن «تماهي قيادات هذه المنظمات مع الجماعة ودعمها لوجيستيًا وفنيًا وسياسيًا أوصل الأمور إلى هذه المرحلة من الاقتحامات والاحتجاز».
وأكدت الزوبة أن هذه الحوادث «تؤثر مباشرة على مسار العمل الإغاثي في اليمن وتعرّض حياة العاملين الدوليين للخطر».
يأتي هذا التصعيد بعد أسبوع فقط من قرار الحوثيين إلغاء تأشيرة المنسق المقيم للأمم المتحدة جوليان هارنيس، الذي اضطر إلى مغادرة صنعاء إلى عدن.
وقال مسؤول في الحكومة الشرعية إن ذلك القرار كان «تمهيدًا واضحًا للتصعيد ضد المنظمات الدولية».
وأوضح أن الأمم المتحدة كانت قد قررت قبل يوم واحد من المداهمة خفض عدد موظفيها الأجانب إلى ستة فقط، غير أن «المعلومات تسرّبت بطريقة غامضة إلى الحوثيين»، مما دفعهم لاقتحام المجمع عند الثامنة صباحًا، بمشاركة قوات من الأمن القومي والوقائي وممثل عن مكتب المدعي العام التابع للجماعة.
من جانبها أدانت مكونات سياسية عملية الاقتحام، ووصفتها بـ«السلوك الإرهابي الهمجي وانتهاك صارخ للقوانين والمواثيق الدولية».
وقالت إن «هذه الإجراءات العدائية امتداد مباشر لخطاب عبد الملك الحوثي التحريضي ضد المنظمات الدولية».
ودعت إلى نقل مقار تلك المنظمات إلى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية وتحميل زعيم الجماعة المسؤولية الكاملة عما تتعرض له الأمم المتحدة.
وتزامن هذا التصعيد مع تحذيرات دولية من تدهور الوضع الإنساني في مناطق سيطرة الحوثيين، وسط تراجع تمويل المساعدات واستمرار الجماعة في عرقلة أنشطة الإغاثة.
ويرى مراقبون أن ما يجري اليوم يمثل ذروة الانعكاس لسنوات من غض الطرف الأممي عن تجاوزات الحوثيين، إذ تحولت لغة المجاملات والتنازلات إلى بيئة أمنية معادية تهدد حياة العاملين الدوليين وتضع مصداقية الأمم المتحدة على المحك.