تقارير

حراك دبلوماسي في الرياض وتحشيد عسكري في صنعاء.. اليمن إلى أين؟

19/12/2024, 11:46:11

الحراك الدبلوماسي المكثّف في الرياض يثير تساؤلات مُلحة حول طبيعة المفاوضات الجارية، ومدى جديّتها في تحقيق السلام المنشود.

فغموض طبيعة العلاقات، وغياب الشفافية في الإعلان عن نتائجها، يثيران الشكوك حول النوايا الحقيقية للأطراف المعنية بها، ويضعف الثقة في إمكانية التوصل إلى حل سياسي يُنهي الصراع.

يبدو أن مليشيا الحوثي تجد في الحرب بيئتها الطبيعية، التي نشأت وتمرست فيها، حيث تستطيع من خلالها فرض سلطتها، وتبرير قمعها للمجتمع، فهي تبدي تحمسا واضحا للقتال، واستمرار الصراع فيما تبدو عاجزة عن تحمل تكاليف واستحقاقات حكم مجتمع لا يعيش حالة حرب، فإدارة الدولة في ظروف السلام تتطلب مهارات سياسية وإدارية وفنية، قد تفوِّت عليها السيطرة المطلقة، وتلزمها بالمحاسبة والمساءلة، ليس لديها الاستعداد الكافي لها.

لذا مليشيا الحوثي تستجيب لمؤشرات الحرب أكثر من استجابتها لمؤشرات السلام، وهذه المقدمات المتمثلة في التغيّرات الجارية في المنطقة، والحراك الدبلوماسي في الرياض، والاتهامات المتبادلة بالتحشيد العسكري، تدفع إلى التساؤل عما إذا كانت اللقاءات تخفي تفاهمات سرية تعيد رسم الخريطة السياسية في اليمن بقدر أقل من التكاليف البشرية، أم أن دماء اليمنيين ستظل ثمنا للصراعات الإقليمية والدولية إلى أجل غير معلوم؟

- كل الاحتمالات واردة

يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحديدة الدكتور فيصل الحذيفي: "نحن نلحظ حراكا ولقاءات مكثفة لكن مضامين هذه اللقاءات، وهذا الحراك غير مصرح به لم تتسرّب إلى الصحافة، وإلى الرأي العام ما تحمله من معاني ودلالات".

وأضاف: "ربما هذا التحفظ ينجم عن طبيعة القرار الذي يمكن أن يبنى على هذه اللقاءات، فهناك يمكن أن يُبنى عليه قرار عسكري باعتبار أن الظرف مؤاتيا لتصفية الحوثيين، كما تم قطع يد الدعم الإيراني، وكذلك إخراجها من سوريا، ومغادرة النظام الحليف لإيران من سوريا، وانكماش حزب الله في لبنان".

وتابع: "هناك ظروف مواتية لاتخاذ قرار عسكري، والقرار العسكري عادة لا يمكن الإعلان عنه، ولا نتوقع أن يعلن في وسائل الإعلام أن هناك قرارا عسكريا يمكن أن يتخذ، وهذا الغموض يفسر ذلك".

وأردف: "هناك أيضا مساعٍ واضحة من الحوثيين بالتنبؤ بالخطر القادم، وبالتالي رموا بأوراق استعداد الحل السلمي، والجلوس على طاولة المفاوضات، وعندهم استعداد للقبول بما يمنع وقوع أي قرار عسكري يأتي إلى اجتثاثهم من المشهد، كما تم اجتثاث حزب البعث، والنظام العائلي الأسدي في سوريا".

وزاد: "كل الاحتمالات واردة، وما يمكن قراءته من هذه اللقاءات والأحداث هي عدة احتمالات، فإذا ما وجدت الأطراف الفاعلة في الساحة تجاوبا حقيقيا من الحوثيين؛ ربما نتجه إلى الحل السلمي، وإذا فشل هذا الحل السلمي، ستأتي بعده الخطوة العسكرية، وإذا لم تجد هذه الأطراف التي بيدها القرار أي تجاوب حقيقي، ربما يذهب الفاعلون إلى اتخاذ قرار مؤلم نحو استخدام القوة الصلبة والموجع للطرف الحوثي، لذا هم يترقبون بحذر وبخوف، وعندهم استعداد على أن يلقوا بأوراق مغرية لاتخاذ قرار السلم أكثر من الانصراف نحو قرار الحرب".

- اليمن أمام خِيارين

يقول الخبير العسكري العميد عبد الرحمن الربيعي: "إن الوضع الراهن الآن، سواء في اليمن أو على المستوى العربي بالإجمال، وإذا ما أضفنا أيضا العامل الدولي والفاعلين في المنطقة، نحن أمام وضع استثنائي استجد فيما يتعلق بوجود أذرع إيران في المنطقة، وكأن الدور الآن يأتي على مليشيا الحوثي في اليمن".

وأضاف: "رغم هذه الاجتماعات، ورغم أن ليس هناك أي مصادر رسمية، أو أي دلالات تعطينا مؤشرا على ماذا يدار فوق الطاولة، أو تحت الطاولة، لكننا نستطيع التخمين، والتخمين يقوم أساسا هذه الأحداث المحيطة في المنطقة".

