تقارير
الهجمات بين الاحتلال والحوثيين.. ما انعكاساتها وآثارها على الداخل اليمني؟
تصاعدت الأدخنة من وسط العاصمة صنعاء، وسط صرخات مواطنين من تحت الأنقاض، نتيجة غارات جوية جديدة شنّها الاحتلال الإسرائيلي على صنعاء ومواقع في محافظة الجوف، استهدفت أحياءً سكنية ومنصات لإطلاق الصواريخ ومقارّ عسكرية وإعلامية مرتبطة بميليشيا الحوثي، بينها مقرّ وزارة دفاع الميليشيا في صنعاء، والمجمع الحكومي في محافظة الجوف.
غارات الاحتلال تسببت بسقوط عشرات الشهداء والجرحى من المدنيين، ولا معلومات حتى الآن عمّن كانت تستهدفهم هذه الضربة من قيادات الحوثيين، وإن كانوا ضمن القتلى أم لا.
توقيت الضربة يكشف عن رغبة تل أبيب في توسيع رقعة الحرب في المنطقة، خاصة بعد محاولة اغتيال قيادات حماس السياسية في العاصمة القطرية الدوحة، وإيصال رسالة بأن الرد لم يعد مقيدًا بجغرافيا محددة ولا سقف لتوقعاته.
في المقابل، يواصل الحوثيون استخدام هجماتهم كأداة تعبئة سياسية، لكن المحزن في الأمر أن ارتداد هذه السياسة يقع على اليمنيين الذين يدفعون ثمنًا متزايدًا من دمائهم ومن بنية بلادهم التحتية.
- تأثير الهجمات
يقول الخبير العسكري الدكتور علي الذهب: في البداية، ندين ونستنكر هذه الهجمة الغاشمة على بلادنا، والتركيز بشكل كبير على بنيتها التحتية وعلى المناطق التي يقطن فيها السكان، ونحمّل جماعة الحوثي الانقلابية المسؤولية بشكل كبير.
وأضاف: في ذات الوقت نحمّل الحكومة اليمنية التي تقاعست تجاه حماية مناطق النفوذ التي يسيطر عليها الحوثيون، وتقصيرها في أداء واجباتها تجاه هذا العبث الذي يقوم به الحوثي، وتجاه الهجوم الغاشم الذي يقوم به الاحتلال الإسرائيلي.
وتابع: الملاحظ أن هذه الهجمات هي امتداد لهجمات 28 أغسطس، بمعنى أنها بدأت تنتقل في أطر مختلفة من التطور، سواء كان باستهداف أهداف محتملة يُعتقد أنها تضم قادة الحوثيين، لكنها في نفس الوقت تركز على الواجهة السياسية والعسكرية والأمنية والإعلامية للحوثيين أو الذين يدعمون جماعة الحوثي، وليس الحوثيين أنفسهم.
وأردف: لم نرَ القادة الحوثيين الأساسيين والبارزين الذين تشكّلت معهم الجماعة الحوثية بين من طالتهم هذه الهجمات.
وزاد: هذه الهجمات ركزت على أشخاص يعملون في الواجهة، وتركت أو ربما لم تبلُغ العناصر الفاعلة الموجودة في الظل، ومن جانب آخر فإن التركيز الحاصل مبني على بنك الأهداف أو المعلومات التي حصلوا عليها من خلال الضربات.
وقال: يبدو أن تقييم الهجمات السابقة كان من خلال مجموعة من الوسائل، وخصوصًا وسائل التواصل الاجتماعي أو العملاء الموجودين على الأرض أو نشاط الوحدات المختلفة الإسرائيلية التي يُقال إن إسرائيل جنّدتها، أو الاستخبارات الإسرائيلية بشكل عام، حيث جنّدت أجهزتها أكثر من 200 شخص في هذا الأمر.
وأضاف: تأثير هذه الهجمات بالغ، يتجاوز حدوده العسكرية والظروف الناشئة، وأيضًا الضرورات العسكرية التي تبيح الحرب، لأن مهما يكن الأمر من وجود قادة أو عسكريين في مناطق مدنية، فإن هذه المناطق تمثل حماية أو حصانة بحيث لا تُستهدف، لكن كما يبدو أن إسرائيل بطبيعتها الوحشية والهمجية لم تفرق بين مدني أو عسكري، ولا بين طفل ولا امرأة، وهذا هو دأبها.
وتابع: يوم أمس الأول، كان هناك ضرب على الدوحة، أو استهدفت إسرائيل قادة من حماس في الدوحة، ولم تراعِ العلاقات الموجودة، وإن كانت على مستويات منخفضة، ولم تراعِ أيضًا الحلفاء الأمريكان.
وأردف: في نفس الوقت، غزة هي أفصح وأبلغ مثال للعنجهية والسادية الإسرائيلية التي لم تفرّق، كما قلنا، بين شجر وحجر، وبين إنسان وطفل وامرأة.
- الهدف الأساسي
يقول المحلل السياسي الدكتور عادل الشجاع: أعتقد أن التوقيت هو توقيت مشترك بين الحوثيين وبين الإسرائيليين، حيث يبدأ الحوثيون بإطلاق إما صاروخ أو طائرة مسيرة، ثم يأتي الرد مباشرة من قبل إسرائيل.
