تقارير

"البودكاست" اليمني: نافذة جديدة للتعبير يواجه تحديات كبيرة

09/09/2024, 14:23:47
المصدر : خاص - بشرى الحميدي

يشهد المشهد الإعلامي في اليمن تحولاً كبيرًا مع بروز منصات "البودكاست" كوسيلة إعلامية جديدة تلقى رواجًا واسعًا، خاصة بين فئة الشباب.

إذ تعتبر هذه المنصات أداة قوية للتعبير عن الرأي ونشر المعرفة في مجتمع يواجه تحديات كبيرة تتعلق بالبنية التحتية والوضع الاقتصادي والسياسي.

في هذا التقرير، نسلط الضوء على آراء مجموعة من الخبراء حول تطور صناعة "البودكاست" في اليمن، التحديات التي تواجهها، والفرص التي قد تعزز نموها في المستقبل.

- وسيلة للتعبير عن الذات

يقول أسامة عادل، مقدم "اليمن بودكاست"، إن صناعة البودكاست تشهد نموًا ملحوظًا في اليمن، مرجعًا هذا النمو إلى اهتمام الشباب بمحتوى متنوع ومخصص يلبي تطلعاتهم.

يضيف: "البودكاست في اليمن يمثل صوتًا جديدًا يعبّر عن جيل يبحث عن محتوى أصيل ومختلف. إنه ليس مجرد وسيلة للاستماع، بل هو منصة للتفاعل والتعبير عن الذات".

وأشار عادل، في حديثه لموقع "بلقيس"، إلى أن "البودكاست يوفر منصة فريدة للتعبير عن الآراء وتبادل الأفكار، بالإضافة إلى توفير محتوى متخصص في مختلف المجالات؛ مثل: الفن، التكنولوجيا، والمجتمع".

ومع ذلك، يرى عادل أن "التحديات، التي تواجه الصناعة كبيرة، منها ضعف الاستثمار في المحتوى الإعلامي، وضعف البنية التحتية للإنترنت في بعض المناطق، وتأثير الأوضاع السياسية والاقتصادية على قدرة الناس على متابعة البرامج الصوتية.

وأوضح أن "التحدّيات، التي تواجه صناعة البودكاست في اليمن، عديدة ومتنوعة، لكنها لا تقلل من أهميتها، أو من قدرتها على النمو والتطور".

ودعا إلى ضرورة دعم صُنّاع المحتوى في اليمن، وتوفير بيئة مناسبة للإنتاج، بالإضافة إلى تحسين جودة الإنترنت، وتوفير المزيد من الخيارات للمستمعين.

وأكد على أهمية دور البودكاست في طرح القضايا المجتمعية والسياسية، وتأثيره الإيجابي على المجتمع اليمني.

- تحديات البودكاست

يقول سفيان جبران، معد ومقدم بودكاست "عرب أوروبا": "إن من بين التحديات، التي تواجه صناعة البودكاست في اليمن نقص الدعم الحكومي، وقلة الإعلانات، وهما يعوقان تطوّر هذه الصناعة".

ورغم هذه العقبات، أبدى جبران تفاؤله بمستقبل البودكاست في اليمن، قائلا: "أعتقد أن البودكاست سينمو وينتشر على نطاق واسع خلال العشر سنوات القادمة، وكلما كان المنتج ممتازًا زاد اهتمام الناس به".

وأوضح جبران، في حديثه لموقع "بلقيس"، أن "التقدم في سرعة الإنترنت، بفضل المنافسة بين شركات الإنترنت مثل "ستارلينك" والشركات المحلية، سيُساهم بشكل كبير في انتشار المحتوى الرقمي في البلاد، بما في ذلك البودكاست".

وشدد على أهمية دور الدولة في دعم هذه الصناعة من خلال توفير إنترنت بأسعار معقولة تتناسب مع دخل المواطن اليمني، مشيرًا إلى أن العديد من الدول تقدم خدمات إنترنت مفتوحة بأسعار رمزية.

وأوضح أن نجاح البودكاست يتطلب ميزانية جيدة وفريق عمل محترفا.

وبينما يواجه صُناع البودكاست في أوروبا تحديات مختلفة مثل ارتفاع التكاليف وصعوبة توفير فريق عمل متخصص، يواجه صُنّاع البودكاست في اليمن تحديات مرتبطة بالدعم المؤسسي والبنية التحتية الرقمية الضعيفة.

