تقارير

تهاوي الريال اليمني.. ما سبب تعثر الإصلاحات الاقتصادية؟

16/10/2024, 11:20:04

يشهد اليمن أزمة اقتصادية خانقة، إذ يعيش اليمنيون اليوم مأساة انهيار عملتهم الوطنية، حيث تجاوز الدولار حاجز الـ2000 ريال؛ مسجلا أعلى انهيارا له في ظل تخبّط حكومي، وعجز عن إدارة الأزمات السياسية والاقتصادية المتشابكة.

بات المواطن اليمني اليوم رهينة مصالح سياسية عابرة وتدخلات خارجية في القرار اليمني يدفع ثمنها في انهيار العملة، وغلاء الأسعار، وتدهور القدرة الشرائية؛ في ظل واقع اقتصادي يزداد قتامة، فأين ذهبت الإجراءات الأممية التي قيدت حركة الحكومة، ومنعتها من إكمال إصلاحاتها المالية بحُجة أنها ستوقع الضرر بالاقتصاد اليمني؟

- خلل كبير

يقول الصحفي الاقتصادي نجيب العدوفي: "انهيار العملة هو نتيجة طبيعية لخلل كبير، وفي الوضع الحالي هنالك شقان؛ الشق الأول يتمثل في شحة مصادر النقد الأجنبي والحرب الاقتصادية ضد موارد الدولة، والشق الآخر ما تبعه من تدخلات في عمل البنك المركزي وإجهاض قراراته، ومنعه من اتخاذ إجراءاته، وفق اتفاق غير موجود، وإنما إملاءات قامت بها السعودية والمبعوث الأممي".

وأضاف: "السعودية والمبعوث الأممي قاما بالضغط على مجلس القيادة الذي وجّه البنك المركزي بإيقاف قراراته، وعدم إصدار أي قرارات مماثلة".

وتابع: "معنى ذلك أن البنك المركزي لا يمكن أن يقوم بأي إصلاحات، أو أي إجراءات خلال الفترة الحالية".

وزاد: "عندما تكون الجهة المسؤولة ضعيفة بهذا الشكل، ويتم تقديمها بهذا الشكل الضعيف، فإن سلطة المضاربين -خلال الفترة الاخيرة- كانت هي الأقوى".

وأردف: "سلطة المضاربين استغلت هذه الفجوة، في عدم وجود جهة رقابية فقامت بعملية المضاربة، وأصبحت هي المتحكم الرئيس والوحيد بسعر الصرف، ولذلك نشهد هذا الانهيار الكبير".

ويرى أنه "من المتوقع أن يكون هناك انهيار أكبر من الانهيار الحاصل الآن".

وقال: "أما إذا تحدثنا عن الشق الأول، فهناك غياب لكافة مصادر النقد الأجنبي، سواء من تصدير النفط والغاز، أو من عائدات ميناء عدن التي تحولت لصالح ميناء الحديدة".

وأضاف: "إضافة إلى غياب الشركات الأجنبية في اليمن، وغياب السفارات الدبلوماسية، وما إلى ذلك".

- نتيجة ومؤشر

يقول الباحث الاقتصادي حسام السعيدي: "التغيرات في العملة الوطنية هي نتيجة عدم وجود سياسة اقتصادية واضحة".

وأوضح: "الهدف الأساسي ليس الحفاظ على سعر الصرف؛ لأن سعر الصرف هو مؤشر في نهاية المطاف، والمشكلة الأساسية هي في العجز في الميزانية الحكومية، وفي أن الواردات أكثر بكثير من الصادرات".

وأضاف: "البنك المركزي كان واضحا جدا، عندما قال إن على الحكومة أن تبحث عن مصادر لتمويل نفقاتها بدرجة أساسية، وأيضا لتمويل الواردات".

وتابع: "العجز في ميزانية الحكومة من جهة، والعجز في الحساب الجاري، أي أن الواردات أكثر بكثير من الصادرات، وكل هذا يؤدي إلى الضغط -في نهاية المطاف- على سعر الصرف".

وأوضح: "من أجل حل هذه المشكلة يعني يجب أولاً حل مشكلة الإيرادات، أو الموازنة العامة للدولة، التي سوف تنعكس بطبيعة الحال على الميزان التجاري، وعلى سعر الصرف".

وأردف: "سعر الصرف هو سعر حر يتحدد تلقائيا بناء على قواعد العرض والطلب، ولذلك إذا أردنا أن نحل مشكلة سعر الصرف يجب أن نحلل الأدوات أو المؤشرات الاقتصادية التي تضغط على سعر الصرف".

وقال: "البنك المركزي اليوم في تطور جديد عقب تعطيل دوره منذ يوليو الماضي، حيث عاد اليوم للانعقاد، وأصدر بيانا صحفيا ذكر فيه أن على الحكومة أن تحشد مواردها بشكل أساسي، وأن تبتعد عن النمو التضخمي من أجل أن تحل هذه الإشكالية".

- كارثية

من جانبه، يقول رئيس قسم العلوم المالية والمصرفية بجامعة حضرموت، الدكتور محمد الكسادي: "هناك سبب سياسي يتمثل بانعدام الأفق السياسي وانغلاقه، إضافة إلى أن المؤشرات الاقتصادية كلها متدهورة وتذهب بالسالب، وإيرادات الدولة من الموارد الطبيعية متوقفة، منذ قرابة ثلاث سنوات، هذه كلها عوامل ساهمت في تدهور العملة الوطنية".

وأضاف: "نحن لا عندنا صادرات صناعية ولا زراعية، إنما نحن مجتمع 90% استهلاك، وبالتالي في طلب على العملات الأجنبية، والدولة مش قادرة تغطي ما عندها من العملات الأجنبية، وهذه نتيجة حتمية، وهي كارثية على الجميع".

تقارير

تدهور مريع وعدّة سيناريوهات.. ما وراء انهيار العملة المحلية؟

دعا مجلس إدارة البنك المركزي في عدن الحكومة إلى إعادة النظر في السياسات المالية في مجال تحصيل الموارد العامة، وتخطيط الإنفاق وفقا للأولويات؛ من خلال اعتماد موازنة واقعية، مطالبا مجلس القيادة بدعمه ومساندته للقيام بواجباته باستقلالية ومهنية.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.