تقارير

هل تحوّل اليمنيون إلى ضحايا هامشيين بين غارات واشنطن ومقامرة الحوثيين؟

22/04/2025, 06:45:47

بين غارات الطائرات الأمريكية، وخطابات ميليشيا الحوثي، يتوارى ألم المواطن اليمني خلف دخان كثيف من التجاهل المتبادل، فمنذ إعلان واشنطن بدء عملياتها الجوية ضد الحوثيين، منتصف مارس، تجاوز عدد الغارات 350 ضربة استهدفت مناطق مأهولة في صنعاء والحديدة ومأرب، وسط صمت دولي لافت، وغياب آلية مستقلة لرصد الضحايا المدنيين، أو التحقق من مشروعية الأهداف.

في المقابل، تواصل ميليشيا الحوثي عسكرة الأحياء السكنية، واستخدام المؤسسات المدنية كمخازن ومراكز عمليات، وتحويل السكان إلى دروع بشرية، لا يُسمح لهم حتى برواية ما يحدث حولهم.

وبين الطرفين لا صوت يعلو فوق صوت الانفجارات، ولا حماية لمن لا يحمل سلاحاً ولا ينتمي لمعسكر. فهل ما نشهده هو تصعيد عسكري يُدار بلا حساب للكلفة البشرية؟ ولماذا يغيب الصوت الدولي حين يكون الضحايا يمنيين؟ وهل بات الصمت سياسة؟ وأصبحت الشرعية غائبة حتى عن واجب العزاء؟ وهل ما يزال المواطن اليمني يُرى كهدف يستحق الحماية أم مجرد خسارة مقبولة في معركة لا يملك قرارها؟

عار تاريخي

يقول الصحفي والناشط السياسي وديع عطاء: حينما تغيب القيم الإنسانية والمسؤولية الأخلاقية تجاه المدنيين، وينعدم الالتزام بالقوانين الدولية، تحضر هذه الوحشية والدموية على حساب كل الاعتبارات التي يُفترض أن تُراعى في مسألة الحروب والصراعات.

وأضاف: أطراف الصراع، خصوصاً تجار الحروب وأمراؤها، لا يراعون التداعيات الإنسانية، ولا الضحايا المدنيين، ولا الكلفة البشرية. هم فقط يحسبون كم قتلوا من القيادات؟ ومن القيادي الذي قتل؟ ولا يحسبون من قُتل وسقط من المدنيين.

وتابع: نحن على بُعد ثلاثة أيام تقريباً من مجزرة ميناء رأس عيسى، والتي قُتل فيها كثير من المدنيين بقصف أمريكي، ويوم أمس قصفت ميليشيا الحوثي قرية “الدنين” جنوب مديرية الخوخة في محافظة الحديدة، وكذلك قصفت قبل أسبوع أحد المنازل في جنوب مديرية حيس بالحديدة، وقتلت ثلاثة أطفال، وجميعهم لا يبالون بهؤلاء الضحايا، ولا تعني لهم هذه الأرقام من المدنيين شيئاً.

وأردف: البعد يأخذ مدى أوسع حينما نذهب إلى الأمم المتحدة، وننظر إلى المسؤولية الدولية والأممية تجاه المدنيين، حيث لدينا صورة أفظع في مسألة السقوط الأخلاقي والإنساني، أممياً ودولياً وعالمياً، فيما يتعلق بغزة.

وزاد: اليوم لدينا شواهد وأدلة كبيرة، وعار تاريخي تحمله هذه الأجيال، وتحمله الأنظمة الحاكمة، وتحمله الأمم المتحدة وكافة الهيئات الدولية التي تتفرج على كل هذه الخسائر المدنية، سواء في اليمن أو في غزة أو في السودان أو في كل مناطق الصراع.

الحرب حالة لانكسار القيم الإنسانية

يقول رئيس منظمة سام للحقوق والحريات، توفيق الحميدي: إن هناك نقطة مبدئية وأساسية، وهي أن الحرب حالة لانكسار القيم الإنسانية، وتحويل الأجساد إلى “أهداف مشروعة” لدى الأطراف، ويصبح هناك مزج بين الحق وبين الدم.

وأضاف: القانونيون أو أصحاب الضمير القانوني - إذا جاز التعبير - حاولوا تقنين الحرب وإدارتها، وليس منعها، لأن هذه الحرب مرتبطة في كثير من الأحيان بنزعة تسلطية أو استكبارية من قبل طرف ما ضد الطرف الآخر.

وتابع: حتى فكرة الحرب العادلة والحرب المشروعة، لا توجد في الحقيقة حروب مشروعة، لكن قد توجد حروب عادلة في حالة الدفاع عن الناس أو عن النفس، ومع ذلك هذه لا تسلم من انتهاكات ما ضد المدنيين.

وأردف: جاءت اتفاقيات جنيف الأربع بدرجة أساسية من أجل ضبط أو قوننة أو محاولة أنسنة هذه الحروب، وكذلك قبلها اتفاقية لاهاي التي حددت على الأقل خمسة مبادئ في حالة القصف على المدن، من ضمنها مبدأ التمييز، ومبدأ التناسب، ومبدأ الضرورة العسكرية، وهذه المبادئ هي محاولة لضبط العمليات العسكرية، وتقليل الخسائر الإنسانية قدر الإمكان.

