تقارير

حملات تعبئة فكرية لا تتوقف.. مليشيا الحوثي تكثف أنشطتها الطائفية في المدارس والجامعات

23/01/2025, 08:40:08

في ظل الحرب المستمرة والصراع المتصاعد في اليمن، تواصل  مليشيا الحوثي تنفيذ حملات تعبئة فكرية مكثفة تستهدف الطلاب بشكل خاص، سعياً منها لتغيير عقول الأجيال الجديدة وفرض أجندتها العقائدية.

هذه الحملات، التي بدأت منذ بداية النزاع، لم تقتصر على المدارس فقط، بل طالت أيضًا الجامعات والمراكز التعليمية الأخرى في مناطق سيطرة المليشيا .

مؤخراً كثفت المليشيا مساعيها لإجراء تغيير مذهبي في محافظة إب  وردّ قادتها على مقاومة المجتمع لتلك المساعي بالإعلان بأن طلاب جامعات المحافظة لن يحصلوا على شهادات تخرجهم إلا إذا التحقوا بالدورات الطائفية، وتدربوا على حمل الأسلحة.

وفي رسائل وجَّهها ما يسمى الملتقى الطلابي، وهو كيان مخابراتي أسسه الحوثيون في كل الجامعات اليمنية للتحكم في الأنشطة ومراقبة الطلاب والأساتذة، أُلزم كل طلاب الجامعات الثلاث في المحافظة بالالتحاق بدورة طائفية تحت مسمى دورة طوفان الأقصى.

وطلبت الرسالة من جميع الطلاب من الجنسين الحضور من الساعة 8 صباحاً، وأكدت ضرورة وجود الجميع في القاعة، ونبهت إلى أنهم سيقومون بالتأكد من الحضور تحت إشراف عمداء الكليات.

وبحسب إفادة عدد من الطلاب، فإنهم ملزَمون بالخضوع لدورات فكرية طائفية لمدة أسبوع يتخللها التدريب على استخدام الأسلحة، وأن برنامج التعبئة الفكرية الطائفية يركز على إحداث تغيير مذهبي في هذه المحافظة ذات الثقل السكاني الكبير، من خلال الاستماع إلى خطابات زعيم الحوثيين ومحاضرات إلزامية لأخيه الذي أسس الجماعة قبل مقتله في المواجهة مع القوات الحكومية قبل 20 عاماً.

إلى جانب ذلك، يركز الحوثيون في تعبئتهم الفكرية للطلاب على التحريض على القتال ومواجهة من يصفونهم بالكفار.

وذكرت المصادر أن بعض الطلاب فضَّلوا إيقاف الدراسة بسبب هذه الممارسات، خصوصاً أن الجماعة الحوثية ربطت نجاح أي طالب بحضوره هذه الدورة، كما أبلغت إدارة جامعة إب كل الطلاب بأن شهادة التخرج في الجامعة لن تُمنح إلا لمن أثبت حضوره في هذه الدورات.

تهديد وحرمان

هذه الممارسات شهدتها مختلف الجامعات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، حيث فرضت الجماعة على الطلاب الحضور، وهددت من يتغيب بحرمانه من دخول اختبارات نهاية الفصل الدراسي. أما من يلتزم، فسوف يحصل على 10 درجات إضافية في كل مقرر دراسي. كما يُلزم طلاب الجامعة بتعبئة استمارة البيانات الشخصية والانضمام إلى ما تسمى حملة التعبئة الشعبية للقتال ضد إسرائيل.

ووفق مصادر جامعية تحدثت  فإنه عقب تعبئة البيانات وانتهاء برنامج التعبئة الفكرية في مراحله الأولى، يُرغم الطلاب على الالتحاق بدورات مكثفة للتدريب على استخدام الأسلحة والأعمال القتالية في مواقع خصصت لهذا الغرض. وقال زعيم الحوثيين إن عدد المتخرجين من هذه الدورات يبلغ 814 ألف شخص.

ويقول نشطاء إن الطلاب في إب أمام خيارين: إما حضور الدورات الثقافية الطائفية والاستماع لخطب وأحاديث زعيم الحوثيين وأخيه، والتدرُّب على استخدام السلاح، والحصول على شهادة التخرج في الجامعة حتى لو لم تكن ناجحاً، أو أن ترسب أو لا تحصل على شهادة إذا كنت من طلاب السنة الدراسية الأخيرة.

ولم تقتصر محاولات الحوثيين لإجراء تغيير مذهبي على طلبة الجامعات الثلاث في محافظة إب، بل امتدت هذه الممارسات إلى العاملين في قطاع التربية والتعليم من معلمين وموجهين وإداريين في كل مدارس المحافظة، حيث أُخضع هؤلاء لدورات فكرية طائفية، وفق ما ذكرته مصادر محلية في المحافظة.

