تقارير

اعتقالات واتهامات بالجاسوسية.. قراءة في تهديدات الحوثيين الأخيرة

18/10/2025, 09:07:42
المصدر : خاص

ما إن توقفت الحرب في غزة، حتى انفجرت سلسلة تهديدات حوثية في كل اتجاه، تشمل تهديدات ضد المنظمات الأممية واعتقالات واسعة بحق موظفيها في صنعاء.

وللمرة الأولى، توجيه اتهام صريح لأحد هؤلاء الموظفين بأنه مرسل إحداثيات الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف حكومة المليشيا غير المعترف بها.

أيضا تهديدات بالسيطرة الكاملة على الأراضي اليمنية من خلال هجوم واسع على مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.

أما التهديد الأكثر تداولاً في خطاب قيادات المليشيا وإعلامها، في الوقت الراهن، فهو التهديد الموجّه للسعودية.

- ترتيبات عسكرية

يقول الصحفي طالب الحسني بخصوص تصريحات مليشيا الحوثي: «أعتقد أنّها ليست تهديدات، وإنما صوتٌ مرتفعٌ يقابل نشاطين؛ النشاط الأول هو تكثيف العقوبات التي تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية، التي تستهدف الاقتصاد والمعيشية».

وأضاف: «المسار الثاني هو تحرك سعودي- أمريكي- إماراتي، وهناك مؤشرات عليه، وبالتالي يجب استكمال استحقاق اتفاق أبريل 2022 والخروج من حالة الانتظار بالنسبة للتحالف، الذي يترقب نتائج محاولاته في الداخل وتشديد الحصار».

وتابع: «يجب الخروج من حالة الترتيبات العسكرية التي تموّلها السعودية والإمارات وأمريكا لاستهداف اليمن، وليس من الضروري انتظار ما سيقوم به الطرف الآخر».

وأوضح: «يجب اختبار جدّية السعودية الآن، واختبار نواياها، ودفعها باتجاه استحقاقات واستكمال اتفاق أبريل 2022».

ويرى: «عندما لا يتم رؤية سلوك سعودي أو إماراتي، فهذا يعني أن التحالف يتجه فعلياً نحو ترتيبات معيّنة (وخاصة السعودية) للعودة إلى العدوان على اليمن بتشجيع من الولايات المتحدة».

وأكد: «إسناد غزة مسألة ترتبط بالبُعد الديني والوطني والإنساني والأخلاقي، فليس من المنطقي أن يتم التخلي عن الشعب الفلسطيني لصالح عدوٍّ يهدد المنطقة كلها».

واعتبر القول إن جماعة الحوثي تهرب إلى الحروب من استحقاقات داخلية «ليس صحيحاً».

وذكر: «الولايات المتحدة الأمريكية جاءت إلى البحر الأحمر، وكذلك أوروبا، من أجل حماية الكيان الإسرائيلي، رغم أن البحر الأحمر منطقةٌ عربيةٌ إسلامية».

وأشار: «العمليات اليمنية في البحر الأحمر جاءت نتيجةً للحصار والتصعيد الإسرائيلي».

ولفت إلى أن «صحيحٌ أن السعودية كثيرًا ما تهاجم وتقول إن هناك أضرارًا في الملاحة الدولية، لكنها أيضًا تملك قناعةً وتصريحاتٍ بأن المسألة مرتبطةٌ بالتصعيد في المنطقة ككل».

وبيّن أنّ «التصريحات (الصادرة جماعة الحوثي) تحثّ السعودية على الذهاب إلى الحوار قبل أي تصعيدٍ أو مواجهةٍ جديدة، خصوصًا بعد نشاط وسلوك السعودية، في المرحلة الماضية، التي استهدفت ما تبقّى من الشرعية».

وأضاف: «في الواقع لم يكن هناك خطابٌ تصعيديّ ضدّ ما يسمّى الشرعية، بل كان الخطاب موجّهًا مباشرةً إلى السعودية».

ونوّه: «في الحقيقة، جاء هذا الخطاب بالتزامن مع مناسبة 14 أكتوبر، كتذكيرٍ للسعودية بأنها تمارس احتلالًا وسلوكًا عدوانيًا في اليمن، وكذلك للإمارات والتحالف الذي لا يزال يسيطر على مناطق واسعة في جنوب اليمن».

