تقارير

تعز.. ما الذي يعنيه تدوير المناصب في محافظة يتآكل جسدها الإداري كل يوم؟

14/05/2025, 07:44:47

ظهر محافظ تعز، نبيل شمسان، بعد أشهر من الصمت، بقرارات إدارية جديدة، بتدوير عدد من وكلاء المحافظة، ومدراء عموم المديريات، التي وُصفت بأنها جزء من خطة لإعادة ترتيب البنية المحلية، وتفعيل الأداء في مدينة تعيش شللا خدميا، وتراجعا اقتصاديا مهولا.

تبدو هذه القرارات أقرب إلى امتصاص للغضب الشعبي، من أي تحوّل حقيقي، فالسلطة المحلية مشلولة، والموارد تُدار خارج إطار الدّولة، والصراعات تدور بين مراكز نفوذ متداخلة، فيما المواطن لا يجد ماء ولا كهرباء، ولا أمان.

- عجز السلطة المركزية

يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحديدة، الدكتور فيصل الحذيفي: "فهم هذا التصرف، وهذه القرارات المحلية من قِبل محافظ تعز، باعتباره الرئيس المباشر لمثل هذه الإدارات أو للوكلاء، ناتج عن تعطيل سلطة قرار التعيين من السلطة المركزية".

وأوضح: "القانون الإداري يمنح سلطة التعيين للسلطة المركزية، ويمنح قرار التكليف للرئيس المباشر في السلطات المحلية، وعادة لا يستخدم قرار التكليف إلا في حالة ظرفية محددة، كموت أو سفر، أو إحالة إلى التحقيق، أو انتقال الموظف إلى وظيفة أخرى، وهناك شغور ولم يلتفت إليها من السلطة المركزية، هنا المحافظ يمنحه القانون سلطة إصدار قرار تكليف".

وأضاف: "لأن السلطة المركزية تقريبا جمّدت قرارات التعيين منذ فترة، بسبب المحاصصة، والصراع على من يتم ترشيحهم".

وتابع: "على سبيل المثال؛ لو ذكرنا رئاسة جامعه تعز، فالشعيبي غائب تقريبا منذ أكثر من 6 سنوات، ومع ذلك الملف في ترشيح رئيس جامعة له أكثر من خمس سنوات، أي أن كل طرف دفع بعناصره لشغل المنصب كرئيس جامعة، ولشغل المناصب كنواب، وبالتالي السلطة المركزية وجدت نفسها غير قادرة على حسم هذه الملفات؛ نتيجة لحدة الصراع".

وأردف: "سلطان البركاني له حصته، ورئيس الجمهورية له حصته، والوزير المعني بالترشيح له حصته، والحزب الفلاني له حصته، وبالتالي لم تكن السلطة المركزية فعالة في إدارة البلد، بحيث إنها تتجاوز نظام المحاصصة الحزبية في امتلاك السلطة إلى تعيين الكفاءات القادرة على حلحلة الأزمة، وتحريك عجلة التنمية، وتثبيت الأمن، والحرص على عدم تعطيل الإيرادات وإيداعها في الخزينة العامة للدولة".
 
وزاد: "عندما عجزت السلطة المركزية عن قرار التعيين تركت الفراغ أمام الرئيس المباشر، كمحافظ، أو وزير، أو مدير إدارة، لتكليف من يراهم".

وقال: "كما نرى -مثلا- المحافظين، هم معينين بقرار جمهوري، لكن ما تم فقط هو تغيير المهام، وبالتالي تمت الاستجابة لهذا؛ لأنه يتم توزيع المخصصات لجميع الأطراف بما يرضيهم، وبالتالي هم يركزون على العائد الشهري من منافع هذه السلطة ومغانمها، ولا يهمهم ماذا سيفعلون؟ وماذا سيترتب على مثل هذا التغيير؟".
 
وأضاف: "لو اطّلعتم على التقرير المالي للمكتبة المالية في تعز ستجدون أن دعم جميع المستشفيات في تعز بـ600 مليون، وهذا المبلغ لا يصلح حتى لمستوصف، لذا فالسلطة المركزية تخلت عن دعم السلطات المحلية سواء في تغيير القيادات بقرارات تعيين، أو بالدعم المالي لتشغيل المؤسسات".

