تقارير

الشرعية أو السعودية.. من يملك القرار السيادي في اليمن؟

27/07/2024, 09:13:33

في حين كان اليمنيون يحتشدون في الشوارع دعما لقرارات الحكومة بإيقاف عمل البنوك في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي كانت الحكومة تتراجع عن ذلك القرار بدعوى المرونة الاقتصادية، وعدم تحميل المواطنين في مناطق سيطرة المليشيا تبعات القرار.

رغم أن القرارات اقتصادية بالدرجة الأولى، إلا أن دلالاتها السياسية كانت هي الملمح الأبرز، وهو ما جعل المواطنين يرون فيها تمثيلا لقدرة الشرعية على مواجهة مليشيا تبدو في أقوى حالاتها، وإلحاق الأذى بها.

قرار التراجع أثار الكثير من النقاش حول مصير مجلس القيادة الرئاسي والشرعية ذاتها، وكيف تحولت إلى لافتات تشرعن العبث الخارجي بمقدرات اليمنيين، وتستثمر في حربهم لتحقيق أهداف لا علاقه لها باليمنيين.

- البنك المركزي

يقول الصحفي الاقتصادي، محمد الجماعي: "كلنا إلى اللحظة الأخيرة كنا ضد هذه الضغوط، وخرجنا في الشوارع، وخرج الشعب أيضا في كثير من المحافظات، وكتب، وتظاهر، وعمل كل ما بيوسعه ليقف مع الشرعية في هذه اللحظة".

وأضاف، لبرنامج "فضاء حر"، الذي بثته قناة "بلقيس" مساء أمس: "الشرعية حتى الآن لم تبدِ أي ملاحظة أو تفسير سوى ذلك البيان المبارِك، وصفه كثيرون -وأنا معهم- بأنه مملوءة أفواههم بالماء، لم يستطيعوا أن يتحدّثوا، ألقوا بكل الحمولة على شفقتهم بشعبنا في مناطق سيطرة الحوثي".

وأوضح: "يمكن فهم السياق على أنه غير مبرر لا من الحكومة، ولا من مجلس القيادة الرئاسي، هذا الصمت المريب، رغم كل ردات الفعل التي جاءت من الشعب اليمني".

وزاد: "لا أستطيع تفسير ذلك حتى الآن، سواء إننا كنا في لحظة الصدمة، هناك مَن تماسك، وهناك مَن ناح وصاح بأعلى صوته، وانتقد كل شيء واعتبرها آخر المطاف، هكذا انقسم الشعب اليمني حيال هذه الخطوة المخزية".

وقال إن هناك "كثيرا من القرارات الاقتصادية تتخذها الحكومة دون إذن من السعودية، ودون تشاور، بدليل تأخّر السعودية في كثير من الأوقات عن تأييد هذه الخطوات، وتلقيها".

وأضاف: "لو كان القرار إملاءات لما قدّم المعبقي استقالته، ولما كانت تصريحات الرئيس رشاد العليمي أيضا حتى اللحظة الأخيرة مع السفير الأمريكي أننا ندعم القرارات، ونؤيدها وستستمر".

وأكد أن "القرار الاقتصادي بيد صاحب السلطة النقدية، وهو البنك المركزي، وبالتالي لدينا -نحن كيمنيين- مسافات نستطيع أن نقيس من خلالها هل جاء هذا القرار من خارج أم جاء من داخل البلد".

وأضاف: "الحكومة استخدمت هذه القرارات لغرض الضغط وإخضاع الحوثيين للتفاوض في المسائل الاقتصادية".

وتابع: "أستطيع أن أقول من هذه اللحظة إن هذا الاتفاق كغيره من الاتفاقات لن يتم، والضامن الوحيد في هذه الاتفاقات هو أن الحوثي لا يلتزم بأي اتفاق، ولن يقبل أي تسوية في المجال الاقتصادي".

واعتبر أن "تراجع البنك المركزي عن قراراته لن يضعف مركزه القانوني؛ لأنها فنية وتحتاج إلى تفسير".

ويرى أن "القرار الأول والأخير هو للبنك المركزي؛ هو الذي يعالج وضعه القانوني، ووضعه المالي، ووضع الحسابات وغيرها، وهو الذي يقرر متى يتوقف هذا البنك، ومتى يشغله، ولذلك الحكومة لا تنظر إلى هذه المسألة من زاوية سيادية أو سياسية، هي مسألة فنية بحتة".

ووصف "الحكومة في هذه اللحظات كالأسد الجائع الذي لا يجد ما يأكله".

وأردف: "الكارثة لو وقعت، وهي موضوع سحب السويفت على هذه البنوك وعلى هذا القطاع الخاص، كانت الكارثة ستعم الجميع".

وبيّن: "السعودية ظهرت في الفترة الأخيرة تريد أن تواصل مشروع الهدنة الذي بدأته مع الحوثي، الذي كان قد كتب له الفشل، ولم يُرجع الحوثي إلى هذه الهدنة سوى قرارات البنك المركزي".

- القرار للسعودية

من جهته، يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحديدة، الدكتور فيصل الحذيفي: "أنا لي نظرة مختلفة عن ما أقرؤه وأتابعه من ردود أفعال من إعلاميين وسياسيين وضيوف في وسائل الإعلام هنا وهناك".

وأضاف: "أنا لا أعتبر أن هناك تراجعا من الحكومة عن قراراتها"، متسائلا: "هل الحكومة هي صاحبة قرار حتى تتراجع عن قراراتها؟".

