تقارير
بعد 8 سنوات من الحرب.. هل تمتلك مليشيا الحوثي مقوّمات البقاء؟
عندما أطلقت مليشيا الحوثي الرصاصة الأولى لانقلابها الأسود، انطلقت في المقابل شرارة المقاومة الشعبية، ثم جاءت بعدها مظلة الشرعية والتحالف السعودي - الإماراتي ليصنعوا مشهدا مليئا بالتعقيد، أفرغ المقاومة من مضامينها الوطنية
ثماني سنوات، ومليشيا الحوثي تحارب بنقاط ضعف خصومها أو بالمقاومة، أو بعبارة أخرى تستغل نقاط ضعف التحالف وانقسام أجنداتهم لتعبّر من خلالها وتسجل أهدافا أكثر في مرمى الجميع.
صنعت السعودية والإمارات من مليشيا الحوثي قوة كبرى تستعرض بسلاحها الثقيل وطائراتها، وصواريخها أمام العالم، وعندما أرادتا دخول معركة حقيقية تم دحر المليشيا من محافظة عدن خلال أسبوعين.
- المرجعيات الثلاث أو الحسم
في هذا السياق، يقول الضابط في الجيش الوطني، العقيد عنتر الذيفاني: "بعد ثماني سنوات من الحرب، الأوضاع تتجه نحو تطلعات وآمال الشعب اليمني، في خضوع مليشيا الحوثي لعملية السلام، وفقا للمرجعيات الثلاث، وإذا لم تخضع لها المليشيات فإن الشعب اليمني قادر على إخضاعها".
وأضاف: "نحن متمسكون بالمرجعيات الثلاث، وما لم تخضع لها مليشيا الحوثي فالحسم العسكري هو الحل، ولا تغركم أبدا ما تشاهدونه من احتفالات للمليشيات في ميدان السبعين، أو في الحديدة، فنحن نعلم كيف تجمع تلك الجموع، وكيف تحضر تلك السيارات والناقلات".
وأردف: "نحن نثق بجيشنا ومقاومتنا وشعبنا، بينما المليشيات تستمد قوتها من الانقسامات والخلافات، لكننا نؤمن بأن خلاص الشعب منها بات قريبا، وتلك الاحتفالات والعروض لن تثني الأحرار عن يوم الخلاص القادم والقريب".
وأوضح أن "الشعب يجب أن يفهم أن هذه المليشيات ستصل في نهاية المطاف إلى الزوال، ولتقول ما تشاء، فالواقع يقول بأنها ستواجه شعبا وجيشا وقوى سياسية في أي لحظة، وهي أضعف مما نتصور".
وأشار إلى أن "مليشيا الحوثي لا تمتلك عوامل البقاء، وكل ما تمتلكه هي عوامل الزوال والفناء"، مؤكدا أن "المجتمع اليمني لا يمكن على الإطلاق أن يقبل بها، فإذا كانت سلطة بيت حميد الدين استمرت من 30 إلى 40 عاما، فإن هذه العصابات لن تصمد أكثر مما هي عليه الآن".
وقال: "اليوم نحن في زمن الوعي، وستنصدم المليشيات بهذا الوعي في أي لحظة من اللحظات، فهناك شعب قوي وجيش قوي، وإن وجدت تشكيلات عسكرية ستتوحد وسيكون يوما شديدا وعسيرا عليها كيوم القيامة".
- مقوّمات البقاء
من جهته، يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء، الدكتور عبدالباقي شمسان: "مليشيا الحوثي ليس لديها أي مقوّمات مشروع سياسي لحكم اليمن، ولا يمكن للشعب اليمني أن يقبل بأن يحكم بالتفويض الإلهي، وأن يعيد التراتب الاجتماعي، وأن يمنحها حق حكمه وتفويض إرادته العامة".
وأوضح أن "هذه المليشيات لا تمتلك مقوّمات دولة تقوم على المواطنة، وبناء نظام جمهوري"، مشيرا إلى أنها "مجرد جماعة تنتمي للعصور الوسطى، وتقوم على الأسس العقائدية والعنف والترهيب، وإن كان لديها مشروع لكان انعكس خلال سبع سنوات".
وتابع: "هذه المليشيات دمرت كل مكتسبات الشعب اليمني، وقسمته ومزقته، وكانت تعيد انتاج التراتب الاجتماعي، بمعنى أنها ترتب المجتمع اليمني وفقا لتراتب فئوي وترتبه ترتيبا جغرافيا، بمعنى مناطق أسفل ومناطق أعلى وهناك قضاة وهناك ما يسمى هاشميين".
