تقارير

هل ينجح ترامب في وقف النفط الروسي والإيراني عن الصين والهند؟

09/08/2025, 10:27:36
المصدر : قناة بلقيس - خاص - عبد الوهاب العوج *

تشهد الساحة الدولية منذ عودة دونالد ترامب تصعيدًا في سياسات الضغط الاقتصادي ضد روسيا وإيران، والهدف الأساسي هو النفط الذي يشكل نحو 30% من عائدات روسيا ويغذي حربها ضد أوكرانيا، رغم العقوبات الغربية (Wall Street Journal، Politico).

إيران تعتمد على النفط لتجاوز العقوبات وكمصدر لتمويل أذرعها الإقليمية؛ ففي 2021 وقّعت طهران وبكين اتفاق شراكة إستراتيجية لمدة 25 عامًا، يتضمن استثمارات صينية ضخمة مقابل إمدادات نفطية مستقرة ومخفضة السعر، رغم إنكار بعض التفاصيل من السلطات الإيرانية (Reuters، Brandeis University).

ترامب رد بالتصعيد في 6 أغسطس 2025، بفرض تعرفة إضافية بنسبة 25% على واردات الهند، لتصبح الإجمالية 50%، بسبب استمرارها في استيراد النفط الروسي، حيث إن التعرفة تسري بعد 21 يومًا، مع إعفاءات مؤقتة حتى 17 سبتمبر (AP News، India Times).

ورغم الضغوط الأمريكية المتتالية، لم تتراجع نيودلهي؛ فقد قالت إن القرار غير عادل، وأن وقف استيراد النفط الروسي قد يرفع فاتورة الوقود لديها من 9 إلى 12 مليار دولار سنويًا (India Times، Financial Times).

الصين بدورها رفضت قطع وارداتها من روسيا أو إيران، مؤكدة أن الطاقة شأن سيادي، وتستورد 80 - 90% من النفط الإيراني عبر "مصافي الشاي" والأساطيل المظلمة للتهريب (CBS News، Radio Free Europe، Wikipedia).

المحللون يشيرون إلى أن قطع الواردات النفطية الهندية والصينية بالكامل ضربة قوية للاقتصاد الروسي، لكن من غير المرجح عمليًا، لأن الصين والهند تعتمدان اعتمادًا كليًا على النفط الرخيص من موسكو وطهران، والبدائل غير متوفرة بسهولة (Reuters، Energy Intelligence).

الاتفاق الإيراني - الصيني للنفط ينص على استثمارات قيمتها 300 - 400 مليار دولار من الصين في الاقتصاد الإيراني على مدى 25 سنة، مقابل شراء النفط الإيراني بأسعار مخفضة، مما يضمن سوقًا ثابتة لإيران ويعزز قدرتها الاقتصادية رغم العقوبات الأوروبية والأمريكية (IRAM Center، Brandeis University).

حيث نجد أن الهند تعتمد على النفط الروسي لتأمين نحو 40% من احتياجاتها النفطية، وتستفيد من فارق السعر الذي يقل أحيانًا بـ 15 - 20 دولارًا للبرميل عن السوق العالمية، أما الصين، فتستورد نحو 30% من إجمالي وارداتها النفطية من روسيا (India Times، Energy Intelligence).

التجارب السابقة تشير إلى أن العقوبات وحدها لا توقف تجارة الطاقة، إذ تلجأ الدول الخاضعة للعقوبات إلى أساليب ملتوية والتفاف على تلك العقوبات مثل البيع عبر طرف ثالث أو تغيير أعلام السفن أو المزج مع نفط من دول أخرى، كما وثقتها تقارير TankerTrackers وBBC، وحتى مع رفع الرسوم الجمركية على البضائع الصينية والهندية، يبقى تأثير ذلك على وارداتهما النفطية محدودًا لأن الفارق السعري يغطي جزءًا كبيرًا من الخسائر الجمركية (WSJ، Financial Times).

تتمثل إحدى الجبهات الخفية في تهريب النفط الإيراني ومشتقاته إلى مليشيات الحوثي في اليمن، التي تعتمد على هذه الشحنات المهربة كمصدر رئيسي لتمويل عملياتها العسكرية وتوسيع نفوذها في المنطقة، بحسب تقارير متعددة من WSJ وReuters.

وبالرغم من العقوبات الدولية، تنجح إيران دائمًا عبر شبكات معقدة من التهريب والوسطاء في إيصال كميات من الوقود والديزل والغاز المنزلي إلى الحوثيين، مما يعزز استمرار الصراع في اليمن ويشكل تحديًا مباشرًا للجهود الأمريكية والدولية لوقف التمويل العسكري لهذه المليشيات.

- السيناريوهات المحتملة:

1. نجاح جزئي: إذا نسقت واشنطن مع أوروبا واليابان وكوريا الجنوبية وبعض دول الخليج لزيادة الإمدادات بأسعار منافسة، قد ينخفض اعتماد الهند والصين على النفط الروسي والإيراني بنسبة 15 - 25% خلال العامين القادمين، مما يقلص عوائد موسكو وطهران بمليارات الدولارات (Energy Intelligence، Reuters).


2. فشل محتمل: استمرار الصين والهند في الرفض، مع وجود الاتفاق الإيراني - الصيني طويل الأمد والخصومات الكبيرة الممنوحة للصين، سيجعل من الرسوم الجمركية الأمريكية عاجزة عن وقف التدفق (Politico، WSJ).

3. تصعيد غير مباشر: فرض عقوبات ثانوية على الشركات والبنوك الممولة للشحنات قد يرفع تكلفة النقل والتأمين ويقلل الكميات، لكنه يهدد بتوتر تجاري أوسع مع بكين ونيودلهي (Reuters، Financial Times).

في المحصلة، النجاح الكامل في وقف تدفق النفط الروسي والإيراني إلى الصين والهند غير مرجح على المدى القصير، لكن يمكن تحقيق مكاسب نسبية إذا مزجت واشنطن بين الضغوط الاقتصادية والتحالفات الدولية وتقديم بدائل طاقة بأسعار مغرية، وهو ما يتطلب إستراتيجية طويلة الأمد وليس قرارات جمركية منفردة، والتنسيق الكامل مع الدول الخليجية المصدرة للنفط والغاز.

* أكاديمي ومحلل سياسي يمني

تقارير

اجتماعات خارج الوطن.. تساؤلات بشأن التكتل الوطني للأحزاب

قال رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، خلال لقائه بقيادات التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، إن استعادة الثقة لا يمكن أن تُبنى فقط على النداءات، بل على الوقائع وتحسين الأداء وشفافية القرار والمساءلة

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.