وتابع: "في نهاية الأمر القرار الحقيقي هو ليس للحكومة، القرار الحقيقي هو للسعودية، هي أوعزت للبنك المركزي بأن يصدر هذه القرارات لتمارس ضغوطات معيّنة مع الحوثيين".

وأشار إلى أن "الحوثي خرج وهدد بأنه سيضرب بنكا ببنك، وميناء بميناء، ومصنعا بمصنع، وأعلن عن افتتاح فرع للحشد الحوثي مع الحشد الشيعي في العراق، وبالتالي أثمرت هذه التهديدات على أن السعودية التي أصدرت للبنك المركزي بإصدار هذه القرارات هي نفسها من أصدرت للحكومة بإلغاء هذه القرارات، وبالتالي هذه الحكومة ليست صاحبة قرار".

وقال: "في نهاية الأمر ينبغي أن تُقرأ الأحداث بشكل سليم، فلو كانت الحكومة تمتلك قرارا لما تراجعت عن قراراتها؛ لأنها قرارات سيادية".

وأضاف: "ولو كانت الحكومة تمتلك القرار لمنعت المبعوث الأممي من التعاطي معه مطلقا؛ لأنه تدخّل فيما لا يخصه، وخارج إطار تخصصه، وبالتالي إذا ينبغي علينا أن نعرف ما هو مصدر القرار اليوم".

ويرى أن "المشكلة العويصة في اليمن هي أن القرار السيادي، القرار الأمني، القرار العسكري، القرار الاقتصادي، كله مُصَادر".

وتابع: "هؤلاء (الحكومة) كومبارس فقط يمارسون ما يُملى عليهم، وسيذهبون باليمن إلى الجحيم إذا استمر الحال كما هو عليه الآن".

وبيّن أن "المعبقي أصدر له الرئيس عبد ربه منصور هادي القرار في ديسمبر من 2021، كل هذه الفترة لم يكن واعيا بما ينبغي عمله، لماذا فقط صدرت هذه القرارات الحاسمة الآن؟!".

وتابع: "الوظائف الرقابية والاقتصادية والنقدية للبنك المركزي أعمق بكثير، وهي ربما يدير بها الحرب الناعمة ضد الحوثيين بدون سلاح".

وزاد: "يمكن تركع الحوثي بسحب الاتصالات، بسحب البريد، منع المنافذ البرية والبحرية من استخدامها باعتباره انقلابيا وغير شرعي".

وقال: "اليوم ما يمليه الحوثي على الشرعية عن طريق السعودية والإمارات يتم الاستجابة له، وبالتالي لا يمكن أن نقول إن المعبقي عمل معجزة، هو أصدر قرارات في حين لم يكن قادرا على إصدارها؛ لأنه لم يوجّه له هذا الإيعاز، وعندما تم إحراجه قدّم استقالته حفظا لماء الوجه، وبالتالي لم تقبل هذه الاستقالة أيضا لبقائه في منصبه".

ويرى أن "في نهاية الأمر هناك تمثيلية تمارس ضد اليمنيين، وضد مصالحهم العليا..".

وقال: "ربما تم التسويق الإعلامي لهذه القرارات باعتبارها قرارات جادة وقرارات حاسمة، وبالتالي بُني عليها أمل توحيد العُملة، وإعادة وضع سعر يناسب الإنسان اليمني المطحون، وبما أنه بُني عليها آمال عريضة كانت الصدمة متوقعة".

وأضاف: "الحوثيون ضعفاء، لكن ظهرت قوتهم بسبب ضعف الشرعية، وبسبب تسليمها القرار للطرف الخارجي الذي يتحكم بها عبثا يمينا وشمالا، شمالا ويمينا، وبالتالي أربك المشهد السياسي، والمشهد الاقتصادي، والمشهد الاجتماعي".

وأوضح: "السعودية، اليوم، تبحث عن سلام؛ لأنها تورطت في حرب، ولا تريد العودة إليها، وهي تمارس مفاوضات من تحت الطاولة مع الحوثيين عبر وسطاء مباشرين مثل عُمان وإيران من جهة وتمارس الوساطة بين اليمنيين".

وأشار إلى أن السعودية "اليوم تطلب من الشرعية في ضمن خارطة الطريق المعلنة أن تذهب إلى التفاوض مع الحوثيين".

وتابع: "السؤال الموجع، هل سنستعيد الدولة من المليشيات الانقلابية في صنعاء بالمباحثات؟".

تقارير

تدهور مريع وعدّة سيناريوهات.. ما وراء انهيار العملة المحلية؟

دعا مجلس إدارة البنك المركزي في عدن الحكومة إلى إعادة النظر في السياسات المالية في مجال تحصيل الموارد العامة، وتخطيط الإنفاق وفقا للأولويات؛ من خلال اعتماد موازنة واقعية، مطالبا مجلس القيادة بدعمه ومساندته للقيام بواجباته باستقلالية ومهنية.

تقارير

تهاوي الريال اليمني.. ما سبب تعثر الإصلاحات الاقتصادية؟

يشهد اليمن أزمة اقتصادية خانقة، إذ يعيش اليمنيون اليوم مأساة انهيار عملتهم الوطنية، حيث تجاوز الدولار حاجز الـ2000 ريال؛ مسجلا أعلى انهيارا له في ظل تخبّط حكومي، وعجز عن إدارة الأزمات السياسية والاقتصادية المتشابكة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.