ووفق المصادر، يُؤخذ العاملون غصباً إلى إحدى المدارس الكبيرة في كل مديرية، والتي حُوّلت إلى مركز للتدريب الفكري واستخدام الأسلحة، وتُبلّغ عائلاتهم أنهم سيغيبون لمدة أسبوع ثم يعودون.

وفي حين أن هؤلاء التربويين والمعلمين وبسبب قطع الحوثيين المرتبات منذ 8 أعوام، مرغمون على العمل في مدارس خاصة لتوفير احتياجات أسرهم، فإنهم يعيشون طوال أسبوع التعبئة الطائفية على الديون من محلات بيع المواد الغذائية.

استهداف ممنهج

تعد المدارس من أبرز ساحات المعركة الفكرية التي تشهدها اليمن  منذ أن سيطرت  مليشيا الحوثي على العاصمة صنعاء  وبعض المناطق الأخرى حيث بدأ الطلاب في مدارسهم يتعرضون لحملات مكثفة من التوجيه السياسي والفكري.  كما تم تعديل المناهج الدراسية بشكل يعزز الأيديولوجية الحوثية ويعكس رؤية المليشيا، مع التركيز على تعزيز الولاء لقائد المليشيا، عبدالملك الحوثي، ورؤيتها للحرب ورفض الحكم بالقوة .

أبرز أشكال هذه الحملات كان تغيير المناهج الدراسية. حيث أضاف الحوثيون مواد دراسية تروج لأيديولوجياتهم مثل “المفاهيم الثورية” و”الجهاد”، مع التوجه نحو تكريس مفاهيم مرتبطة بالدين والسياسة وفقًا لتوجهاتهم. كما تم توزيع كتب دراسية وأدلة تعليمية تحمل رسائل سياسية ودينية تحث الطلاب على تبني مفاهيم معينة واتباع قيادات الجماعة.

لم تقتصر حملات التعبئة الفكرية على تغيير المناهج فقط، بل شملت أيضًا الأنشطة الموازية مثل المسيرات والمهرجانات والفعاليات الثقافية التي يتم تنظيمها بشكل دوري في المدارس.

وفي هذه الفعاليات، يتم تعليم الطلاب ما يُسمى بـ “ثقافة الصمود” و”الحرب المقدسة” ضد ما تعتبره الجماعة قوى العدوان، في إشارة إلى الحكومة والتحالف بقيادة السعودية. 

و تستهدف مليشيا الحوثي الحوثي بشكل خاص فئة الشباب، حيث ترى فيهم القوة القادرة على حمل مشروع الجماعة في المستقبل.

وعلى الرغم من أن العديد من الطلاب لا يمتلكون القدرة على فهم جميع أبعاد الفكر الحوثي، إلا أن هذه الحملات تساهم في تشكيل هويتهم الفكرية والسياسية بما يتوافق مع أهداف الجماعة.

ونتيجة لذلك، يجد العديد من الشباب أنفسهم في موقف من عدم القدرة على التعبير عن آرائهم بحرية، بينما يتعرضون لضغوط نفسية واجتماعية من أجل الالتزام بالأيديولوجيا الحوثية.

وقد قوبلت هذه الحملات الفكرية بتنديد من قبل العديد من المنظمات الحقوقية والتعليمية التي عبرت عن قلقها من تأثير هذه الحملات على التعليم في اليمن. فقد أكد خبراء في مجال التعليم أن هذه الحملات تؤدي إلى تدمير أسس التعليم المستقل وتعزز من الانقسامات السياسية والطائفية في المجتمع.

كما دعا هؤلاء إلى ضرورة ضمان تعليم حيادي يركز على تحسين مستوى الطلاب المعرفي بعيدًا عن التوجهات السياسية.

ويقول مراقبون إن حملات التعبئة الفكرية التي تقودها  مليشيا الحوثي تمثل تهديدًا خطيرًا لمستقبل اليمن، خاصة فيما يتعلق بالجيل الجديد.

وبينما يتجه العالم نحو توفير التعليم الشامل وغير المنحاز، يستمر الحوثيون في استخدام المدارس كأدوات لفرض سيطرتهم الفكرية على الأجيال القادمة، مما يعمق الانقسامات ويؤثر بشكل سلبي على المستقبل الذي ينتظر أجيال بأكملها. 

تقارير

إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية.. كيف ستؤثر عودة ترامب على الأزمة اليمنية؟

مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في ولايته الرئاسية الثانية، أعلنت إدارته تصنيف مليشيا الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، في خطوة تعكس توجها متشددا تجاه إيران وأذرعها في المنطقة، كما يعد ذلك التصنيف نقطة تحول محورية في مسار الأزمة اليمنية

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.