وأضاف: الهدف الأساسي والرئيسي من العمليات التي تقوم بها ميليشيا الحوثي هو دفع اليمنيين للالتفاف حولها.
وتابع: ميليشيا الحوثي تنفذ أجندة تخدم إسرائيل بدرجة أساسية ورئيسية، وقد شاهدنا الآثار المتبادلة منذ أن بدأ الطرفان بتبادل الضربات. لم تؤثر الضربات الحوثية على الإسرائيليين بشيء، لكن الضربات الإسرائيلية تستهدف الأعيان المدنية وتستهدف الجناح السياسي للحوثيين.
وأردف: هذا الجناح السياسي للحوثيين، الذي يُفترض أنه حليف لهم، يمكن بأي حال من الأحوال، في حالة الحوار، أن يكون هو الوسيط الحقيقي للوصول إلى سلام دائم وشامل في اليمن.
وزاد: إسرائيل تستهدف هذه الأطراف دون استهداف القيادات الحوثية، ولا أظن كما يروّج البعض أن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية لا تمتلكان بنك أهداف بالنسبة للقيادات الحوثية، فأغلبها تتنقل بطرق بسيطة يمكن رصدها بسهولة ويمكن اقتناصها أيضًا بسهولة.
وقال: الضربات الإسرائيلية تُوجَّه على الأعيان المدنية، وهي أهداف تم استهدافها من قبل التحالف العربي ويتم استهدافها مجددًا. أي أن هناك توجهًا لضرب البنية التحتية لليمنيين، والهدف من هذه الحرب هو كسر شوكة اليمنيين.
وأضاف: الشعب اليمني كان وما زال يمثل النفس القومي العروبي، ويُراد لهذا الشعب أن ينكسر. لذلك، اليوم الحرب التي تُدار على اليمنيين هي حرب هجينة، وقائمة بالفعل ولكنها على أرض الواقع متوقفة.
وتابع: اليوم، إسرائيل تضرب اليمن، وأعتقد أن جميع الأطراف، من الحوثيين إلى الشرعية، معنيون بالدفاع عن سيادة وكرامة اليمن واليمنيين. هذا على المستوى الإعلامي، لكن على أرض الواقع، لا أحد يدافع عن السيادة اليمنية.
وأردف: الطيران الإسرائيلي يجوب اليمن بطولها وعرضها، وميليشيا الحوثي لا تستطيع أن تدافع أو تعترض هذه الطائرات، سواء الأمريكية من قبل أو الإسرائيلية اليوم. كذلك، الشرعية، للأسف الشديد، سلّمت قرارها لطرف التحالف، والحرب في اليمن متفق عليها.
وزاد: لو أن ميليشيا الحوثي جماعة وطنية، كما تنشد الدفاع عن السيادة والكرامة اليمنية، كان يمكن لها أن تقدم مشروعًا وطنيًا يلتف حوله اليمنيون جميعًا، ويمكن أيضًا أن تدعو الشرعية وتضعها في مكان محرج، لكن للأسف الشديد، ما تقوم به اليوم هو تعريض اليمن وسيادة اليمن وتعريض الشعب اليمني لمثل هذه المخاطر.
- خلفية انتقامية
يقول الصحفي الموالي لميليشيا الحوثي، طالب الحسني: أعتقد أن من يرد على أي تصريحات الكيان الإسرائيلي هي طبيعة الأهداف التي يتم استهدافها، بما في ذلك حكومة التغيير والبناء (التابعة للحوثيين) المدنية، والشخصيات كذلك المعروفة، فلا أظن أن أحدًا يجهل طبيعة هذه الأهداف، وهناك تعليق إسرائيلي أيضًا يتحدث عن هذه التفاصيل.
وأضاف: أمس، على سبيل المثال، عندما يتم استهداف محطة وقود مخصصة للمستشفيات تتبع وزارة النفط، هذا هدف مدني. عندما يتم استهداف مبنى لصحيفة "26 سبتمبر" وكذلك صحيفة "اليمن"، وهو في حي ممتلئ بالسكان وتحته سوق تجاري وتحته فرزة نقل عام وسط حي مكتظ معروف في التحرير، هذا هدف حتى لو كان هدفًا عسكريًا، ولا يمكن أن يكون في هذا المكان هدفًا عسكريًا، لأن الناس يعرفون طبيعة هذا المكان.
وتابع: حتى القانون الدولي الإنساني، وقوانين جنيف أيضًا، تقول بشكل واضح تمامًا إنه حتى لو كان هناك هدف عسكري – على الرغم من أنه ليس هدفًا عسكريًا – وكانت هناك تداعيات ستحصل على المدنيين، فهو ممنوع.
وأردف: العدو الإسرائيلي، نحن نعرف تمامًا أنه كلما ابتعد عن تحقيق الأهداف العسكرية والوصول إلى الأهداف العسكرية، فإن استهداف البنى التحتية المدنية والشخصيات المدنية يرتفع، وهذه طبيعة في سلوك كيان العدو الإسرائيلي.
وزاد: هناك خلفية انتقامية في حروب كيان العدو الإسرائيلي، يشتغل عليها، وهو ما يقوم به في غزة مثلًا، وما يقوم به في لبنان، وما قام به في قطر بالأمس، وما قام به في إيران، ويقوم به في اليمن. ولهذا، فإن خلفية الانتقام قائمة.