تقارير
تحت غطاء المرتبات.. قانون حوثي جديد للتلاعب بحقوق الموظفين ونهب الأموال
تمخض الجبل فولد فأرًا جائعًا؛ إذ انتظر المواطنون في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي طويلًا، متأملين أن تقدم ما تسمى بـ"حكومة التغيير والبناء"، التي تشكّلت في شهر أغسطس الماضي، حلولًا عملية لمشكلة الرواتب. ولكنهم صُدموا بحصولهم على نصف راتب فقط لكل ستة أشهر، مقابل زيادة في الجبايات والضرائب ورسوم الخدمات، اعتبارًا من مطلع العام القادم.
كشف نائب برلماني عن مشروع قانون حوثي عرض في البرلمان، يتعارض بوضوح مع النصوص الدستورية والقانونية اليمنية، ويساهم بشكل كبير في نهب أموال الصناديق والوحدات المستقلة.
وينص القانون على تقسيم مستحقي المرتبات إلى ثلاث فئات:
الفئة الأولى: كبار المسؤولين، الذين يحصلون على مرتباتهم شهريًا وبالكامل.
الفئة الثانية: المؤسسات، التي تتلقى نصف مرتب شهريًا.
الفئة الثالثة: الوحدات ذات الإيرادات أو النفقات التشغيلية، التي تحصل على نصف مرتب كل ثلاثة أشهر.
وصف بعض النشطاء هذا القانون بأنه "ظاهره العذاب وباطنه العذاب أيضًا"، إذ تسعى الميليشيا من خلاله إلى استكمال نهب ومصادرة أموال الصناديق والوحدات المستقلة والملحقة، مثل صندوق المعلم. وبموجب القانون، يتمتع وزير المالية التابع للميليشيا بصلاحيات مطلقة لتحديد الوحدات وفرض الجبايات عليها. وإذا امتنعت هذه الوحدات عن تحويل المبالغ المطلوبة، يتم سحبها مباشرة من أرصدتها في البنوك الحكومية أو الخاصة أو المختلطة.
عقلية الإمام والسيد
يقول المحامي والباحث القانوني نبيل عبدالصمد: "قبل الحديث عن مشروع القانون، يجب أن نعرف أن ميليشيا الحوثي أفرغت الدولة من مؤسساتها، وأفرغت القانون من غاياته. فالقانون ليس مجرد نصوص تُكتب وتُطبَّق، بل له أغراض وغايات تهدف إلى خدمة الناس".
وأضاف: "القوانين وُضعت لتكون معيارًا للتمييز بين حقوق الأفراد وواجبات السلطة، وهذا القانون يفترض أن يحمي حقوق الناس وفق دولة المؤسسات. ولكن السلطة التشريعية، التي هي الضابط بين مصالح الشعب والجهات الحكومية النافذة، أصبحت غائبة".
وتابع: "الميليشيا أفرغت الدولة من مؤسساتها؛ فلا توجد سلطة تشريعية تمثل الشعب، ولا سلطة قضائية مستقلة. السلطة التنفيذية باتت أداة بيد الميليشيا".
وأوضح عبدالصمد أن القانون المطروح "ليس مشروع قانون، بل أداة لخدمة مصالح الميليشيا. الهدف منه التحايل على جريمة الحرب المتمثلة في حرمان الموظفين من حقوقهم، التي تُعد جريمة حرب ترتكبها الميليشيا منذ عام 2014".
وأضاف: "الميليشيا تحاول امتصاص الغضب الشعبي المتزايد بسبب انقطاع الرواتب منذ عشر سنوات، وتحويل الأنظار إلى قضايا أخرى مثل غزة والقضية الفلسطينية".
وسيلة للنهب والقمع
يقول الصحفي سلمان المقرمي: "إذا زعم الحوثي تقديم شيء فيه خير، فاعلم أنك في مأزق. في عام 2014، ادّعى أنه سيُسقط الجرعة، لكن الجرع استمرت بلا نهاية".
وأضاف: "القانون الحوثي الجديد يقسم الموظفين اليمنيين إلى ثلاث فئات:
القناديل: جماعة الحوثي وكبار مسؤوليها، الذين يتلقون مرتبات كاملة شهريًا.
الفئة الثانية: يحصلون على نصف مرتب شهريًا.
الفئة الثالثة: يتلقون نصف مرتب كل ثلاثة أشهر، ما يعني تدميرهم اقتصاديًا".
واختتم: "الميليشيا تسعى من خلال هذا القانون إلى نهب الأموال، وقمع الموظفين الذين يطالبون بحقوقهم، بزعم أنهم يخالفون القانون".