تقارير
"حُراس سجون مليشيا الحوثي".. لصوص احترفوا سرقة مصاريف المعتقلين
لم يسبق لأي جهاز أمني أن حوّل أمتعة المعتقلين واحتياجاتهم الأساسية (ملابس، تغذية، مصرف نقدي وغيره) إلى غنائم يتقاسمها عناصر حماية وتأمين السجون، إلا في زمن مليشيا الحوثي الانقلابية، التي تستخدم لصوصاً في حراسة معتقلاتها.
احترفوا أساليب ابتزاز المعتقلين، وسلبهم أغراضا ومبالغ نقدية مُرسلة من أهاليهم، لا يصلهم شيء منها، دون أن يعرفوا، أو حتى أقاربهم، ذلك، إذ تتكشف الحقيقة لاحقاً للطرفين بتعرضهم للنصب، وتحديداً بعد عملية إطلاق سراح أحدهم.
فيما لا يخضع حراس سجون المليشيا للضبط والمحاسبة، يستمر بعضهم باستغلال الأهالي وطلب احتياجات ضرورية لأقاربهم المعتقلين، وسرعان ما يتم توفيرها، لكنها تُسرق كالعادة.
- حِيل غريبة
حكايات سلب طريفة وغامضة يتعرض لها المعتقلون في سجون المليشيا، لعل أغلبها تتشابه -مع وجود بعض المفارقات- في ممارسة عملية الاحتيال بملامح بسيطة، بينما تشكل فارقاً مهماً للمعتقل داخل زنزانته الانفرادية.
يروي عدد من السجناء، الذين أطلق سراحهم مؤخراً، ما تعرضوا له، لموقع "بلقيس": "لم نكن نعرف أن أقاربنا كانوا يرسلوا لنا مع الحراسات حق السجن وجبة الغداء مع قات بصورة يومية، وعساكر الحوثي يأخذونها لهم، وما يعطونا شيئا منها، درينا بهذا بعد خروجنا من الحبس".
وأضافوا: "طبعاً، لو طالت فترة اعتقالك عندهم، ممكن يعطوك جزءا بسيطا من الصرفة اليومية، التي ترسلها الأسر لأقاربهم في الحبس".
ثمة أغراض مختلفة يسرقها حراس المعتقلات الحوثية، ك: الملابس والتغذية وكميات من نبات "القات"، إضافةً إلى مبالغ نقدية يتم الاحتيال عليها ومصادرتها، بذرائع غريبة فقط كتشريع من أجل سلبها.
تقول عائلة السجين "طه عبد الرحمن"، لموقع "بلقيس": "كنا نرسل القات مع حراسة السجن، وعلمنا أنهم يوصلوا له جزءا من الكمية المرسلة، والباقي يبيعوه داخل الحبس، أو يأخذوه، وهكذا على هذا الحال في بقية الحاجات، نهب وسرقة، حتى داخل السجن ما أحد يسلم منهم، لصوص في كل شيء".
يقول المعتقل السابق "ف. ح" المُفرج عنه من سجون المليشيا في مدينة ذمار، لموقع "بلقيس": "قالوا لأسرتي إني بحاجة لملابس، وأرسلوها لي معهم، لكن ما وصلني قطعة منها، اغتنموها لهم، والأسرة ما عرفوا إلا بعد خروجي من الحبس".
- سلوك الابتزاز
بعيداً عن جريمة سرقة المحبوسين، يعد الاعتقال عملاً غير قانوني وجريمة أخرى، كونه انتهاكا صارخا وتقييدا للأشخاص بتُهم ملفقة لا أساس لها من الصحة، ناهيك عن ممارسة شتى أساليب الابتزاز النفسي، التي يخضع لها المعتقلون وأُسرهم على حدٍ سواء، وبشكلٍ مضاعف.
يقول المحامي "أحمد الصلاحي"، لموقع "بلقيس": "الاختطافات، التي تمارسها أجهزة الحوثي الأمنية، جريمة لا تبررها القوانين، وتتم بذرائع مزورة، غرضها استغلال الأسر والحصول على المال، للإفراج عن أقاربهم من الحبس، العملية كلها ابتزاز للكسب المادي بطرق غير مشروعة، كذلك أداة إرهاب وخوف في النفوس، وتعمد استخدام أساليب وحشية وقاسية داخل معتقلات الحوثي".
تترافق اللصوصية مع ابتزاز المعتقلين نفسياً، باعتبارهما أسلوبين ناجعين للإخضاع، إذ يجيز الحراس عملية السرقة التي يمارسونها، تماشياً مع وسائل التعذيب المتّبعة.
يقول "محمد الحواني" -أفرجت عنه المليشيا من معتقلاتها في صنعاء، لموقع بلقيس: "حارس الزنزانة يسرق وجبة الأكل؛ كي لا تطلب منه دخول الحمام، كذلك القات والماء؛ لأن المحبوس ما يسمحوا له إلا ثلاث مرات في اليوم يقضي حاجته، وباقي الوقت يعطوك عُلب بلاستيك -مستخدمة- للتبول فيها، معك وقت محدد لكل احتياجك".
وأضاف: "الحوثيون يسلطون مراهقين بلا أي خبرة، يتحكمون بكل شيء ضد المساجين، يسرقونهم، ويتعاملون معهم بإذلال".
- منهجية واحدة
يقول الناشط الحقوقي "محمد الوشلي"، لموقع "بلقيس": "كل حالات المعتقلين، التي تم توثيقها بعد خروجهم من السجون في محافظات سيطرة الحوثيين، تثبت أن النمط المتبع في معاملة المحتجزين واحد، ولا يوجد أي اختلاف، سواءً من جانب مصادرة الأكل أو المصاريف الأخرى، أو محاولة ابتزازهم وتعذيبهم نفسياً طيلة فترة الاعتقال، كذلك فرض نفس الشروط المجحفة وغير الإنسانية، وإلزام المعتقلين تنفيذها بحذافيرها".
لا تباينات في إدارة المليشيا لمعتقلاتها، ولا أياً من إجراءات التعامل الوحشي مع السجناء في سجونها الخاصة بجميع المحافظات الخاضعة لسيطرتها، إذ تتبع نهجاً واحداً يتسم بالقسوة والتعذيب مع كل المعتقلين، الذين صودرت حرياتهم، وانتهكت إنسانيتهم، وسلبت أغراضهم، واغتنمت وجباتهم اليومية.