وشدّد: «الحوار ومحاولة دفع السعودية إلى مسارٍ يفكّك من خلاله هذه الإجراءات إنما هو من أجل معالجة المعاناة الداخلية، إلى جانب الكثير من الإجراءات التي تتخذها الدولة (جماعة الحوثي) في الداخل».

وأشار إلى أن «هذا النوع من الاستهداف يهدف إلى الإضرار بالمواطنين بشكلٍ كبيرٍ جدًا، بغرض إحداث حالة من الشغب في اليمن، وهذا ما لا يمكن القبول به أو السماح بحدوثه».

ونبّه: «البعض يتبنّى فكرة أنّه يجب الذهاب إلى حرب مع اليمن (جماعة الحوثي) لإسقاطه مجددًا، وهذا يعكس فشلًا عسكريًا».

وأوضح: «المحور (التابع لإيران) دفع ثمنًا كبيرًا؛ لأنها حرب واسعة، لكن الطرف الآخر أيضًا لم يحقق نتائج حاسمة لا في غزة ولا في حزب الله ولا في اليمن».

وأشار: «هناك تغيير ومتحولات لدى السعودية الآن، وثمة قناعة ببعض التراجع للمحور، واستنزاف حزب الله واليمن، مما يفتح مجالًا لتوظيف هذا التراجع؛ إما بتقديم رؤية جديدة أو بالذهاب إلى حرب جديدة».

وأضاف: «إطلاق التهديدات ليس مجرد تهديدات، بل محاولة لدفع السعودية إلى تبنّي مقاربة قد تؤدي إلى صراع وحرب جديدة».

وبيّن أنّ «لا أحد يريد هذه الحرب، وعلى السعودية أن تغيّر هذه المقاربة إلا إذا كانت مقتنعة بها تمامًا، وإلا فإن تورّطها سيحمّلها تداعيات أكبر بكثير مما كانت عليه من قبل، ربما بعشرات المرّات».

وبخصوص استهداف واعتقال موظفي المنظمات الدولية؛ أكد أن «هناك أدلةٌ كثيرةٌ قاطعةٌ على استخدام بعض منظمات الأمم المتحدة نشاطًا استخباراتيًا، وهذا ليس محصورًا في اليمن فحسب؛ فالأمر ليس جديدًا».

ونوه: «ثانيًا، هناك اختراق لتلك المنظمات؛ لأنها تصل إلى أماكنٍ مسموحٌ لها أن تتحرك فيها، واختراق حكومةٍ مدنيةٍ متحركةٍ أمرٌ سهلٌ على بعض المنظمات».

واعتبر: «من الطبيعي أن يكون هناك نوعٌ من الاختراق، وقد نجح هذا الاختراق إلى حدٍّ ما».

وأوضح: «للأسف، تُستخدم بعض المنظمات الإنسانية تحت غطاء إنسانيٍّ لأغراضٍ أخرى، وهذا ليس جديدًا».

وذكر: «أعتقد أنّ الأمم المتحدة نفسها واجهت في اليمن أدلةً قاطعةً خلال عملية تفاوض معها حول كثيرٍ من الذين تم اعتقالهم، والذين يعملون مع هذه المنظمات، وهم يدركون هذه الأجهزة أكثر من غيرهم».

- ضغط إيراني

يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء عبدالباقي شمسان: «هناك تحولٌ في المحور الإيراني في المنطقة، فقد تم إضعاف حزب الله واستهداف قياداته، وهناك عمليات تهدف إلى إخراجه من المعادلة العسكرية، وحتى إضعاف وجوده السياسي ما لم ينخرط داخل منظومة العمل السياسي اللبناني».

وأضاف أنّ «هناك أيضًا إنهاء النظام في سوريا، كما توقفت المعارك بين الكيان الصهيوني والفلسطينيين في غزة، مما أحدث نوعًا من التحييد للجماعات الشيعية والحشد الشعبي في العراق، وبالتالي أصبحت جماعة الحوثي فاعلًا توظفه إيران وتستثمره في المفاوضات مع الدول الكبرى والإقليمية».