وتابع: "نحن الآن أمام خيارين سلما أم حربا، وإذا ما تحدثنا عن الحرب، هنا سنأتي على ذكر كثير من التفاصيل، التي قد تكون مؤلمة في بعض الأوقات والأحايين، وإذا ما خضنا أيضا في الجانب السياسي على اعتبار أنه الآن الخيارين هما مطروحان على الطاولة، ولا يوجد خيار ثالث، أو مواءمة بين الخيارين".

وأردف: "إذا ما تحدثنا عن السلم، وأيضا هل ممكن للعملية السلمية أن تمضي قُدما؟ نعم، بالتأكيد الحوثيين، وبنصيحة إيرانية، بل واستقراءهم للواقع السياسي والعسكري القائم، قد يقدموا الطعم الكبير، وأقول طعم أي بمعنى استخدام طريقتهم المعتادة، وهي التقية، أي قد يقدموا تنازلا فيه إغراءات كثيرة، لكن مشوبة بالمخاوف -للأسف الشديد".

وزاد: "أما إذا ما عدنا للجانب العسكري كحل أخير، وهذا في تقديري أنا أن العالم أجمع هو مستقرئ للوضع، ولديه القناعة أن لا حل في اليمن إلا باستئصال هذه المليشيا بحسم عسكري، لكي تخرج اليمن إلى طريق حقيقي مبني على استعادة الدولة والجمهورية دون اشتراطات؛ لأن العملية السلمية ستدخل فيها الاشتراطات، وسيكون الوضع عبارة عن ترحيل أزمة ليس إلا".

وقال: "قد تعالج القضية، إذا ما طرحت على طاولة الحل السلمي، ولن تخرج عن الأفكار التي طرحت في خارطة الطريق، وخارطة الطريق في الأساس هي خارطة ترقيعية، لا تعني حلا سياسيا شاملا على الإطلاق، عبارة عن بعض المسائل المتعلقة بالوضع الإنساني، ودفع الرواتب، وإطلاق الأسرى والمختطفين، وفتح الطرق، ومن ثم تعود اليمن إلى حالة الاحتراب من جديد".

- خيارات أخرى

يقول الصحفي رماح الجبري: "بلا شك، أن الظروف والمتغيرات الدولية، وتهاوي أذرع إيران في المنطقة، وهزيمة حزب الله، وسقوط نظام بشار الأسد، سيلقي بضلاله على الملف اليمني، ومن المهم أن تستغل هذه الفرصة المواتية لهزيمة مليشيا الحوثي، والتحرك السريع".

وأضاف: "صحيح أنه ليس كل ما يتم التوافق عليه يمكن أن يقال في الإعلام، لكن هناك تأكيدات كثيرة أن مسألة خارطة الطريق، أو الحديث عن تحقيق السلام في اليمن لم يتم طرحه، ولم يتم مناقشته، لاستبعاده حاليا، والبحث في خيارات أخرى ربما قد تكون خيارات لا تزال في إطار التفكير، وطرح الاحتياجات اللازمة".

وتابع: "المجتمع الدولي يؤكد في خطابه أنه على استعداد لتقديم الدعم الكامل للحكومة الشرعية، شرط واحد أن يكونوا قوة واحدة، ونموذج واحد، وكل القيادات العسكرية تحت قيادة وزارة الدفاع حتى يمكن أن يكون هناك دعم وتمويل، وتهيئة أرضية يمكن أن تعمل على إدارة نموذجية في المحافظات المحررة، وأيضا هزيمة مليشيا الحوثي".

وأردف: "لا يزال النقاش واجتماعات مجلس القيادة الرئاسي، واجتماع الأطراف المهتمة بالشأن اليمني في عواصم عدّة، ولا تزال تتدارس خيارات التعامل مع المليشيا التي تضمن نتيجة سريعة وحتمية، كما حدث في سوريا".

تقارير

من يدفع يدفع الثمن الأكبر لهجمات الحوثيين البحرية وكيف تنعكس آثارها على اليمنيين؟

تسببت الهجمات التي تنفذها جماعة الحوثي على أهداف في عرض البحر الأحمر بأزمة ملاحة دولية، ولكن تأثير هذه الأزمة انعكس على اقتصادات دول عربية، ناهيك عن مضاعفة المأساة الإنسانية داخل اليمن ذاته.

تقارير

تجنيد طلاب المدارس والجامعات وأبناء القبائل .. مليشيا الحوثي تستنفر في كل مكان

حملات جديدة تنفذها مليشيا الحوثي على نطاق واسع لتجنيد طلاب المدارس، واستهداف منتسبي الجامعات بحملات تعبوية وممارسة ضغوط على زعماء القبائل في مناطق سيطرتها من أجل القيام بعمليات تجنيد تحسباً لمواجهة مرتقبة في ظل الحديث عن عودة التصعيد وحسم المعركة عسكرياً.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.