تقارير
هكذا يسعى الحوثيون إلى خصصة جامعة صنعاء!!
للعام الثالث على التوالي، تحاول "شهد" اجتياز اختيارات القبول في أقسام طب الأسنان والصيدلة والمختبرات في كلية الطب والعلوم الطبية بجامعة صنعاء (النظام العام) إلا أن كل محاولاتها ذهبت سدى، على الرغم من تفوّقها في الثانوية العامة، وحصولها على معدل 91.5%، واجتهادها في مذاكرة المواد التي تدخل في اختبارات القبول.
تشكو "شهد" -كأغلب الطلاب والطالبات- من صعوبة بالغة في اجتياز الاختبارات الإلكترونية، التي تضعها الجامعة في كليات الطب والهندسة والحاسوب - على وجه الخصوص، وسط إقبال كبير للطلاب من سنوات سابقة متعددة، وصل بعضهم إلى المحاولات (الثالثة والرابعة) دون جدوى.
- استثمار
نظام القبول والتسجيل في النظام العام والموازي بجامعة صنعاء يتشابه مع عدد من الجامعات اليمنية، حيث يعتمد على 70% من درجة اختبار القبول، و30% فقط من معدل الثانوية العامة، ويحق للطالب التنسيق في عدد غير محدود من الكليات والأقسام.
وتحدد الجامعة مواد الاختبار على حسب الكلية، ففي كلية الطب -على سبيل المثال- تكون مواد الأحياء والكيمياء والإنجليزي للصفوف الأول والثاني والثالث الثانوي هي الأساس، بينما في كليات أخرى تدخل مواد الرياضيات والفيزياء واللغة العربية وغيرها.
وللوهلة الأولى، تبدو معدلات القبول الخاصة بالثانوية العامة مشجِّعة على الإقبال، حيث انخفضت المعدلات بشكل كبير عن ما كانت عليه قبل سنوات الحرب، وفي هذا العام أقرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي التابعة للحوثيين تخفيض المعدلات 5% عن العام السابق، إلا أن اجتياز القبول أشبه بحلم بعيد المنال، كما يصفه عبدالرقيب اليوسفي "والد طالب سقط في اختبار كلية الحاسوب لعامين متتالين".
يقول اليوسفي لـموقع "بلقيس": "تخفيض المعدلات، والسماح للطالب بالتنسيق في عدد محدود من الكليات، ليس الهدف منه تسهيل قبول والتحاق الطالب بالدراسة الجامعية كما يظنه البعض، وإنما فتح موارد للجامعة، وزيادة حجم الإيرادات، حيث ينسق بعض الطلاب في ما يزيد عن سبعة أقسام بمبلغ 5000 ريال لكل قسم، وفي الأخير لا يتم قبوله، ولا بواحد منها".
- نسب ظالمة
التشديد في اختبارات القبول (النظام العام) يقابله تراخٍ وتسهيلات حقيقية في نظام النفقة الخاصة، لا تقتصر على قبول ضعف المعدل، وإلغاء اختبار القبول في أغلب التخصصات، بل يصل إلى تقليص عدد طلاب النظام العام، وزيادة أعدادهم في النظام الموازي والنفقة الخاصة، ولاسيما في الكليات الطبية والعلمية.
وبحسب وثيقة سياسة التنسيق والقبول في جامعة صنعاء للعام الجاري، فقد خصصت الجامعة -في قسم الطب والجراحة للنظام العام- 150 مقعدا للذكور والإناث، ومعدل الثانوية لدخول امتحان القبول 85%، فيما خصصت لطلاب النفقة الخاصة 300 مقعد، ومعدل قبول 78% بالثانوية العامة، وفي قسم التخدير 12 مقعدا للنظام العام، يقابله 60 مقعدا للنفقة الخاصة، وحددت عشرة مقاعد لكل من أقسام العلاج الطبيعي والتغذية العلاجية والتصوير التشخيصي في النظام العام، يقابله 50 مقعدا لكل قسم من أقسام النفقة الخاصة. أما في طب الأسنان، فحددت الجامعة 50 مقعدا في النظام العام، و200 مقعد للنفقة الخاصة، وتتشابه هذه النسب والفوارق بين النظامين في مستوى القبول في العديد من التخصصات في الكليات العلمية كالحاسوب والهندسة وغيرهما.
- تعليم تجاري
بالنظر إلى الفارق الكبير في مستوى القبول، يرى الكثير من المراقبين أن التوسّع في تقديم التسهيلات لنظام النفقة الخاصة، الذين سمحت لهم مؤخرا بالالتحاق بالدراسة فيها، في نفس عام التخرج من الثانوية، دون اضطرارهم إلى التوقف عاما كاملا كما هو الحال في النظام العام، يجعل الجامعة تسير في طريق تحولها نحو التعليم التجاري.
ويشدد قانون التعليم في الجمهورية على مجانية التعليم في كل المراحل، والحرص على مبدأ تكافؤ الفرص، مما يناقض الإجراءات الحالية في العديد من الجامعات اليمنية، التي حرمت الطلاب المتفوقين من الحصول على فرصهم في الالتحاق بالجامعات الحكومية، ورجحت كفة الطلاب من العائلات الميسورة، وسهلت وصولهم إلى التخصصات العلمية والهامة.
مصادر مسؤولة برئاسة جامعة صنعاء، تؤكد أن الإجراءات الحالية قانونية، وتستند إلى قرار رئيس مجلس الوزراء للعام ٢٠٠٧ بشأن نظام التعليم الموحّد لشؤون الطلاب في الجامعات الحكومية اليمنية، الذي يُقر نظام القبول بالنظامين (الموازي والنفقة الخاصة)، ويعطي الجامعات صلاحيات في تحديد النِّسب، ووضع آلية القبول فيهما.
- غياب التمويل
وترجع المصادر في جامعة صنعاء أسباب التوسع في نظام النفقة الخاصة إلى انقطاع المرتبات، وحاجة الجامعة إلى نفقات تشغيلية، ومرتبات الأساتذة ومساعديهم والموظفين، في ظل عدم وجود ميزانية حكومية.
وبحسب آخر ميزانية في العام 2014، فقد خصصت الحكومة للتعليم بكل مراحله حوالي 13 مليارا و400 مليون دولار، منها 2.5% للتعليم العالي الحكومي، مما يمثل 95% من مصادر تمويل الجامعات الحكومية حينها.
وفي الوقت الراهن، تحولت جامعة صنعاء إلى اعتماد مرتبات الأساتذة بنظام الساعة، كما هو الحال في الجامعات الخاصة، ويتفاوت سعر الساعة بحسب الكلية والتخصص ومادة التدريس.