وتابع: "كذلك السلطة المركزية تركت المجال أمام المحافظ أو المدير العام، أو الوزير، بإصدار تكليفات لمجرد إحداث ضجيج، أو على الأقل كسر للملل، فعندما يظل الشخص أو وكيل محافظة، أو مدير مديرية في مكانه، يمل الناس منه، وهو يمل منهم، وبالتالي يبحث عن أفق جديدة، ويتم تغيير المياه الراكدة لمصالحهم الشخصية، وليس انعكاسا لنتائج إيجابية يمكن أن يلمسها المواطن".

وأكد أن "كل التعيينات حتى الآن، ابتداء من السلطات العليا السلطات العليا إلى السلطات المحلية، تتم عن طريق المحاصصة، ما نصيبه كحزب، وما نصيبه كشيخ، وما نصيبه كرئيس مجلس نواب، وكوزير، أو كقبيلة، أو محافظة".

وأردف: "حتى اليوم، منذ بداية الحرب في 2015، وتعز بدون ماء وبدون كهرباء، الشبكة تم ترميمها من خلال منظمات دولية وحكومات؛ مثل الكويت، ساعدت بشكل كبير في دعم هذه الشبكة وإصلاحها وحفر الآبار، لكن الماء لا يصل إلى الناس، ما يعني أن هناك استغلالا لهذه الموارد لمصالح شخصية".

- هروب إلى الأمام

يقول الصحفي عبد العزيز المجيدي: "في الواقع، اعتاد الناس على أن عملية التدوير دائما ما تتم بهدف الهروب من الضغط الشعبي، واستحقاقات التغيير المفترضة، باعتبار أن هناك مسؤولين مضى عليهم فترة طويلة من الوقت وهم يتسلمون هذه المواقع والمناصب، ويشغلونها، وبالتالي لم يقدموا شيئا للناس بقدر ما قدموا ربما خدمات لأنفسهم".

وأضاف: "كان يفترض أن هناك استحقاقات تتعلق بعملية تقديم الخدمات للناس، وإنتاج شيء يلمسه الناس على مستوى حياتهم، لكن -مع الأسف- الضغط الشعبي والمطالبة بإقالة المحافظ والسلطة المحلية بصورة كاملة، وهو التغيير الذي يفترض أن تحصل عليه محافظة قدمت الكثير من التضحيات، لم يحصل".

وتابع: "كانت عملية التدوير هذه هي عبارة عن هروب إلى الأمام، باعتبار أن التغيير كان مطلوبا دائما من رأس السلطة المحلية، وكان هذا الرجل دائما ما يظهر في صورة الرجل الفاشل الذي لا يستطيع أن يقدّم أي شيء للمحافظة، وثبت من خلال كثير من المحطات بأن المحافظ هو علة المشكلة، بالإضافة إلى قيادة السلطة المحلية بصورة كاملة".

وأردف: "المحافظ كان لديه مهلة من مجلس القيادة الرئاسي، من رشاد العليمي تحديدا، عندما زار محافظة تعز بإحداث تحسين الأداء في المحافظة، خلال ستة أشهر، وتحت هذا الضغط أعتقد بأن الرجل ذهب باتجاه التنصل من مسؤوليته، وذهب باتجاه البحث عن ما يشبه كباش فداء، باعتباره يريد أن يقول إن هؤلاء هم سبب المشكلة، وأن التغيير والتدوير هو الذي سيحدث تغييرا، ونقلة في الأداء والعمل".

وزاد: "كانت هناك إشكالية لها علاقة بالتوصيفات والمسميات، وهي اللعبة المضحكة، التي تم إدارتها، وتم إسناد مهمات ومسميات جديدة للمسؤولين أنفسهم، الذين أخفقوا وفشلوا فشلا ذريعا في تقديم أي شيء للمحافظة، وتم إعادتهم وتصديرهم للواجهة بمسميات وصفات جديدة، باعتبار أنهم أمام مرحلة جديدة، وهناك شكل من أشكال التدوير، والالتزام بالقانون، وما إلى ذلك".