وزاد: إذا ناقشنا ما تعرض له ميناء رأس عيسى أو الأسواق في صنعاء بدرجة أساسية، سنجد أن هناك انتهاكاً جسيماً لاتفاقيات جنيف، من حيث التناسب، ومن حيث الضرورة العسكرية؛ بمعنى التناسب أن تكون كمية النار أو القوة النارية التي تُسقط على منشأة أو موقع تتناسب مع حجم النار الذي ينطلق من هناك، وكذلك الضرورة العسكرية، بمعنى أن تكون القوة المهاجمة غير قادرة على التحرك إلا في حالة إسكات موقع عسكري. هنا تأتي الضرورة العسكرية.

الحرب أكبر سقوط للإنسانية

تقول الباحثة بلقيس اللهبي إن الحرب بشكل عام لها أوجهها القبيحة، وهي أكبر سقوط للإنسانية، وأكبر فشل إنساني بالمطلق، ولا نستطيع أن نقول إن أمريكا حوسبت لمرة واحدة في الحروب التي خاضتها ضد العالم إلى الآن. لم يُحاسبها أحد على ما فعلته في العراق، ولا على ما فعلته في أفغانستان، وفي فيتنام، وفي بنما، وفي أماكن كثيرة في أصقاع العالم.

وأضافت: في اليمن، ليست هذه الحرب الأولى التي تخوضها أمريكا، حيث خاضت حرب الإرهاب، ولم يسألها أحد عندما أحرقت قرى بأكملها وعائلات بأكملها، فمسألة التساؤل هنا مشروعة، لكنها متأخرة جداً.

وتابعت: بشكل عام، أراقب الموقف على أنه أصبح هناك حالة قلق من الجانبين، وكان لديهم أمل أن تكون هناك ضربات شديدة يتلوها مباشرة خضوع للمسار السياسي، لكن الحوثيين يعتمدون دائماً على أن نفسهم طويل، وقادرون على الصبر، لأنهم ليسوا صابرين بأنفسهم، بل صابرون باليمنيين، اليمنيين الذين هم رهائن لديهم، وهم الدرع الذي يتمترسون خلفه.

وأردفت: أضيف إلى ذلك وجود حكومة شرعية، وعندما يلتفت العالم يميناً وشمالاً يتساءل: من بالإمكان أن يُعتمد عليه داخل اليمن؟ لأنها منطقة خطيرة ومهمة لموقعها الجغرافي، ولكونها مجاورة للسعودية والخليج، ولكونها أظهرت مشكلة باب المندب التي كان قد نسيها العالم.

وزادت: المرحلة يمكن أن نصفها بأنها “فترة عض أصابع”، ومن سيصبر أكثر. ولا يوجد لدى الحوثيين ما يخسرونه، فهم جماعة مغامرة، لكن لدى جميع اليمنيين ما يخسرونه وأكثر. أما الحوثي فهو يتغذى على الحروب.

وختمت بالقول: هناك مبدأ يقول إن الطغاة يجلبون الغزاة، والطغيان لا يكون طغياناً في الأداء فقط، ولكن في الفساد أيضاً.

تقارير

كيف نجح الحوثي بإعاقة خطة ترامب والانتقال للمرحلة الثانية منها؟

خلال شهر منذ أن أطلقت الولايات المتحدة حملة عسكرية واسعة النطاق تستهدف جماعة الحوثيين المتمردة في اليمن، نجح المسلحون في إسقاط ما لا يقل عن 7 طائرات أمريكية مسيرة بملايين الدولارات، مما أعاق قدرة الولايات المتحدة على الانتقال إلى "المرحلة الثانية" من العملية، وفقًا لما ذكره العديد من المسؤولين الأمريكيين المطلعين على الأمر لشبكة CNN.

تقارير

الأطفال النازحون.. معاناة الحرب والتجهيل والحرمان

في مايو من العام الماضي، أصيب الطفلان النازحان محمد سمير (10 أعوام) وعبد الله سالم (14 عامًا) بشظايا نتيجة انفجار مخلفات حرب أثناء جمعهما للمواد البلاستيكية في صحراء قريبة من مخيم عتيرة بمنطقة الوهط في محافظة لحج. كان الهدف من جمع هذه المواد بيعها في أسواق الخردة لتوفير المال لأسرهم النازحة من مديرية مقبنة غرب تعز.

تقارير

هل تشكل الهجمات الأمريكية "الفصل قبل الأخير" في حرب اليمن؟

دخلت حرب اليمن مرحلة جديدة بعد الهجمات الأمريكية ضد مليشيا الحوثيين، يمكن وصفها بأنها "الفصل قبل الأخير" الذي سيحدد ملامح مستقبل الصراع، فالهجوم الأمريكي مهما كانت أهدافه التكتيكية قصيرة المدى، فإنه قد يغير مجرى الحرب بشكل كبير، من خلال كسر الجمود العسكري والسياسي

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.