وأشار إلى أنها "استثمرت انقسام الجماعات الوطنية خلف مشاريع ما قبل وطنية (شمال، جنوب)، الأمر الذي ساهم في استمرارها إلى اليوم، بل واستثمرت استراتيجية السعودية والإمارات، في اليمن للسيطرة على الجغرافية اليمنية وعلى النفط والغاز وتقسيمها".
وقال: "أشعر بأن فضاء المجتمع اليمني سيتمخض عنه قيادات وطنية قريبا، وهذا التأخير مرتبط بسرعة الأحداث، وتراكمها على الشعب اليمني، فهناك انقلاب ثم تدخل عربي، ثم احتجاز رئيس، ومخرجات حوار، وكل هذه الأحداث اربكت النخب والكيانات الوطنية".
ويرى ألا مشروع سلام مع مليشيا الحوثي، ولا استقرار ولا وحدة يمنية ستتم مع أي توافقات مع الكيان السلالي الحوثي.
ولفت إلى أن "مسألة إحكام سيطرتها لم تنطلق في 2014م، عند الانقلاب على الدولة، وإنما كانت تنتظم منذ عودتهم من جدة بعد الاتفاق على تقاسم السلطة بين الملكيين والجمهوريين، ثم بدأت بتنظيم نفسها سياسيا، والانتشار في مفاصل الدولة، وداخل الأحزاب والكيانات".
واعتبر أن "هناك عاملين أساسيين لعبا دورا في تمكين هذه المليشيات، أولهما: توظيف علي صالح لهذه المليشيات لاستخدامها كفزاعة للسعودية ليتم بها إضعاف علي محسن الأحمر، بهدف التمهيد لنقل السلطة إلى نجله، فيما العامل الآخر أن هذه المليشيات أقامت تحالفات سياسية مع الكيان الإيراني".
وقال: "إن الموقف الغربي لتنظيم منطقة الشرق الأوسط، الذي يريد المحافظة على الجماعات العقائدية الشيعية، بحيث يتم ربطها بالقائد أو السيد والمرجعية الذي يديرها، ساعد هذه المليشيات كثيرا، كما ساعدها أيضا رغبة التحالف السعودي - الإماراتي بتواجدها لإضعاف جماعة الإسلام السياسي، وحزب الإصلاح والجماعات التي صعدت بعد الثورة الشبابية، من خلال هذه المواجهة والتوازن"
وأشار إلى أن "هناك توجها إقليميا، للحفاظ عليها والتحكم بقوتها لإضعاف جماعات أخرى، وهناك رغبة دولية".
واعتبر أن "السلطة الشرعية استدعت دولتي السعودية والإمارات، واعتمدت وسلمت لهما كل أوراقها وأمورها بما فيها النخب السياسية، واللتين تمتلكا استراتيجية وأطماعا لا علاقة لها بالشعب اليمني، أما المليشيات فهي ليست قوية ولا تمتلك كل هذه القوة التي تتصور بها".
وذكر أن "من يمنح هذه المليشيات القوة هو من يتفاوض معها في عمّان، ويفتح لها مطار صنعاء، ويمدها بالمشتقات والمساعدات، ويحاول أن يمنحها ويصبغها بصفة طرف من أطراف النزاع، لأسباب جيوستراتيجية وليست وطنية يمنية"
وقال: "درسنا في العلوم السياسية، وتحديدا في علم الاجتماع السياسي، أن هذه الحسابات العقلانية يأتي لها حساب غير عقلاني، فيحدث تغيير، ولهذا الشعوب تنتصر".
وأضاف: "على الشعب اليمني أن يدرك بأن خلال الحكم الإمامي السلالي الكهنوتي لم تستقر اليمن نهائيا، ولم تشهد أي منجز حضاري إلا في فترة حكم الملكة أروى، يجب أن يعرف الجميع بأن هذه المليشيات ضعيفة وهشة، والشعب اليمني والقوى الوطنية حتما ستنهي مشروعها".
- عروض بهلوانية
من جهته، يقول الإعلامي والباحث، أسامة المليكي: "إنه ليس من الحكمة أن تمنح مليشيا الحوثي دعاية مجانية لما تقوم به من مظاهر فارغة"، مشيرا إلى أن "كل ما تقوم به من عروض وحركات بهلوانية، فهي لا تدل إلا على الظل تماما، وعلى قراءتها للسياسة الخارجية فيما يخص اليمن بأن هناك مفاوضات، وإعادة ترتيب لوضع الإقليم إرادة العالم لإقفال الملف اليمني بطريقة معينة، فتستعرض قوة وهمية".
ولفت إلى أن "مليشيا الحوثي كانت تمتلك أضعاف هذه القوة التي تستعرض بها اليوم عقب انقلابها على الدولة في 2014م، بل إن أضعافها تبخرت على أسوار تعز ومأرب".