تقارير

يوم في منفذ الوديعة.. إرهاق وجوع ومعاناة يومية لآلاف المسافرين

19/02/2024, 14:33:55
المصدر : خاص - يحيى السهيلي

على بوابة المنفذ البري الوحيد، الذي ما يزال مفتوحا بين اليمن والمملكة العربية السعودية، يصطف طابور طويل من المركبات والمسافرين، الذين بذلوا كل جهدهم وأموالهم للوصول إلى حلمهم في الاغتراب؛ بحثا عن فرصة عمل بعد أن تقطعت بهم السبل في بلدهم المنهمك بحرب تجاوز عمرها التسع السنوات.

الثلاثيني زكي حزام واحد من مئات الآلاف الذي وجد عمره يتسرب من بين يديه، وتمضي سنواته في دوامة غير منتهية، وهو عاطل عن العمل، وفارغ من الطموح والأمل.

مطلع شهر يناير الماضي، كان "حزام" ضمن قافلة من السيارات والمركبات الواقفة في منفذ الوديعة الحدودي تنتظر السماح بدخول الأراضي السعودية؛ لبدء حياة جديدة، يتمنى أن يتوفق فيها بعمل يعوض من خلاله سنوات الضياع.

- صيام إجباري

انطلق زكي من عدن على متن حافلة تابعة لإحدى شركات السفر، في تمام الساعة الثانية بعد الظهر، في طريق طويل ومرهق يفتقد للصيانة، ليصل إلى منفذ الوديعة بعد الثالثة فجراً، متوقعا أن يجتاز الأراضي اليمنية، خلال ساعات قليلة.

وفي المنطقة الحدودية القاحلة وشبه المعزولة، فاقت فترة الانتظار كل توقعاته، حيث استمرت إجراءات التفتيش والفحص للمركبات السابقة لحافلته أكثر من ٢٤ ساعة، مرت كعقد من الزمن؛ نتيجة الإرهاق الشديد، والانتظار المشوب بالقلق والرهبة.

يقول زكي لـ"موقع بلقيس": "في فجر اليوم الذي وصلنا فيه للمنفذ، تناولت وجبة خفيفة من الكيك والعصائر، على أمل أن ندخل إلى شرورة بعد وقت قصير، ونتناول الطعام هناك، إلا أننا بعد دخول الجانب السعودي وجدنا طوابير كبيرة من الحافلات، استمر فحصها إلى ما بعد الثالثة فجرا في اليوم الثاني".

ويضيف: "لم أكن أعرف أنا، ومن يسافرون للمرة الأولى، أن التفتيش سيستغرق طول هذه المدة، ولم نأخذ معنا أي طعام، حتى كدنا نهلك من الجوع والعطش".

- إغلاق ثلاثة منافذ

ليس زكي وحده من مر بهذه التجربة المريرة، فالآلاف من المسافرين، لاسيما من النساء والمرضى والمسنين، المغادرين للزيارة، أو أداء العمرة، أو العمل، يذوقون الأمرّين، في رحلة تستهلك كل طاقتهم؛ بسبب بطء الإجراءات، ونقص عدد الموظفين، وغياب التنسيق وأعمال الصيانة، والممارسات التعسفية، التي قد تصل إلى تعليق العمل في الجانب السعودي.

معاناة المسافرين لم تكن تصل إلى هذا المستوى قبل تدخّل السعودية، مع دول التحالف، في الحرب في اليمن في مارس ٢٠١٥، حيث تمتلك اليمن مع السعودية، بالإضافة إلى منفذ الوديعة، منافذ: حرض، وعلب، والبُقع، لكنها قامت بإغلاقها بالكامل، منذ بدء العمليات العسكرية، وهذا ما دفع المسافرين إلى مناشدة قيادة الدولة، والجهات المختصة، مرات عدة، للتنسيق مع الجانب السعودي بهدف تسهيل إجراءات العبور، وتذليل العقبات، خاصة أن عدد اليمنيين المقيمين في الأراضي السعودية يزيد عن مليون و٨٠٠ ألف شخص حتى نهاية عام ٢٠٢٢، بحسب إحصائيات رسمية للمملكة العربية السعودية، علاوة على أعداد كبيرة من الزوّار والمعتمرين والحجاج.

- نقطة فاصلة

منفذ الوديعة -من وجهة نظر المسافرين- ليس مكانا عاديا، وإنما نقطة فاصلة بين الماضي والحاضر في حياة كل حالم في الحصول على عمل، وما بين مشاعر الحزن لتوديع الأهل والأصدقاء والأحبة، والرهبة من المستقبل المجهول، والمفتوح على احتمالات الفشل والنجاح، يقضي المسافر ساعات طويلة عالقا بين الأمل والخوف.
ولن ينسى الشاب العشريني "قصي"، الذي بدأ رحلة الاغتراب، نهاية العام الماضي، تجربته الأليمة في معبر الوديعة، وساعات التوقف الطويلة في المنطقة الحدودية، ومحاولته النوم بجوار الحافلة في العراء؛ انتظارا لعبور الأراضي السعودية.

وبحسب قصي، لا تقتصر المعاناة على التعب الجسدي والإرهاق الناتج عن السفر الطويل والانتظار، إذ تولد ساعات الانتظار الطويلة معاناة نفسية، وتزيد الهواجس ومشاعر الخوف من أي إجراء تعسفي قد يعيقه من الدخول إلى المملكة، ويحرمه من فرصة العمر، التي باعت العائلة أهم مقتنياتها للحصول على التأشيرة (الفيزا).

وعلى الرغم من المعاناة الحالية في الوديعة، إلا أنه لا مجال للمقارنة بالوضع الذي كان سائدا، خلال فترة انتشار كوفيد١٩، والإجراءات المشددة التي ضاعفت معاناة المسافرين، وجعلت فترة الانتظار تصل إلى ما يقارب أسبوعا كاملا، تجرع الناس فيه أصنافا من الألم والتعب، كما يؤكد بديع عبدالله لموقع "بلقيس".

ويشير إلى أن منظر العائلات المتناثرة في المكان المقفر كان يثير الحزن، وتدمي القلب، وتجعل الناس يكرهون السفر، ويضطر البعض إلى تأجيله أو إلغائه.

وبحسب عبدالله، تتعامل الحكومة الشرعية باستهتار مع معاناة مواطنيها، ولا تعمل على إيجاد حلول ومعالجات تحد من مشاكل العبور، رغم مناشدات الناس المتكررة.

تقارير

لماذا تُضخم واشنطن من قدرات الحوثيين؟

يواصل مسؤولون أمريكيون التهويل غير المسبوق لمليشيا الحوثيين وتسويقها بشكل مثير للسخرية، لم يقتصر على وصف المواجهات معها في البحر الأحمر بأنها "أعقد وأشد اشتباك بحري منذ الحرب العالمية الثانية"، بل وصل الأمر إلى الزعم بأن تلك التجربة "تُدرَس بعناية" ضمن تحضيرات الجيش الأمريكي لاحتمالات المواجهة مع الصين، في ربط غير منطقي بين مليشيا جبلية فوضوية والصين بوصفها القوة النووية والعسكرية والاقتصادية الصاعدة التي تشكل التحدي الأكبر للهيمنة الأمريكية في العالم.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.