تقارير
هبوط طائرات شحن في مطار صنعاء.. ما دور الأمم المتحدة في هذه العملية؟
طائرات غير مجدولة تهبط في مطار صنعاء بشكل يومي، لدرجة يُعتقد معها أن مجموع المواد المشحونة يمكن أن يزيد حتى اليوم على 1200 طن من المواد المجهولة، وعدد غير معروف من الأشخاص، فيما يتعذب اليمنيون بقطع آلاف الكيلومترات، وعشرات الساعات، للوصول إلى المطارات المتاحة لعامة الناس.
من منظور عسكري، فإن احتمالية دخول مستشارين عسكريين أو معدات عسكرية للحوثيين يمكن أن تحدث فرقًا إضافيًا في موازين القوة، ويُغريهم بالتصعيد بدلًا من التهدئة.
ومن منظور سياسي، فإن العبث بالممرات الإنسانية وتحويلها إلى قنوات تهريب محتملة يقوّض أي محاولة لبناء الثقة مع المجتمع الدولي أو تسوية سياسية ذات مصداقية.
أما من الناحية الأخلاقية، فإن هذا الانحراف يلحق ضررًا جسيمًا بسمعة العمل الإنساني، ويترك العاملين الحقيقيين تحت شبهة عامة يصعب نفيها، في بيئة تعاني من انهيار الثقة.
– رصد ميداني
يقول الأكاديمي ورئيس حملة "لن نصمت"، الدكتور عبد القادر الخراز: أولًا أوجّه شكري لكل من بذل جهدًا من الشباب الذين رصدوا في الميدان، لأن التقرير الذي نشرناه مبني على معلومات ميدانية، وأيضًا الوثيقة التي وصلتنا، لكن كان هناك جهد يجب أن ننوه له لكثير ممن خاطروا بأنفسهم وبذلوا الجهود للتوثيق خلال الأيام الثلاثة الماضية، وتصوير الفيديوهات وتوثيق العدد والتوقيت.
وأضاف: بالنسبة للتقرير، نحن منذ يوم 21 يوليو وصلتنا أخبار بأن هناك فعلاً طائرات زاد عددها في الوصول إلى مطار صنعاء، وتحركت الفرق لتحديد كم العدد ونوعية الطائرات، واستغربنا أنها ليست طائرات صغيرة أو متوسطة، وليست مما تستخدمه الأمم المتحدة في طيرانها، وإنما هناك طائرات شحن كبيرة وهناك علامات تدل على أنها طائرات شحن عسكرية، حتى من خلال الدخان الذي يخرج من الطائرة نفسها.
وتابع: وصلتنا اليوم الوثيقة التي تفسر أو تعطي معلومات عن نوعية هذه الطائرات التي وصلت منذ صباح الأمس وحتى الظهر، تقريبًا خمس طائرات، قبل وصول الوثيقة، وكنا ننتظر السادسة، بحسب الوثيقة.
وأردف: هذه الطائرات منها ثلاث مخصصة لنقل الموظفين بعدد إجمالي يقارب 92 موظفًا، وهناك أيضًا طائرة إجلاء طبي تابعة للصليب الأحمر، وأيضًا طائرتا شحن كبيرتان.
وزاد: عندما ننظر إلى عدد طائرات الموظفين، ثلاث طائرات في اليوم تنقل الموظفين، وهذه الحالة مستمرة منذ أكثر من ثلاثة أيام وفق ما رصدنا، ويبدو أنها من قبل ذلك، وهذا شيء غير طبيعي، ولا يمكن أن تبقى الحكومة الشرعية تتفرج عليه، ولا حتى المجتمع الدولي.
وقال: حتى في موقعهم الرسمي، هناك فقط طائرة واحدة ليوم أمس، وقبلها لم تكن هناك طائرات في الموقع الرسمي، ونحن حينها رصدنا أربع طائرات، منها طائرتا شحن، وهذه الطائرات لا نعرف ما هي حمولتها، وبالذات طائرتا الشحن.
وأضاف: منذ أن نُشرت الوثيقة وأنا أتلقى اتصالات من بعض موظفي الأمم المتحدة، للأسف، الذين يحاولون أن يبرروا لي بأن هذا سيؤثر على العمليات الإنسانية، فرددت عليهم بأنني كفرت بالعمليات الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن، وأنهم يستخدمون شماعة العمليات الإنسانية في اليمن لإطالة أمد الحرب، ودعم ميليشيا الحوثي، وطلبت منهم إخباري ما هي حمولة طائرات الشحن؟ ولم يستطيعوا الرد.
