تقارير
موارد مبعثرة وتراخٍ حكومي.. البنك المركزي في مواجهة عجز الرواتب وضغط المؤسسات الإيرادية
تواجه الحكومة اليمنية، المعترف بها دوليا، عجزا متصاعدا في صرف رواتب موظفي الدولة، وسط توقف إنتاج وتصدير النفط والغاز، وتشظي الموارد المالية، وامتناع العديد من المؤسسات الحكومية عن توريد إيراداتها الى الخزينة العامة.
محافظ البنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن، أحمد غالب المعبقي، كشف مؤخرا أن أكثر من 147 مؤسسة إيرادية لا يعرف البنك شيئا عن حجم دخلها، أو كيفية صرفه، ما يضاعف الضغط على البنك لتغطية النفقات وسط موارد محدودة.
وفي منتصف أغسطس/آب الماضي، أصدر البنك المركزي اليمني، تعميما صارما لشركات ومنشآت الصرافة، يمنع قبول أي أموال تخص المؤسسات الحكومية، ويشدد على تحويلها فورا إلى حسابات هذه الجهات لدى البنك المركزي، إلا أن الاستجابة ما تزال غائبة حتى اليوم.
التدوير الوظيفي
يقول أستاذ العلوم المالية والمصرفية بجامعة حضرموت، الدكتور محمد صالح الكسادي، إن الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي بحق المؤسسات والقطاعات الحكومية بتوريد إيراداتها للبنك المركزي، هناك بطؤ وتلكؤ من قبل هذه المؤسسات، بحكم أن من يديرون هذه المؤسسات ظلوا عشر سنين في هذه المناصب، وبالتالي هم حولوها إلى كأنها ملكية خاصة.
وأضاف: يوم أمس تقريبا، كان هناك بيان لمؤسسة الغاز، يشير إلى تحويل نحو 50 مليون ريال، من الإيرادات إلى عبر حساب وسيط في البنك، لكن هذا الإجراء تم بعد تقريبا 20 يوما من قرار البنك.
وتابع: بحكم أن هذه المؤسسات رؤساءها منذ عشر سنين، مع غياب التدوير الوظيفي، هم ينظرون لها كملكية خاصة، وهذا أمر طبيعي أثناء الحرب.
وأردف: هم كانوا يستفيدون من هذه الأموال، والآن مع هذه الإجراءات ستجف عليهم هذه الموارد، وبالتالي يرون أن هذه الموارد ستضيع عليهم.
وزاد: على الدولة أن تغير مسؤولي هذه المؤسسات، وتجدد الدماء، وروح المؤسسة، ويلتزم المسؤولين الجدد بالقوانين الصارمة التب يصدرها البنك المركزي، وأيضا وزارة المالية، لأن في النهاية هي إيرادات، والإيرادات هي نفقات رواتب وأجور وميزانيات تشغيلية للمرافق الحكومية وغيرها، ومن لم يلتزم بها تزيحه الدولة، فهي بيدها القرارات وبيدها كل شيء، وهي قادرة أن تتصرف الآن، كما استطاعت أن تثبت سعر الصرف.
من المسؤول؟
يقول رئيس منتدى الإعلام والبحوث الاقتصادية عبد الحميد المساجدي، فيما يخص الجهات الحكومية هي ليست تحت إشراف البنك المركزي، لا في الأطر الرقابية ولا التنظيمية.
وأضاف: من يجب عليهم أن يلتزموا بقرار البنك المركزي، هم البنوك التجارية والبنوك الخاصة، وشركات الصرافة، وتعميم البنك المركزي هو موجه لهذه الجهات التي يشرف عليها، وكان ينبغي أن هذه البنوك تلتزم بتوجيه البنك المركزي، وتقوم بتجميد حسابات هذه الجهات، ومنع التصرف فيها لحين الانتهاء من نقلها.
وتابع: إذا ما استمرت حسابات هذه المؤسسات في عملية التوريد والصرف، فنحن نعرف تشتت الجهات وتوزعها في إطار حكومة المحاصصة، وتوزعها بين الأطراف للحكومة الشرعية، وبالتالي الالتزام الفوري أعتقد أنه غير وارد، والدليل أن هنالك توجيهات من رئيس الوزراء للبنك المركزي بإغلاق حسابات هذه الجهات المخالفة للقانون.
وأردف: أيضا البنك المركزي أصدر تعميما للبنوك وشركات الصرافة بإغلاق حسابات هذه الجهات، فلم تلتزم الجهات ولم تلتزم أيضا البنوك وشركات الصرافة، مما أعطى صورة أن هذه التوجيهات وهذه التعميمات في وادي والواقع في وادي آخر.
وزاد: كلا الطرفين سواء الحكومة أو البنك المركزي، يتحملان مسؤولية عدم توريد هذه المؤسسات الإيرادات إلى الحساب العام للحكومة، أو الحسابات المخصصة لها في البنك المركزي.
وقال: على البنك أن يقوم أو يوجه بالتجميد الفوري لهذه الحسابات في البنوك، وفي شركات الصرافة، ومن يرفض من البنوك أو شركات الصرافة، أو يتقاعس، على البنك المركزي أن يهدده بسحب الترخيص، أو حتى ان يلجأ إلى توقيف نشاطه.
وأضاف: استمرار التستر على القطاع المصرفي وتحويله إلى وعاء لعمليات النهب والسرقة والسلب، وتبديد موارد الدولة، ومحاولة التنصل عن هذه المسؤولية، أعتقد أنها محاولة مكشوفة وينبغي على كل طرف أن يتحمل مسؤوليته.
وتابع: فيما يخص الحكومة، أعتقد أن مسألة تحمل مسؤولية هذه الجهات، في إطار حكومة المحاصصة، وفي إطار توزيع الجهات الحكومية على الأطراف السياسية
وأردف: أعتقد أن المسؤولية الأولى تقع على الأطراف السياسية المكونة للحكومة الشرعية، هل هي راغبة في تحقيق إصلاحات حقيقية يلمسها الشارع ويلمسها الشعب؟ أم مجرد تصريحات وتبريرات انكشفت للشارع وبالتالي هو غير معني بها؟
وزاد: الموظف والجندي محتاج مرتبه، لا يعنيه من المسؤول الأول، هو يحتاج أن الدولة طالما هي دولة، يجب أن تقوم بالتزاماتها وأول التزام هو صرف المرتب نهاية كل شهر ريال.