تقارير
هجمات حوثية جديدة على إسرائيل.. هل تعيد إيران تحريك أذرعها في المنطقة؟
بينما توقفت الحرب بين إيران وإسرائيل وبدت العواصم وقد التقطت أنفاسها جاء الصاروخ الحوثي، ليكسر الهدوء الظاهري، ويعلن أن المحور الإيراني، وإن توقف مركزه لم تطوى صفحته بعد.
تراهن ميليشيا الحوثي على أن إسرائيل بكل قوتها لا ترى اليمن كما ترى طهران، ولا تملك بنك أهداف ولا تفوق استخباري، ولهذا فإن أي رد إسرائيلي محتمل قد يكون ارتجاليا كسابقاته، يضرب المنشآت المدنية المكشوفة، كالمطارات والموانئ، وكلها قد تكون ضحية الرد، لكنه لن يمس بنية الميليشيا بقدر ما يعزز سرديتها، وهكذا يتحول الرد من عقوبة إلى فرصة دعائية، وتربح الميليشيا جولة في الوعي دون أن تخسر كثيرا في الأرض.
الصورة واضحة
يقول الباحث في العلاقات الدولية الدكتور عادل المسني، إن المجتمع الدولي يعتبر ميليشيا الحوثي، من جهة أحد أذرع إيران، وأيضا يراعي ما يتعلق بالنفوذ السعودي الخليجي في اليمن، باعتبار أنه ينظر لليمن كحديقة خلفية للمملكة العربية السعودية، أو لدول الخليج، وهذا يحد من طريقة تعامله مع الحوثيين.
وأضاف: ا الحوثيون اليوم بلا شك أنهم يتأثروا بهذه التحولات، بشكل كبير، فإيران اليوم تحطمت صورتها جراء الاعتداء الكبير الذي قام به الكيان الصهيوني، وضرب كل الخطوط الحمراء في إيران، سواء الحلقة الضيقة أو الرجال والقادة الذين كانوا يحملون مشروع إيران، المجال الحيوي، والتوسع الخارجي.
وتابع: المؤسسات المهمة داخل إيران ط، تم استهدافها، أهداف استراتيجية، وأهداف نوعية دقيقة، بناء على بنك أهداف عملت إسرائيل على جمع هذه المعلومات على مدار سنوات طويلة.
وأردف: إسرائيل لم تدخل الحرب عبث هكذا كما فعلت إيران، تضرب فقط صواريخ عمياء لإسرائيل، إنما لديها أهداف دقيقة، وهذا ما رأيناه من خلال الهجوم الذي أطاح بكل رجالات إيران، وقيادات الصف الأول للنظام الإيراني.
وزاد: الصورة واضحة الآن، إيران فقدت كل عوامل أوراقها القوية، حيث كانت تبتز المجتمع الدولي من خلال نفوذها الخارجي، الوكلاء الموجودين في الخارج، سواء الحوثيين، وحزب الله، وغيرهم، ومن خلال مشروعها النووي، باعتباره سلاح ردع إقليمي، والصواريخ والبالستية.
وقال: هذه كانت عوامل القوة التي تمتلكها إيران وأوراقها أيضا فيما يتعلق بابتزازها للغرب، للحصول على امتيازات جيو سياسية واقتصادية، لكن اليوم تغير المشهد بشكل كبير، فالمفاعلات النووية أخرجت عن الخدمة لسنوات، وهذا أثر على ما يتعلق بصورة إيران، وأوراقها في أي مفاوضات قادمة أو علاقات مع الغرب ومع إسرائيل.
وأضاف: في الحرب الأخيرة بين إيران وإسرائيل، شاهدنا أدوات إيران في المنطقة، كالحوثيين وحزب الله، كانوا يصعدون بشكل كبير ويهددون بالرد إذا تدخلت أمريكا، ووضعوا لهم سقف وشرط معين، أنهم لن يتدخلوا بالصراع إلا إذا تدخلت أمريكا، وأنهم سيحرقون الأرض تحت أقدام الأمريكان وسيستهدفون كل شيء له علاقة بأمريكا.
وتابع: تدخلت أمريكا وضربت كل مفاعلات إيران، بينما الحوثيين وحزب الله خنسوا وصمتوا صمت القبور، وهذا عامل كاشف كبير لزيف الهيمنة الإيرانية على هذه الجماعات.
فزاعات
يقول المحلل العسكري العميد عبد الرحمن الربيعي، إن أي تحركات نسجلها أو نراها من قبل الحوثيين في هذه الفترة، هي ليست إلا يعني أشبه بعمل فزاعات ليس إلا.
وأضاف: هذه التحركات تحمل شيئين اثنين، الأول: حسب البروباجندا، التي مارسوها خلال السنتين التي مضت، على اعتبار أنهم كل ما قاموا به ضد إسرائيل، هو من أجل غزة، وهنا مشكلة غزة لا زالت قائمه لذلك الحوثيين لا بد أن يسجلوا حضورا في هذا الجانب، ولو باستحياء أو بشكل ضعيف جدا، لن يكون له أي تأثير.
وتابع: الحوثيون يمتازون عن بقية الفصائل التابعة لإيران مثل حزب الله، أو حتى في سوريا كنظام سابق، والحشد الشعبي في العراق، بخاصية أخرى ليست كما هي عليه بقية المليشيا، فعندما ننظر إلى حزب الله حزب الله لم يكن سلطة أمر واقع في لبنان على الإطلاق، لكنه كان مستولي على أرض في إطار الجغرافيا السياسية والديموغرافية، كجزء من مجتمع لبنان، لكنه لم يكن سلطة على الإطلاق، أيضا الحشد الشعبي في العراق موجود بمكوناته، لكن هناك سلطة قائمة في الدولة.
وأردف: في سوريا سقط نظام بشار الأسد الذي كان يجمع بين سلطة وتدخل إيراني، لكن في اليمن نلاحظ أنها مغايرة لكل هذه الأجندات كليا، أولا جغرافية اليمن البعيدة جدا عن دول الطوق، المحيطة بإسرائيل.
وزاد: المساحة الجغرافية المتواجد عليها الحوثي مساحة هائلة جدا إذا ما قسنا مساحة حزب الله في لبنان بما يسيطر عليها الحوثي في اليمن، إذ يكاد الحوثي يسيطر على 12 ضعف ما كان لدى حزب الله، ما لدى الحوثي كبير جدا.
وقال: الجغرافيا وتركيبتها في اليمن، يستطيع الحوثي أن يطوعها لمصالحه، وحدث هذا كثير سواء في المواجهة أثناء البحر الأحمر مع أمريكا، وحتى تهديد الملاحة وتلقي الضربات التي وجهت إليه من قبل الأمريكيين والأوروبيين والإسرائيليين.
وأضاف: توقفت حرب إيران تماما، وفي تقديري أن هذا التوقف، أتى بعد أن ادركت إيران حجم الهوة والفارق السحيق، فيما بين تقنيتها وحضورها العسكري وتشكيلاتها، وإسرائيل وأمريكا.