تقارير

بطالة في السعودية.. هجرة اليمنيين إلى المجهول!

11/08/2024, 11:18:36
المصدر : قناة بلقيس - خاص

هروب من غربة إلى غربة، ومن بطالة إلى بطالة أشد، هكذا هو وضع اليمنيين بعد أكثر من تسع سنوات من اندلاع الحرب، وانزلاق البلاد إلى هاوية الفقر، والأوضاع الاقتصادية المتردّية التي سحقت أكثر من 80% من المواطنين، وهوت بهم إلى تحت خط الفقر.

وتحت آمال الغربة، وكسر دائرة البطالة التي حاصرت الناس في اليمن، كافح كثير من الشباب بدعم من عائلاتهم لتوفير "فيز" (تأشيرة عمل)، وباعوا مدَّخرات الأسر؛ لتحقيق حلم الغربة، وفتح نافذة للأمل، إلا أن التعلَّق بهذه القشة لم تنقذهم من الغرق في الفقر، وأضافت إلى جانب معاناة البطالة وجع الغربة والتشرُّد والحاجة خارج حدود البلد.                           

- الفردوس المفقود

المملكة العربية السعودية هي الوجهة الأولى التي يفكِّر بها الراغب بالهجرة، والملاذ الأسهل للهاربين من شبح البطالة، وخلال سنوات الحرب وانقطاع الأمل في حلحلة الأوضاع في اليمن، توجَّه إليها آلاف اليمنيين بحثا عن فرصة عمل تجعلهم يتشبثون في الحياة.

محمود السهيلي واحد من الشباب الذين وجدوا أنفسهم وسط دائرة البطالة المغلقة، منذ تخرّجه من الجامعة في العام 2014، حتى وصل إلى مرحلة اليأس والعُزلة عن الناس، وفقدان الأمل في كل شيء، لكن دفْع زملائه له للخروج من حالته، ومحاولة البدء من جديد في الغربة، أحيا لديه الأمل، ووافق على خوض التجربة.

باع السهيلي ما تبقّى للأسرة من مدَّخرات، وهاجر إلى السعودية بتأشيرة (فيزا) بدون عمل، وهناك وجد الأمور مختلفة عمَّا كان يتوقّعها، وخلال شهور طويلة من الفراغ، سكنته خيبة الأمل وانقطاع الحال.

يقول السهيلي لـموقع "بلقيس": "لولا بقائي، هذه الشهور، في منزل أحد الأقارب لكنت مت من الجوع، وتشردت بالشوارع بلا سكن، فالأوضاع بالسعودية لم تعد كما كانت بالسابق كالفردوس الذي يحلم به الناس، وصار الحصول على فرصة عمل تحتاج إلى صبر طويل، وتكبّد الجوع والمعاناة".

السهيلي، الذي يحمل بكالوريوس في المحاسبة، حصل مؤخرا على فرصة عمل في بقالة براتب ألفي ريال في الشهر، يستقطع منها مصاريف المأكل والمشرب، ولا يبقي منها سوى فتات يدَّخرها للكفيل، فيما ما تزال أسرته في انتظار ثمرة عمله دون جدوى.             

- الرضوخ للأمر الواقع              

تتشابه قصة السهيلي في مأساتها بكثير من قصص الشباب اليمني الذي غامر بالهجرة إلى المجهول، بعد أن تقطَّعت بهم السُّبل في اليمن، ودفعوا إلى الغربة، وصاروا كالمستجير من الرمضاء بالنار.

يتحدّث عبدالله السفياني لـموقع "بلقيس" عن سنة كاملة من البطالة أغرقته بالدِّيون الإضافية، وجعلت عائلته في اليمن تعيش أوضاعا صعبة بانتظار أن يحصل على عمل، ويسدد الدِّيون لأصحاب المحال الذين أوقفوا تزويد الأسرة بالمواد الغذائية بعد طول انتظار.

يقول السفياني: "بعد بحث طويل عن العمل في الغربة، تصل إلى مرحلة تقبل بها أي عمل، وبأي راتب، حتى توقف تراكم الدِّيون، وتُسدد ما عليك للكفيل والدولة".

وكما السهيلي، يعمل السفياني في محل تجاري من الساعة التاسعة صباحا حتى الثانية عشرة (منتصف الليل) دون توقف؛ براتب ألفي ريال فقط، يصرف منها تكاليف معيشته.                              

- مغامرين جدد

قصص معاناة المغتربين في السعودية لم تمنع الراغبين بالهجرة من المخاطرة، وما تزال أفواج جديدة من الشباب تجتهد، وتتطلع لخوض التجربة؛ لعلّ حظها يكون أفضل من الذين لم يحالفهم التوفيق، وتكون الهجرة فاتحة خير لما بعدها.

تكدّس الأيادي العاملة القادمة من اليمن (عدد المقيمين القانونيين منهم إلى أكثر من مليون و800 يمني حتى نهاية العام 2022، حسب البيانات الرَّسمية للسعودية، وأعداد مماثلة من ما يسمون "المجهولين"، بالإضافة إلى أعداد كبيرة من الجنسيات الأخرى) جعل أصحاب الأعمال يقدِّمون رواتب صغيرة لساعات عمل تتجاوز الـ14 ساعة في اليوم.

وتحول رجال الأعمال، بحسب ما يؤكد المغتربون، إلى انتهازيين في تعاملهم مع العمّال الّذين صار الكثير منهم لا يحصلون عدا ما يغطِّي بالكاد احتياجاتهم الشخصية، وما يصبرهم على البقاء سوى الأمل بالحصول على فرصة جديدة، وعدم القدرة على العودة إلى أهاليهم في اليمن متدثّرين بوصمة الفَشل.

تقارير

وسط تقاعس حكومي.. حالة شلل تام تصيب قطاعات حيوية جراء تصاعد الإضرابات

تتصاعد الأصوات الرافضة للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، حيث أعلنت قطاعات حيوية وفي مقدمتها التعليم والقضاء والصحة إضرابها الشامل والمستمر حتى تتحقق المطالب المطروحة، وأهمها تحسين الرواتب وتنفيذ إجراءات سريعة، لتحسين الأوضاع المعيشية.

تقارير

ما الذي تحمله اللقاءات السياسية والعسكرية الأخيرة للأزمة اليمنية؟

تعكس اللقاءات العسكرية والدبلوماسية الأخيرة، تحركات دولية وإقليمية لإعادة صياغة المشهد اليمني، لكنها لن تؤتي ثمارها ما لم ترافقها جهود محلية صادقة لمعالجة الانقسامات وبناء مشروع وطني جامع، لأن الحل لا يأتي من الخارج بل من الداخل.

تقارير

شبح الحوادث المرورية يطارد أرواح المغتربين اليمنيين في السعودية

"كالمستجير من الرمضاء بالنار"، مثل شعبي يضرب على شخص يعدل عن أمر فيه مشقة عليه أو خطر إلى ما هو أسوأ، وهو يكاد يلخص حالة اليمني الذي هاجر بلاده إلى بلد الاغتراب بحثاً عن فرصة عيش أفضل ويتمكن من إعالة أسرته التي غادرها مُكرهًا، ليلقى حتفه ويفارق الحياة بـ"حادث مروري" وتحيل حياة أسرته إلى "جحيم" بفقدان المعيل.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.