تقارير

بقاء في البيوت ومظاهر باهتة للعيد في العاصمة صنعاء

20/07/2021, 18:53:06
المصدر : كريم حسن

تخلّى الموظف الأربعيني "محمد المونسي"، مُجبراً، عن الاحتفاء بكافة طقوس عيد الأضحى المبارك حيث يُقيم بالعاصمة صنعاء مع أسرته التي تقاسمه المعاناة ذاتها، بسبب سوء وضعهم المعيشي. 

يقول المونسي لبلقيس: "هذا أول عيد لي أنا والأسرة، جاء ولا معانا فلوس، وجلسنا داخل البيت". 

التزم الرجل البقاء في المنزل مع الأسرة، مستغلين نهار العيد في النوم، كحل بديل من الإحساس بالقهر المضاعف حال رؤيتهم جيرانهم المحتفين بالعيد.

وأضاف لبلقيس: "النوم يوم العيد أفضل للواحد من رؤية الناس محتفلين، والشعور بالغُلب". 

إذ يبدو العجز حالة عامة لدى آلاف الأُسر التي تعيش عوزاً شديداً، جعلها غير قادرة على توفير أبسط المتطلّبات الضرورية لعيد الأضحى، من كسوة لأطفالهم أو شراء الأضاحي وغيرها من الاحتياجات، للاحتفاء بالطقوس العيدية. 

المواطن الخمسيني "قائد غوبر" هو الآخر منعته الظروف الصعبة من إحياء طقوس 'عيد الأضحى' في صنعاء. يقول لبلقيس: "ما معانا من العيد إلا السلام على المكالف، وبعده رجعنا نرقد، أبصر على حياة إحنا فيها". 

بدت الشكوى من جور الأيام الحالية العنوان الأبرز لدى غالبية سكان العاصمة صنعاء المحتلة من مليشيات الحوثي الانقلابية، حيث أذاقتهم أقسى العذابات وأمرّها، واستبدلت أعيادهم بمزيد من التجويع والإذلال والحزن القاهر. 

لم يسبق لكثير من أهالي صنعاء أن اتخذوا من بيوتهم قبوراً خلال فترات الاحتفال بالمناسبات الدِّينية، مثل 'عيد الأضحى' الحالي، الذي فرض عليهم البيوت مقابر لأهلها، خشية الفقر والحياء من الآخرين، وهروباً اضطرارياً من عدم قدرتهم على إحياء طقوس المناسبة على أكمل وجه، خصوصاً حرمان أطفالهم وأُسرهم من الأضاحي والكسوة. 

فقدان مصادر الدخل غيّب الفرح 

يواجه غالبية سكان صنعاء طقوس عيدهم بمشاعر الحسرة والخذلان، إضافة إلى انعدام مصادر الدخل المعيشي، خصوصاً الموظفين الذين انقطعت عملية صرف مرتباتهم الوظيفية منذ ما يقارب 5 أعوام. "وسام مسعد"، موظف حكومي، يبلغ من العمر 44 عاماً، قال لبلقيس: "أين نسير في العيد؟ لا معانا حاجتنا للعيد، ولا الحوثيين صرفوا مرتباتنا". 

تبرز علامات الحرمان على وجوه الأطفال في صنعاء، التي سرق منها الحوثيون البهجة والفرح بطقوس العيد المتنوعة والمختلفة. تبدو الأماكن خالية من ازدحام المبتهجين بمظاهر العيد وإحياء طقوسه، خصوصاً الأطفال الذين فقدوا معنى الاحتفاء بفرحة العيد.

أحد العاملين في 'حديقة السبعين'- قسم الألعاب، يقول لبلقيس: "الإقبال ضعيف إلى هنا، لأن الناس ظروفهم صعبة، والأطفال محكومين بأوضاع آبائهم الذين فضّلوا قضاء العيد في البيوت". 

عند ختام نهار العيد بدا تثاؤب الناس من شدّة إفراطهم بالنوم  السمة الأبرز لتخليهم الإجباري عن إحياء مراسيم الاحتفاء بالعيد، بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة، وغياب مصادر الدخل، إضافة إلى انعدام فرص العمل، حتى يتمكنوا من الاستعداد -بقدر المستطاع- لمواجهة احتياجاتهم العيدية.

المواطن خلدون السامعي، البالغ من العمر 39 عاماً، يقول لبلقيس: "لا قدرنا نشتري أضحية للعيد ولا كسوة لأطفالي، المعيشة الصعبة أحرمتني أنا وعيالي من الكسوة واللحمة، قد الجلوس في البيت أفضل من البهذلة". 

