تقارير

نجود.. امرأة تصنع السلام من الدمى

19/08/2022, 08:23:31
المصدر : رئام الأكحلي

"المشاريع الصغيرة هي الملاذ الآمن للنساء، وهي ما تكفل لهن تحقيق الاكتفاء الذاتي، فلا ينبغي -برأيي- أن تظل إحدانا مكتوفه الأيدي بانتظار المصروف من أبيها أو أخيها أو زوجها"، بهذه الجملة ابتدأت "نجود" حديثها لموقع "بلقيس"..

فمن هي نجود؟ وما مشروعها؟ وكيف يعتبر ملهما للنساء والشباب خاصة في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة؟

- نجود .. وحراوي جودي

بطلة القصة - باختصار - هي نجود عبد الإله أحمد، بكالوريوس علوم سياسية، وماجستير إدارة عامة في جامعة صنعاء، وهي صاحبة مشروع "حراوي جودي" لصناعة التحف والهدايا من الدُّمى التراثية اليمنية.

بدأت فكرة المشروع –حسب نجود- من خلال فيديو على اليوتيوب كان يتحدّث عن كيفية صناعة الدُّمى، حيث تقول: "في أحد الأيام كنت أجلس بملل، وأفكر كيف أشغل وقت فراغي، وفجأة ظهر لي فيديو مكتوب فيه كيف يتم صناعة الدُّمى، فأثار فضولي، ففتحته، وإذا بالفكرة دارت في رأسي، تساءلت لماذا لا أصنع أنا الدُّمى وأحوّلها إلى تحف تراثية يمنية، تُبرز تراثنا العريق الأصيل الجميل".

تسترسل نجود بالسرد: "أدركت شغفي الكبير بالأمر منذ بدأت بصنع أول دمية، حينها وجدت أهلي وصديقاتي قد أعجبوا بالشكل، فأخذت القرار، ودون تردد قلت لنفسي لماذا لا أجعله مشروعا مميزا وجديدا، حيث أن مثل هذه المشاريع الصغيرة هي الملاذ الآمن للشباب في ظل هذه الأوضاع الصعبة التي نمر بها".

- 300 حريوة في سنة واحدة.. تتخطى الحدود

تجيب بطلة القصة عن أسئلتنا: متى بدأت بتنفيذ المشروع وما عائداته؟ وهل عاد بالنفع عليها؟

"في الواقع بدأت بتنفيذ المشروع قبل ثلاث سنوات، والحمد لله -بفضل من الله- عاد عليّ بالنفع والخير الكثير، حيث صنعت ٣٠٠ حريوة في سنة واحدة، وهكذا بقية السنتين السابقتين، ولله الحمد سافرت الدُّمى الخاصة بي إلى بريطانيا وأمريكا والهند ومصر وفرنسا وكندا وألمانيا ودبي ودول الخليج وإيران".

- محاولة سرقة الفكرة

كأي مشروع ناشئ، لا بُد وأن يمرَّ في طريق بلوغه للنجاح والهدف المنشود بصعوبات ومعوِّقات شتى، حيث تحكي نجود لموقع "بلقيس" عن أبرز هذه الصعوبات فتقول:

"الصعوبات كثيرة، وأبرزها الظروف الصعبة التي يمر بها البلد، وعدم القدرة على تصدير الدُّمى التراثية بسهولة إلا عن طريق مسافرين، وارتفاع أسعار الشحن، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأقمشة والإكسسوارات التي استخدمها في تزيين العرائس وإلباسها الحلة التراثية اليمنية، التي أحاول من خلالها إبراز الموروث الشعبي العريق للعديد من المناطق اليمنية".

وتضيف: "أيضا لعلّ المشكلة الأبرز التي واجهتني هي أن فكرة مشروعي قد تعرّضت للسرقة، مما دفعني وكحل ضروري وعاجل إلى المسارعة بتسجيلها في وزارة الثقافة ووزارة الصناعة والتجارة لحفظ حقوق الملكية، وبراءة الاختراع".

- المضي قُدما .. والاستمرار 

يقول هنري فورد "السر الأعظم للنجاح فى الحياة هو أن تدرك ما المقدَّر لك فعله ثم تقوم بفعله"، ومن منطلق مقولة   تشيرشل  "النجاح ليس نهاية والفشل ليس قاتلاً، إنما الشجاعة للاستمرار هى ما يهم"، تجد نجود إلهامها وعزمها على تحدي المعوِّقات وشجاعتها وإصرارها  على المضي قُدما، الذي يضمن لها  تحقيق الاستمرارية وضمانها، حيث تؤكد لنفسها أولا ولمجتمعها وللوطن، الذي تسعى للنهوض به هي ومثيلاتها من النساء المكافحات والملهمات لبنات جنسهن خاصة وللشباب عامة، محاولات القول إنه لا وجود للمستحيل في قاموسهن.. وكم يصغر هذا الأخير أمام الممكن،  إذا حضرت العزيمة والثقة الخالصة بالله وبقدراتهن ومواهبهن المدفونة والمداسة  تحت أقدام الحروب والصراعات والقيود المجتمعية.

تخبرنا "نجود" أن ماحققته إلى اليوم ليس هو ما تطمح إليه بالتحديد، بل إن سقف طموحها يتجاوز  اللا ممكن، حيث تسعى في المستقبل إلى امتلاك معمل مصغر كبداية، ثم مصنع لإنتاج الدُّمى والتحف التراثية بشكل مبسَّط، وبأسعار منافسة ترقى للوصول إلى المستهلك البسيط.

