تقارير
خبراء يتوقعون ردا إسرائيليا وشيكا على الحوثيين بعد استهدافهم مطار رامون
قال خبراء أمنيون إن الهجوم الذي نفذته ميليشيا الحوثي في اليمن بطائرة مسيّرة على مطار رامون الإسرائيلي قرب إيلات يمثل “انتصاراً تكتيكياً صغيراً” للجماعة المدعومة من إيران، لكنه في الوقت ذاته قد يفتح الباب أمام جولة جديدة من التصعيد، في وقت لا يزال قادتها يحاولون استيعاب الخسائر الكبيرة التي لحقت بهم إثر ضربة إسرائيلية استهدفت كبار مسؤوليهم، وفق ما أورده موقع "The Media line".
ضربة غير مسبوقة
في عملية وُصفت بأنها واحدة من أعنف الضربات ضد الحوثيين منذ سنوات، قتلت إسرائيل عدداً من وزراء الجماعة ومسؤولين عسكريين بارزين، في محاولة لإضعاف قدراتها السياسية والعسكرية.
وقالت الصحفية الإيطالية والخبيرة في الشأن اليمني لورا سيلفيا باتاغليا إن “إسرائيل استهدفت الطبقة الوسطى من القيادة الحوثية، من وزراء ومسؤولين ينتمون إلى المؤتمر الشعبي العام، لكنها لم تمس الدائرة الأرستقراطية المحيطة بعبدالملك الحوثي، زعيم الجماعة”.
وأضافت باتاغليا أن هذا قد يؤدي إلى تعزيز نفوذ تلك الدائرة المغلقة، مؤكدة أن “الضربة من شأنها أن تزيد من تماسك القيادة الداخلية، وتجعل الخطاب أكثر تشدداً، كما حدث مع حركات أخرى مثل حماس وحزب الله”.
هجوم يغير المعادلة النفسية
رد الحوثيون بإطلاق سلسلة من الطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، تمكنت إحداها من اختراق الدفاعات وضرب مطار رامون في أقصى جنوب البلاد. ورغم أن الأضرار كانت محدودة، فإن الحادثة أثارت قلقاً واسعاً في إسرائيل.
وقال الباحث في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، آري هيستاين، إن “الهجوم لا يعكس تقدماً تكنولوجياً بقدر ما يشير إلى تكتيك جديد لتجاوز الدفاعات الجوية. إنه نجاح رمزي أكثر منه عسكري، لكنه يغيّر المعادلة النفسية لأنه أثبت أن المظلة الدفاعية الإسرائيلية ليست منيعة تماماً”.
أبعاد داخلية وخارجية
ويرى محللون أن الحوثيين يسعون من خلال هذه الضربات إلى تحقيق هدفين رئيسيين: تعزيز شرعيتهم داخلياً وردع خصومهم خارجياً.
وقال هيستاين: “الجماعة تخشى أن يؤدي الاستياء الشعبي في اليمن، إلى جانب خسائر قيادتها، إلى إضعاف قبضتها. لذلك تحتاج إلى إظهار قوتها في الخارج لتبرير استمرارها في الداخل”.
وأوضحت باتاغليا أن هذه الهجمات “تلعب دوراً في تعبئة القاعدة الشعبية للجماعة، عبر تقديم صورة ثابتة بأنها ما زالت في صف غزة، وأنها مستعدة لدفع الثمن”.
دعم إيراني مستمر
تقرير لجنة خبراء الأمم المتحدة حول اليمن وثّق مئات الانتهاكات لحظر الأسلحة المفروض على إيران، وأشار إلى دورها الحيوي في تزويد الحوثيين بمكونات الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.
وقال هيستاين إن “الاعتماد على إيران في الصناعات العسكرية لا يزال كبيراً، لكن الحوثيين يعملون على تطوير قدراتهم محلياً، وهو أمر ينبغي أن يثير القلق على المدى الطويل”.
من جانبها، أكدت باتاغليا أن عمليات التهريب البحري ما زالت مستمرة عبر سواحل شمال وجنوب اليمن، مضيفة أن ذلك يعزز قدرة الحوثيين على الصمود رغم الضغوط العسكرية.
احتمالات التصعيد
المؤشرات من تل أبيب تفيد بأن رد الاحتلال الإسرائيلي لم ينتهِ. وقالت باتاغليا: “إسرائيل أوضحت أنها سترد بقوة بعد ضربة رامون والهجمات المسيّرة المستمرة. يمكن القول إن التصعيد المقبل شبه مؤكد”.
وبينما يحاول الحوثيون إثبات قدرتهم على البقاء في مواجهة الضربات النوعية، يظل السؤال مفتوحاً حول ما إذا كانت سياسة الاغتيالات الإسرائيلية قادرة على ردع جماعة تعتمد على شبكة قبلية متماسكة ودعم إيراني مستمر، أم أنها ستزيد من تصلب موقفها وتعزيز سرديتها المقاوِمة.