- الفرص المستقبلية

يقول أحمد مثنى، متخصص في تسويق وسائل التواصل الاجتماعي، لموقع "بلقيس": "إن صناعة البودكاست في اليمن تشهد نموًا ملحوظًا، لكنها تواجه تحديات كبيرة تعوق تقدمها".

وأوضح مثنى أن "البودكاست كوسيلة إعلامية جديدة لا يحتاج إلى استثمارات ضخمة مقارنة بوسائل الإعلام التقليدية الأخرى، مما ساهم في ظهور العديد من البرامج الصوتية ذات الجودة العالية خلال السنوات الأخيرة. ومع ذلك، فإن هذه الصناعة تعاني من نقص في الإعلانات، مما يحد من قدرتها على الاستمرار والنمو".

وأضاف مثنى أن "البرامج الحوارية، التي تستضيف شخصيات مؤثرة أو خبراء في مجالات مختلفة، هي الأكثر شعبية في اليمن، وذلك لأن الجمهور يميل للاستماع إلى آراء هؤلاء الأشخاص وتجاربهم".

وأبرز التحديات، التي تواجه صناعة البودكاست في اليمن: نقص الإعلانات، قلة الوعي بأهمية البودكاست كوسيلة إعلانية فعالة، وضعف البنية التحتية.

وبيّن مثنى أن "صناعة البودكاست في اليمن تمتلك إمكانات كبيرة للنمو والتطور، لكنها تحتاج إلى دعم أكبر من الجهات المعنية والمستثمرين، يمكن للبودكاست أن يلعب دورًا هامًا في تنمية المجتمع ونشر المعرفة والثقافة."

- التجارب الأخرى

الصحفي ومدقق المعلومات وصانع البودكاست، محمد علي محروس، أكد على وجود العديد من العوائق، التي تحول دون نمو سوق البودكاست في اليمن مقارنة بالدول العربية الأخرى.

حيث يرى محروس أن أبرز هذه العوائق تكمن في نقص البنية التحتية، التي يعاني منها اليمن، بما في ذلك ضعف سرعة الإنترنت وغياب المنصات المتخصصة، بالإضافة إلى غياب الدعم المؤسسي الكافي من المؤسسات الحكومية والخاصة لقطاع البودكاست، مما يؤثر سلبًا على نموه وتطوره.

وأشار إلى أن سوق البودكاست اليمني يفتقر إلى الاستثمارات اللازمة لإنتاج محتوى عالي الجودة، وتسويقه بشكل فعّال.

وأوضح محروس، لموقع "بلقيس ": "الفجوة بين المحتوى اليمني والعربي تكمن بشكل أساسي في التسويق وليس في الجودة، حيث يوجد العديد من المحتويات اليمنية المميزة، لكنها تفتقر إلى الترويج والتسويق الكافيين".

ولفت إلى أن البودكاست يمكن أن يلعب دورًا حيويًا في تعزيز القضايا اليمنية، من خلال توثيق الأحداث والتاريخ اليمني، والوصول إلى جمهور أوسع ونشر الوعي بالقضايا المختلفة، وتقديم محتوى متنوع يغطي مختلف الجوانب السياسية، الاقتصادية، الثقافية، والاجتماعية.

وأكد على أهمية تضافر الجهود من قِبل المؤسسات الحكومية والخاصة والشباب المؤثرين لتجاوز التحديات التي تواجه قطاع البودكاست في اليمن، وذلك من خلال الاستثمار في تطوير البنية التحتية اللازمة لإنتاج البودكاست، وتوفير الدعم المالي والفني للمبدعين في هذا المجال، وتطوير إستراتيجيات تسويقية فعّالة للبودكاست اليمني.

وأوضح محروس أن هناك العديد من أنواع البودكاست التي تحظى بشعبية في اليمن، مثل البودكاست الحواري والمقابلات، وكذلك البودكاست الصوتي العادي، وأن اختيار نوع البودكاست يعتمد على تفضيلات الجمهور والهدف من إنتاجه.

ويمكن القول إن المستقبل لصناعة البودكاست في اليمن يبقى واعداً، خاصة مع التحسن التدريجي في البنية التحتية الرقمية وزيادة الاهتمام من قبل المستمعين.

ومع دعم أكبر من الجهات المعنية والمستثمرين، يمكن للبودكاست أن يلعب دورًا محوريًا في تعزيز الوعي الاجتماعي، وتقديم محتوى مميّز يسهم في إحداث التغيير الإيجابي على مختلف الأصعدة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.