- تقارير دولية

في 23 من نوفمبر من العام الماضي، أشار تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى أن اليمن، الذي يعد حاليا من بين أفقر البلدان في العالم، يمكنه إنهاء الفقر المدقع في غضون جيل واحد - أي بحلول عام 2047 - شريطة أن تتوقف الحرب المدمّرة الآن.

وتوقع التقرير أيضا إمكانية انخفاض سوء التغذية إلى النصف بحلول عام 2025، وإمكانية أن تحقق البلاد نموا اقتصاديا قيمته 450 مليار دولار، بحلول عام 2050، في سيناريو سلام وتعافٍ متكامل.

وقدّر التقرير الخسائر التي تلقتها اليمن، خلال سنوات الحرب، بنحو 126 مليار دولار من النمو الاقتصادي المحتمل. 

ويرسم التقرير صورة قاتمة في حال استمرار الصراع حتى عام 2022 وما بعده. 

فإذا استمر الصراع حتى عام 2030، يتوقّع التقرير أن يودي بحياة 1.3 مليون شخص بحلول ذلك العام.

ويسلط التقرير الضوء على الآثار الأقل شيوعا وواسعة النطاق، التي ستظل تحدثها الأزمة المستمرة في اليمن عبر الأبعاد الرئيسية للتنمية والرفاهية. 

فقد دفعت الأزمة بالفعل 4.9 ملايين شخص إضافي إلى سوء التغذية، ويتوقع التقرير أن يرتفع هذا العدد إلى 9.2 ملايين بحلول عام 2030 إذا استمرت الحرب.

وبحلول العام نفسه، سيرتفع عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع إلى 22 مليونا، أي حوالي 65 من سكان البلاد.

وشدد على ضرورة أن يتم تخصيص دعم التعافي إلى ما هو أبعد من البنية التحتية، وأن يكون الناس في صميم هذه الجهود؛ ومن المتوقع أن تحقق الاستثمارات، التي تركز على الزراعة وتمكين المرأة وتنمية القدرات والحوكمة الفعالة والشاملة والمؤسسات، أعلى عائد على التنمية.

وبالحديث عن تمكين النساء  فقد قدمت منظمة العمل الدولية مؤخرا برنامج "ريادة الأعمال النسائية" في اليمن،

حيث يساهم المشروع في تحقيق الهدف الوطني المتمثل في تمكين المرأة اليمنية اقتصادياً، وتشجيعها على الانخراط في الأعمال الحرة، أو تحسين المشروعات النسائية القائمة.

ويهدف البرنامج إلى الإسهام في تحقيق الهدف الاقتصادي والاجتماعي الوطني المتمثل في تمكين المرأة اليمنية وتشجيعها على العمل لحسابها الخاص، أو تحسين أعمالها التجارية الحالية، ويسعى في إلى إعداد برنامج تدريب لإدارة الأعمال التجارية خاص بمنظمة العمل الدولية، يستهدف المرأة، وتنفيذه في خمس مؤسسات تدريب محددة مسبقاً، إضافة إلى بناء قدرات 30 مدرّبة يمنية على المستوى الوطني، بما يسمح لهن بتدريب شركات صغيرة تملكها نساء على إدارة الأعمال التجارية، وعلى المتابعة القائمة على المجموعة.

- رسالتها إلى النساء

تختتم نجود حديثها لموقع "بلقيس" بالقول: "لا بُد من وجود رغبة وحماس وثقة بالله أولا، وهو ما سيخلق في النساء إصرارا وتحديا للبدء بإنشاء مشاريعهن الخاصة، كون الأمر يحتاج إلى الصبر في البداية، ثم أثق بأنهن سيبدأن تدريجيا باستشعار عظمة ما يصبين إليه، حيث تعد مثل هذه المشاريع الصغيرة هي الملاذ الآمن لهن كنساء، وتحقيق الاكتفاء الذاتي والاستقلالية المادية، التي تضمن لهن  الاستمرار والكفاح للوصول إلى النجاح".

وتضيف "بإمكان أي امرأة  فعلها، أعني كتابة قصتها الخاصة في مجلدات النجاح والتاريخ أيضا، وبإمكانك عزيزتي بكل تأكيد أن تكوني  الملهمة التالية".

خاص
تقارير

معادلة السلام والحرب.. عودة للمسار السياسي وخفض التصعيد في البحر

يشير الواقع إلى أن مليشيا الحوثي، التي عطلت مسار جهود الحلول الأممية، خلال السنوات الماضية، وفق تصريحات الحكومة المتكررة، لا تمانع الآن من الدخول في تسوية محدودة مع السعودية، تسد حاجتها المالية والاقتصادية، وتخفف من أزمتها الداخلية.

تقارير

صفقة سعودية حوثية.. ترتيبات متقدمة وتحذيرات من النتائج

تتسارع الخطى نحو وضع اللمسات الأخيرة على خارطة الطريق الأممية، التي تحمل في مضمونها تفاهما وتقاربا حوثيا - سعوديا، لم يكن يتوقعه أحد، لا سيما إن استعدنا شريط الذكريات للعام الذي انطلقت فيه عاصفة الحزم، وتهديد الطرفين بالقضاء على الآخر، إذ تعهد الأول بإعادة الشرعية إلى صنعاء، فيما توعد الآخر بالحج ببندقيته في مكة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.