تقارير
الأغنية اليمنية.. بين محاولة السطو والحماية من الاندثار
عواصف كثيرة تعرّضت لها الأغنية اليمنية في مختلف ألوانها الغنائية، وتحت لافتة "تراث" تم سرقة عشرات الأغاني والألحان الأصلية دون أي رقابة أو اعتراض من قِبل الجهات المعنية في اليمن، وهو ما أغرى الكثير من الفنانين على نسب بعض الأغاني اليمنية لأنفسهم، وتقديم بعض الألحان دون نسبها إلى مصدرها.
عشرات الأغاني، التي جرى تجريفها والسطو عليها من قِبل فنانين خليجيين وعرب، لا تزال بحاجة لإثبات هويتها وعودتها إلى أصلها، غير أن هذه ليست كل التعقيدات التي أحيطت بالأغنية اليمنية، فإهمال الأنظمة السابقة لتوثيق النوتة الموسيقية كان أبرز عوامل تجريفها، عوضا عن غياب المراكز والمعاهد المعنية بتدريس التراث اليمني، والمحافظة عليه من الضياع.
ومع تزايد التجريف، الذي يواجه تراثنا الغنائي، تتعاظم المسؤولية المناطة بجيل اليوم للحفاظ على هذا التراث الفني الغني والمتنوّع بألوانه ومدارسه على تميّزه وفرادته، والبدء بتوثقيه وحمايته من السرقة والاندثار.
-غياب الاهتمام
وفي السياق، يقول رئيس اتحاد الأدباء والكُتاب اليمنيين في تعز، نبيل الحكيمي: "إن سرقة التراث زادت وكثرت في الآونة الأخيرة، كما أن الغريب في الأمر هو سرقة أغانٍ حديثة وليست تراثية".
وأضاف الحكيمي، خلال حديثه لبرنامج "المساء اليمني" على قناة "بلقيس" مساء أمس، أن "السرقات الفنية بشكل عام توجد في جميع البلدان، وليست منحصرة في اليمن فحسب".
ويرى الحكيمي أن "سبب سرقة الفن اليمني يرجع إلى عدم اهتمام المسؤولين والجهات المختصة به، وبالتالي كثرت السرقات الفنية في اليمن، كونه لا يوجد من يحافظ عليه".
ويلفت الحكيمي إلى أن "هناك تفاعلا في مواقع التواصل من كثير من الناشطين لإظهار الأغاني اليمنية المسروقة بحسب إمكانياتهم المتاحة، في حين أن المسؤولين اليمنيين قد صموا آذانهم وكأنّ الأمر لا يعنيهم أو يهمهم بشيء".
ويؤكد الحكيمي أن "من أولى مهام وزير الإعلام والثقافة الاهتمام بالتراث، كما أن الناس لن يقبلوا التنصل عن المسؤولية بحُجة الظروف العصيبة أو ظروف الحرب".
ويفيد الحكيمي أن "هناك قوانين توضّح كيفية رفع القضية إلى اليونسكو عند السرقة، كما تقوم اليونسكو بعرض اللحن المسروق على الخبراء وفحصه، حتى يتم الاعتذار والتعويض".
ويعتقد الحكيمي أنه "يمكن الانتصار في هذه القضايا حتى دون وجود المحامي البارع، كونها قضايا مضمونة النتائج".
ويرى الحكيمي أنه "يمكن للمحامين اليمنيين الاستعانة بفنانيين لديهم حرص في هذا الجانب كأحمد فتحي وجابر أحمد علي، كونهما من خريجي معهد موسيقى، ولديهم مؤلفات في هذا الجانب كذلك".
-تأمين التراث
من جهته، يقول الفنان والناقد الموسيقي، جابر أحمد علي: "إن المهم هو أن نلتفت نحن أولا إلى تراثنا، وذلك من خلال إنشاء مراكز للبحث والتوثيق والأرشفة في هذا الجانب".
ويرى علي أنه "في حال وجدت هذه الأشياء فإنه يمكن من خلال هذه الأدوات الفعالة تأمين التراث اليمني، وصيانة الحق الثقافي من السرقة".
ويوضح أن "هناك إبداعا ثقافيا وموسيقيا منذ الحضارات القديمة كالحضارة الحميرية، التي استمر عطاؤها عبر التاريخ، كما ظهرت الذاتية الفنية اليمنية في عصر المأمون".
ويفيد أن "الذاتية الفنية اليمنية تبلورت أكثر في عصر الدولة الأيوبية، وذلك عندما تأسس الموشح اليمني، ونما في أحضان الطرق الصوفية كذلك".
بدوره، يرى الإعلامي، عبدالله الحرازي، أن "اليمنيين المتذوقين للأغنية ليس لديهم مانع من انتشار الفن اليمني وتراثهم الفني عبر العالم، ولكن الشيء المكروه هو عدم ذكر مصادر هذه الأغنية، وهو ما يضر بالحضارة عموما".
ويضيف الحرازي أن "المحرك الوحيد للحضارة الموجودة اليوم في أقاصي الأرض هو حفظ حقوق المبتكرين والمبدعين في العالم".
ويوضح الحرازي أن "الموروث اليمني يعد فاحش الثراء إلى الحد الذي لم يستطع اليمنيون أن يحيطوا به أنفسهم لعدم وجود المؤسسات الثقافية الرسمية والشعبية، كما أنه تم إهمال المعاهد الموسيقية في اليمن، ولا يوجد تدوين موسيقي للأغاني اليمنية أبدا كذلك".