أطفال محرمون من بهجة العيد 

احتمل بعض أرباب الأُسر المكوث في بيوتهم على مضض خلال نهار العيد، مُجبرين على عدم الاحتفاء بمظاهر العيد، نتيجة تدهور حالتهم المعيشية، الأمر الذي ترتّب عليه حرمان أطفالهم من الإحساس بفرحة العيد عملياً. الموظف الخمسيني "محمد سلطان" واحد من المحرومين من إحياء طقوس 'عيد الأضحى'، يقول لبلقيس: "العيد هو فرحة الأطفال، وما نحن إلا انعكاس لابتساماتهم العفوية، لكن هناك من سرقها، ويعمل على تغييبها بصورة مؤبّدة". 

لم تستثنِ الحرب أحداً من شرائح المجتمع بمختلف فِئاتهم العمرية (إناثاً وذكوراً) من آثارها السلبية الحتمية، حيث أحرمتهم حقوقاً كثيرة، وأحالت حياتهم ومناسباتهم إلى عذاب. وتعوّد سلطان أن يزور والدته بريف محافظة تعز كل 'عيد أضحى'، عكس هذا العيد البائس الذي لم يستطع فيه حتى الخروج من المنزل للاحتفاء بفرحته مع أطفاله. وأضاف لبلقيس: "أول عيد ما استطعت أزور أمي في القرية، قُدر لنا أن نكون ضحايا للحرب، والجميع متفقون على تجويعنا وتعذيبنا وإذلالنا وحصارنا".

وتذمّر عدد من الأطفال من حرمانهم بهجة العيد وفرحته، وكذلك من عدم ذهابهم إلى الحدائق والمتنزهات، بسبب عجز آبائهم مالياً. الطفل يوسف، البالغ من العمر 12 ربيعاً، شكا مرارة حرمانه لبلقيس: "ملابسي حق هذا العيد خبأتها من عيد الفطر، ظروف أبي ما تسمح يشتري لي كسوة جديدة". 

لا يقتصر الحرمان من إحياء طقوس العيد والاحتفاء به على الرجال فقط، إذ نالت النساء نصيبهن من ذاك الحرمان، والتزمن البيوت. 

هاتفت "نادية"، في وقت متأخر من نهار العيد، لمعرفة ما إذا كانت احتفت بالعيد أم لا؟ قالت لبلقيس: "استقبلت أقاربي في الصباح، الذين جاءوا يسلموا عليَّ، ومع خروج آخر واحد، أغلقت الباب، وجلست في البيت أنا وأطفالي، الوضع لا يسمح".

تقارير

معركة ضد القرآن.. جريمة قتل الشيخ صالح حنتوس تكشف بشاعة مليشيا السلالة على حقيقتها

لم يكن الشيخ صالح حنتوس يحمل سلاحًا أو يقود جماعة مسلحة، ولم يُحرض على القتال، فهو رجل سبعيني كرّس حياته الطويلة لتعليم القرآن الكريم وتربية أجيال من أبناء اليمن على القيم التي تحفظ للإنسان إنسانيته.

تقارير

هل ينجح غروندبرغ في كسر الجمود وإعادة الملف اليمني إلى طاولة الحلول؟

تلوح أيادي مبعوث الأمم المتحدة بالتحية من اليمن مجددًا بعد زيارته أواخر مايو الماضي، إذ حط هانس جروندبرج رحاله في عدن على أمل تحريك الجمود السياسي القائم. لكن هذه الزيارة تبدو غير مباشرة، فميليشيا الحوثي ترفض استقباله، في حين تؤكد الأخبار أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي لا يزال رافضًا للقائه أيضًا، ليعود جروندبرج إلى عدن في ظل ظروف محلية وإقليمية مختلفة عن آخر مرة كان فيها.

تقارير

ما وراء إعلان "حلف قبائل حضرموت" تشكيل لواء عسكري جديد؟

تعيش محافظة حضرموت حالة حساسة من تعدد التشكيلات العسكرية ذات الولاءات المتنوعة، من قوات النخبة الحضرمية المدعومة إماراتيًا، إلى قوات المنطقة العسكرية الأولى التابعة للحكومة، مرورًا بالوحدات الأمنية المحلية وكتائب حماية المنشآت، وختاما بتشكيل لواء عسكري وإعلان قيادة له من قبل حلف قبائل حضرموت.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.