وقال: "المسؤولية، في النهاية، تتعلق بعملية إنجاز، إذا لم تنجز وأنت في لحظة ترى أن الظروف غير مواتية لإنجاز شيء، ما الذي يجبرك على البقاء في وضع بهذه الصورة؟ لا شيء إلا المصالح الشخصية التي تتحقق لهؤلاء الناس، وبالتالي أعتقد بأنهم كانوا حريصين على الدوام بالبقاء في مواقعهم دون تقديم أي شيء للمحافظة".

- مبدأ قانوني

يقول مدير عام الموارد في محافظة تعز، مهيوب الحبشي: "بالنسبة للقرارات، التي أصدرها محافظ تعز مؤخرا، التي قضت بتدوير عدد من مدراء عموم المديريات، وتحديد مهام للوكلاء الأربعة وإدارات قيادة السلطة المحلية، هي مبدأ قانوني ونص عليها القانون رقم 31 لعام 2009، وتهدف في مقامها الأول إلى كسر حالة الركود أو الجمود، ومقاومة التغيير الناجم عن الاعتقاد بأن الوظيفة ملك للموظف".

وأضاف: :هذه المديريات، التي تم تدوير مدراء عمومها، لم تشهد أي تغيير منذ العام 2019، فيما أهداف عملية التغيير محددة في القانون وواضحة".

وتابع: "صحيح نحن نتوق لعملية التغيير الكامل والشامل، بحيث إنه تشرك قيادات شابة وقيادات نوعية جديدة في العمل الإداري، لكن الوضع في محافظة تعز -كما تعلمون- كان هناك توافق سياسي حول هذه المواقع، وبالتالي هذه الخطوة تأتي لتعليم مبدأ التغيير، والولوج إلى بوابة التغيير الكامل والشامل".
 
وأردف: "نحن نتطلع إلى تحييد الوظيفة العامة عن عملية التقاسم السياسي، وأن ينطبق عليها الشروط المحددة في القوانين، وتعز ربما بدأت تتجه نحو هذا المنحى، ومع قادم الأيام هناك آليات تقييم، فمن أحسن في الوظيفة العامة في أدائه أحسن إليه، ومن أساء في استخدام الوظيفة العامة يكون هناك قرارات حازمة بهذا الشأن".

وزاد: "منذ أن أتيت إلى الإدارة العامة للموارد المالية، وضعنا آلية تنظيمية تحرص على تحصيل كافة الموارد الخاصة بالموارد المحلية والمشتركة في المحافظة، هذه الآلية أدت إلى رفع مستوى عملية التحصيل والتوريد، فكانت عملية الإيرادات في العام 2017 تتجاوز المليار الواحد، وعندما أتيت في العام 2022 كانت الإيرادات لا تتجاوز 5 ملايين، واليوم نحن وصلنا إلى 9 مليارات ريال".

وقال: "عندما نحن نتحدث عن موارد محلية تتجاوز 8 مليارات في عام 2024، وخلال هذا العام ممكن أن ترفع هذه الموارد ٱلى 13 مليارا، نحن نتحدث على 40% من هذه الموارد تذهب إلى المديريات؛ تقوم بتحصيلها المديريات لذاتها، وتسمى بالموارد المحلية".

وأضاف: "بالنسبة للموارد المشتركة تصل إلى 60%، وأغلبها ترتكز على ثلاثة مصادر رئيسية، وهي عائدات ضريبة القات، والجوازات، والريع العقاري، وهي ضئيلة جدا مقارنة بالاحتياج، تعز بُناها التحتية شبه مدمّرة، وبالتالي الحديث عن هذا الرقم -في ظل التضخم الموجود- يكاد أن يكون منعدما، والحديث عن التنمية -ربما التنمية الاقتصادية الحقيقية- يكون سابق لأوانه".

تقارير

ما انعكاسات زيارة ترامب لدول الخليج على الملف اليمني؟

في أهم حدث في المنطقة، زار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السعودية، في جولة ستشمل عدة دول في الشرق الأوسط. ورغم ما نقلته الوكالات الإخبارية من أن الزيارة ستركّز على الصفقات الاقتصادية أكثر من تركيزها على الملفات الأمنية، إلا أن الأحداث التي تعيشها المنطقة لن تكون بمنأى عن طاولة اللقاء.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.