تقارير
وداعا للفأس.. "حيث الإنسان" يغير حياة بائع الحطب في حضرموت
في رابع حلقات موسمه السادس، عرض برنامج "حيث الإنسان" قصة بائع الحطب في حضرموت، من ذوي الاحتياجات الخاصة، إذ لا يستطيع الوقوف على قدميه، ويعمل بيد واحدة، ليعيل أمه وشقيقته وزوجته، وطفلته الوحيدة، وهي قصة تمنح الأمل، وتزيح عن النفس الستار.
يغادر "علي بانصر" منزله، صباح كل يوم، إلى العمل في التحطيب، زحفا على ركبتيه ويديه، وهي الطريقة التي اعتاد عليها منذ طفولته، رغم ما تسبب له من ألم يشعر به عند عودته إلى المنزل بعد الظهيرة.
وقبل أن يغادر منزله في مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، عليه أن يتأكد من جودة أدوات العمل، وأنها لن تخذله في ساحة رزقه.
برنامج "حيث الإنسان"، الذي تنفذه وتموِّله مؤسسة "توكل كرمان"، منح "علي" كرسيا متحركا للوصول إلى حيث يريد، ومسكنا مؤثثا بالكامل، ومحلا متكاملا لبيع الأسماك، وهو العمل الذي كان بالنسبة له مريحا، أفضل من بيع الحطب، قبل أن يتوقف عن ذلك، ويعود إلى الفأس والتحطيب مجددا؛ بسبب عدم امتلاكه رأس المال الكافي، إلى جانب أن السلطات تمنع خروج الطاولات في الشارع العام، على حد قوله.
عمل برنامج "حيث الإنسان" على توزيع العمل بين الفِرق الميدانية، فبينما ذهبت مجموعة من العمّال لتهيئة منزل جديد تم استئجاره وترميمه وتأثيثه بالكامل، ذهبت مجموعة أخرى لإعداد محل تجاري مناسب لبيع الأسماك.
لم يستغرق تنفيذ المشروع وقتا طويلا، حتى انتهى البرنامج، بتمويل من مؤسسة "توكل كرمان"، من تغيير حياة علي وأسرته.
وتكمن أهمية المشروع كونه غيَّر حياة أسرة، وخفف من معاناتها ومأساتها؛ عائلهم وبطلهم الوحيد "علي"، الذي ظل يعمل لسنوات طويلة، وهو لا يستطيع الوقوف على قدميه، وبيد واحدة.
- توديع الفأس والمعاناة
يصف "علي" مأساته، قبل مشروعه الجديد، بقوله: "قبل المشروع كان فأس، وتحطيب وتقطيع، وتقسيم وتربيط، وتعب وشمس، وأشواك، ومشقة وعناء، إلى أبعد الحدود، لكن هذا المشروع ناجح، وزاد من دخلي المالي لأسرتي، وارتحت من الفأس".
وأضاف: "وداعا للفأس، ولأي شيء كان في حياتي من شقاء وعناء".
وتابع: "عندما كنت أطلب من الناس البحث لي عن عمل، في بعض الأحيان يرفضون تشغيلي، لأني إنسان معاق، ويتساءلون كيف يستطيع العمل؟، وفي النهاية اخترت لنفسي العمل في التحطيب، لكي أساعد أسرتي وزوجتي وأمي، وكذلك أختي، التي هي أيضا تساعدني وأساعدها".
واستطرد: "في بداياتي الأولى مع الفأس والتحطيب، كنت لا أجيد استخدامه، فظليت أتعلم وأتعلم، إلى أن وصلت لدرجة أقطع فيها الأشجار".
وزاد: "نحن أناس بسطاء، نمزح ونضحك، لذلك المجتمع تقبّلني، فاجتهدت بالعمل، وكان جيراني وأهل المنطقة ينادوني عندما يحتاج أحدهم للحطب، أو يريد أعمالا أخرى أستطيع عملها".
كان علي يستأجر وسيلة نقل بمبلغ متعارف به؛ لنقل الخشب من مكان عمله إلى جوار منزله، وما تبقى له يوفر احتياجاته الأساسية هو وأسرته، يستر به حاله.
ولأن سوق الحطب في فصل الصيف يقل، يضطر علي لأن يوفر جزءا بسيطا مما يحصل عليه في فصل الشتاء لأيام الصيف.
وفي اللحظات الفارقة من حياته، تهيأ "علي" للخروج، والسير على كرسي متحرك، في الشوارع ذاتها، التي تعب من حر رمالها، وتقلب أمزجة العابرين من جواره، فيما كان ينتظره من جاءوا لمشاركته لحظاته الهامة من حياته، التي تغيّر فيها الكثير مما كان اعتياديا.
واختتم حديثه بابتسامة توضح مدى فرحته وسعادته بحياته الجديدة، معبّرا عن خالص شكره لـبرنامج "حيث الإنسان"، ومؤسسة "توكل كرمان".