وأشار إلى أنّ «القضية الفلسطينية تُستغل تكتيكيًا ضمن الإستراتيجية الإيرانية، فالقضايا القومية للعرب والمسلمين تُستثمر لصالح المشروع الإيراني، ولا يمكن، بمنطقٍ واقعي، تحرير فلسطين عبر مليشيات، خصوصًا مع التفوق التكنولوجي والتقني للكيان الإسرائيلي».

وذكر أنّ «المليشيات تعيد استثمار الوقت عبر دفع الأطراف إلى طلب التفاوض، وهذا الاستثمار في المفاوضات يستغل وقتاً ثميناً».

وأضاف: «إيران في وضعيةٍ لا تسمح لها بالاستثمار في حزب الله أو الحشد الشعبي كما في السابق، بل تستثمر الآن في الحوثيين للتفاوض على مصالحها الإستراتيجية، معتمدةً على ما يسمى 'حرب اللا تماثل'، أي استخدام فاعلٍ غير الدولة (المليشيات) لتحقيق مكاسب في توقيتٍ محدد».

وأكّد أنّ «الضغوط الداخلية كلها تدفع جماعة الحوثي إلى إشعال حربٍ داخلية، واستهداف الوجود الدولي والملاحة الدولية باعتبارها قوى أجنبية».

وبيّن أنّ «هذه المليشيات ستقود إلى معارك طويلةٍ للبقاء في السلطة؛ لأن مشروع الحوثي فشل على مستوى المجتمع المحلي، فهناك رفضٌ شعبي واحتفالٌ بثورتي سبتمبر وأكتوبر، في مقابل قمعٍ وتجويعٍ للشعب».

وتابع: «العوامل التي تسمح لإيران والحوثيين بالاستثمار هي: التباين بين دول المنطقة حول كيفية تأثير الجغرافيا والمجتمع اليمني، والانقسام داخل تشكيل المجلس الرئاسي، وتغييب المؤسسات، بالإضافة إلى تجويع الشعب الذي جعل مطالبه حياتيةً بحتة».

وأوضح أنّ «هذه العوامل الثلاثة وفّرت لإيران والحوثيين فرصة استثمار الوضع، لكن هناك تحولٌ في المواقف الدولية، والجماعة الحوثية ستقود إلى معارك نترقبها قريبًا، خصوصًا بعد استدعاء الكيان الإسرائيلي إلى الجغرافيا اليمنية».

وشدّد: «الدعوةَ إلى السعودية في الوقت الراهن تهديد وورقة ضغط، وجماعةَ الحوثي خاضت جولاتٍ من المفاوضات في الكويت وأوروبا وغيرها، واستثمرت تلك المفاوضات لتعزيز سيطرتها وكسب مزيدٍ من الوقت».

وذكر أنّ الجماعةَ اليوم تتعامل مع السعودية «وكأنها موظّفٌ لديها، تدعوها متى تشاء وتطردها متى تريد، وتفرض شروطها باعتبارها القوّةَ المنتصرة».

ونبّه إلى أنّ توقيتَ هذه التحركات مرتبطٌ بالأجندة الإقليمية، مؤكداً أنّ الحربَ وإن كانت مكلفةً، فهي «مكلفةٌ للشعب اليمني ومقدّراته، لا لأمراءِ الحرب الذين يملكون مشروعاً سلاليّاً ونهباً ماليّاً واسعاً ويريدون تكريسه على حساب معاناة اليمنيين».

وأكد أنّ «القضيّة الفلسطينية ذاتُ بُعد قوميّ وإنسانيّ ووطنيّ»، متسائلاً: «لكن أين البُعدُ الوطنيّ والأخلاقيّ والقوميّ للحوثيين في الداخل؟ في السجون؟ في نهب المال العام؟ في الاختطاف والترويع والاستيلاء على الأراضي؟».

وأشار إلى أنّ «المرحلةَ المقبلة من المشروع الإبراهيميّ الجديد ستشهد التخلّصَ من الوكلاء الذين أدّوا مهامّهم بنجاح، مثل حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، وغيرهم».
وأضاف أنّ «الولايات المتحدة والغرب منحوا الحوثيين فرصةً ليكونوا طرفاً في المعادلة، لكنّهم خسروا هذه الفرصة، والآن يحاولون الدخول مجدّداً عبر الأمم المتحدة والسعودية والإمارات».