– ليست المرة الأولى
يقول رئيس منصة "يوب يوب" لتدقيق المعلومات، فاروق الكمالي: في الحقيقة، هذه ليست المرة الأولى التي تهبط فيها طائرات مستأجرة للأمم المتحدة في مطار صنعاء، وقد رصدنا مثل هذه الطائرات في منصة "يوب يوب" كتقرير مفتوح المصدر في ديسمبر 2024.
وأضاف: هذه الطائرات تحمل رقم تسجيل "كينيا"، ورقم تسجيل آخر "موريشيوس"، حيث تستأجرها الأمم المتحدة من دول أفريقية، كينيا وموريشيوس، وهذه الطائرات حين رصدناها في ديسمبر 2024 كانت تواصل طريقها من جيبوتي إلى صنعاء، وتظهر حركة الطائرة إشارتها في الأجواء، وعندما نشرنا هذا التحقيق توقفت هذه الطائرات عن إظهار إشارتها في الجو، وبدأت بإخفاء إشارتها فوق باب المندب مباشرة، ثم المواصلة إلى مطار صنعاء.
وتابع: حاولنا البحث في أدوات تتبع عن أي رحلات للأمم المتحدة إلى صنعاء، فوجدنا أن الرحلات بشكل يومي ثلاث رحلات من عدن إلى صنعاء، ثم من صنعاء إلى عدن، ثم إلى جيبوتي، لكن هذه الطائرات كانت مخفية، وعندما بحثنا عن الطائرات نفسها، وجدنا أنها مسجلة رحلات غير معلومة الوجهة تمامًا.
وأردف: يومي 22 و23 يوليو الجاري، هناك رحلات غير مسجلة ولا تظهر في سجلات تتبع الطيران، وتختفي إشارة الطائرة فوق باب المندب، وهذا ما يؤكد أن الطائرة توجهت إلى أجواء الأراضي اليمنية، دون أي اعتبار لأثر الحرب.
وزاد: يجب على الأمم المتحدة أن تلتزم وأن تكون طائراتها قدوة لبقية الطائرات، وتُظهر إشارتها ليعرف الناس بأن هناك طائرة تعبر الأجواء، تابعة للأمم المتحدة، ويمكن مراقبتها، ويمكن التساؤل بكل شفافية عن ماهية هذه الطائرة، وما الذي تفعله؟
– ظرف استثنائي ومقايضة
يقول الباحث في العلاقات الدولية، الدكتور عادل المسني: أتصور بأن هناك ظرفًا استثنائيًا، لأن الحوثيين تعرضوا لضربات كبيرة، ويبدو أن هناك قيادات كبيرة أُصيبت، حتى وإن مثلًا: محمد علي الحوثي وآخرين لم يعودوا يظهرون على الشاشات، ويبدو أنهم أُصيبوا، فبالتالي الحركة الحوثية بحاجة إلى إخراجهم من اليمن، سيما وأن هناك تشديدًا بحريًا وبريًا كبيرًا، سواء فيما يتعلق بطريق عمان، أو على مستوى البحر.
وأضاف: الحوثي بحاجة ماسة أيضًا لإعادة تنشيط العلاقة مع الأمم المتحدة، سيما وأن الأمم المتحدة لديها كثير من المغيبين لدى الحوثي، وبالتالي هناك علاقة ما، وأتصور بأن هناك مقايضة فيما يتعلق بتخليص الأمم المتحدة لموظفيها المعتقلين لدى الحوثيين، مقابل إجلاء طبي لجرحى ومرضى ميليشيا الحوثي.
وتابع: كل هذا يفسر الحركات المشبوهة الموجودة في حركات الطيران بمطار صنعاء.
وفي حديثه بشأن العقوبات الأمريكية الجديدة على شبكات تهريب نفط وغسل أموال مرتبطة بالحوثيين تشمل شركات مقرها في الإمارات، يقول المسني: إنه ليس بجديد أن تدير الإمارات هذه الشبكات سواء فيما يتعلق بالحوثيين أو بإيران.
وأضاف: الإمارات هي الرئة التي تتنفس من خلالها إيران، سواء هناك شبكات كبيرة تتعلق بتهريب النفط أو غيرها.
وتابع: هناك كثير من الاتهامات السابقة والعقوبات التي على شركات إيرانية تعمل في الإمارات، وتابعة للحرس الثوري الإيراني وغيره.
وأردف: الضغط على الإمارات يأتي باعتبارها هي التي تتزعم مشاريع التقسيم في المنطقة، من سوريا إلى السودان إلى ليبيا واليمن، وأتصور بأن هناك موقفًا يتشكل فيما يتعلق بطيّ ملف الميليشيات أو التقسيم، وهناك دولتان تتزعمان هذين المشروعين في المنطقة: الإمارات تتزعم مشروع التقسيم، وإيران تتزعم مشروع "الملشنة".