وأوضح أنّ «الحلَّ الوحيدَ لمواجهة هذه المليشيا ليس عبر التحالفات الأجنبية كتحالف سبيدس أو حارس الازدهار، وإنما عبر الجيش الوطنيّ في الداخل»، مؤكداً أنه «قادرٌ بخبرته على التعامل مع هذه الجماعة، وإنهاء مشروعها السلاليّ الإماميّ، واستعادة الجمهوريّة اليمنيّة».

وأشار إلى أنّ «استهداف المملكة مطلبٌ يسعى البعض لتحقيقه، وهذا سيحصل إذا أعطت إيران (مليشيا الحوثي) الضوء الأخضر».

ولفت إلى أنّ «السعودية تمتلك مشروع (2030) وتوجّهاً نحو مشاريع كبرى، وأيّ تهديدٍ يطال المطارات سيُربك تلك المشاريع، لذا فإنّ التحركات الحالية تُعدّ عملاً من أعمال الضغط والتهديد».

وأكد أنّ «الحالة الراهنة تتسم بالغموض تجاه توجه الحوثيين، وهناك استهداف إسرائيلي محتوم، مع استمرار جمع المعلومات».

وشدّد: «الحلّ الوحيد أمام السعودية هو إما خوض حربٍ استباقيةٍ أو دعم الجيش الوطني الذي أصبح شبه جاهز، فالوضع يتطلّب إعادةَ تفكيرٍ وإستراتيجيّةٍ جادّةٍ لمواجهة هذه الجماعة وإجهاض مشروعها، حفاظاً على أمن اليمن والمنطقة».

ونوّه أنّ «إيران تضغط على السعودية وتهدد مشروعها (2030)، كي تحافظ السعودية على الحوثيين، وتتحرّك دوليًا للحفاظ على ما تبقّى لها من مكتسبات».

وأضاف: «من الممكن أن يرفع الحوثيون خطابهم ويستهدفوا السعودية إذا لم تأتِ بمبادرات أو دعوة إلى حوار».

ولفت إلى أنّ «على المستوى الداخلي هناك ضغط عالٍ واستهداف للقيادات، ونقمة شعبية، وحصار، ولذلك قد تحاول الجماعة أن تحرق المركب، وتشكّل ما يسمَّى حربَ حافة الهاوية».

وذكر أنّ «الأمم المتحدة تتحمّل المسؤولية؛ لأنها دخلت في فساد مع هذه الجماعة، وقد تمّ السيطرة على مقراتها مما يجعلها غير قادرة على مكاشفة هذه الجماعة».

وحذّر: «الحوثيون سيذهبون جنوبًا وإلى مأرب وتعز والسعودية، وسيقودون اليمن إلى معارك في عدة مناطق؛ ولذلك على المجتمع اليمني والنخب السياسية والإقليمية أن يتفقوا على كلفة وطنية وإقليمية لمواجهة هذا الخطر».

تقارير

مجلة يوراسيا ريفيو: توسّع الحوثيين إلى السودان يُنذر بصراعٍ أوسع

بعد نحو خمسة أشهر من إعلان الرئيس دونالد ترامب إيقاف إطلاق النار من جانبٍ واحد، بهدف إنهاء قصف المتمرّدين الحوثيين المتمركزين في صنعاء، مقابل وقف هجماتهم على السفنِ الأمريكية، ما يزالُ المتمرّدون الحوثيون المدعومون من إيران يُهدّدون حركة السفن التجارية المدنية عبر البحر الأحمر.

تقارير

عدن مهددة بالظلام مجددا.. أزمة كهرباء بلا حلول

تتجدد معاناة سكان العاصمة المؤقتة عدن جراء انقطاع الكهرباء، إلا أنه عقب تحذير مؤسسة الكهرباء في العاصمة من قرب الخروج الكلي للمنظومة عن الخدمة، ترددت أنباء عن انفراجة يمكن وصفها بالبسيطة، تمثلت في وصول الناقلات التي كانت تحمل الوقود المخصص للمحطة في عدن.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.