تقارير
ذكرى "مذبحة التحرير" بحق أبناء تهامة تعيد إلى الأذهان جرائم الإمامة بحق اليمنيين
يتذكر اليمنيون مشهد إعدام 9 مدنيين من أبناء تهامة، بينهم قاصر، دفعة واحدة وسط العاصمة صنعاء على يد مليشيا الحوثي التي دشنّت سلسلة إعدامات ميدانية في مناطق سيطرتها أمام مرأى ومسمع العالم.
تأتي الذكرى الأولى للجريمة في ظل فشل الحكومة الشرعية بتدويل القضية، وتهاون المجتمع الدولي في إلحاق الإدانات بإجراءات عملية رادعة للمليشيا.
- إدانات تنتهي بالنسيان
في هذا السياق، يقول المدير التنفيذي للمركز الأمريكي للعدالة، عبدالرحمن برمان: "تمر علينا الذكرى الأولى لإعدام 9 مدنيين من أبناء تهامة بينهم قاصر، كيوم دامٍ وحزين على الشعب اليمني، وعلى المجتمع الدولي بشكل عام".
وأوضح برمان لبرنامج زوايا الحدث، الذي بثته قناة بلقيس يوم أمس، أن "ردود الفعل تجاه الجريمة كانت قوية على مستوى الأمين العام للأمم المتحدة، وسفارات الدول، ووزارات الخارجية لبعض الدول، وجميع مؤسسات الحكومة اليمنية".
وأضاف: "لكن -للأسف الشديد- عادة يتفاعل المجتمع الدولي، والمنظمات، وحتى الجانب الحكومي مع الأحداث الآنية بالإدانات، وبمجرد مرور الوقت نبدأ بعملية النسيان، ونتلقَّى مصائب وضربات جديدة".
وأشار إلى أن "الحكومة اليمنية لم تحرك هذا الملف أمام المجتمع الدولي بصورة مستمرة، وكان يجب عليها أن لا تمرر هذه المجزرة الدموية التي ارتكبتها مليشيا الحوثي بحق 9 مدنيين، وبينهم قاصر، إلى جانب شخص آخر تم قتله داخل السجن تحت التعذيب".
واعتبر أن "هذه الجريمة كانت بداية لجرائم إعدام سياسي، ربما لو كان الجميع صمت في ذلك الوقت، لكانت المليشيا جاءت بدفعة جديدة إلى ساحة الإعدام".
وأشار إلى أن "عملية الإفلات من العقاب والصمت الدولي والحكومي والحقوقي تشجّع المليشيات على الاستمرار بمثل هذه الجرائم والانتهاكات، واتساع رقعتها".
وقال: "حتى هذه اللحظة ث، لا توجد أي ملاحقة أو أي ملف في هذه القضية، أو حتى محامين يسعون لذلك، ولكن من حق أولياء الدم أن يحركوا هذه الدعوى، وأن يقوموا بملاحقة من قاموا بهذه الجريمة".
وأوضح أن "هناك ممن ارتكبوا مجازر مثل هذه المجزرة تعرضوا لمحاكمات دولية بعد مرور 30 سنة، ونحن نرى أن هناك محاكمات لمن قاموا بمثل هذه الجرائم أمام محكمة الجنايات في أوروبا، وصدر بحقهم أحكام مؤبدة".
ولفت إلى أن "الكثير من الأشخاص يموتون على المعابر، وفي نقاط التفتيش، دون إجراء حتى مجرد تحقيق".
وقال: "نحن في المركز الأمريكي نتابع مثل هذه القضايا، وحتى اليوم محامو المركز الذين يتابعونها، ولم يستطعوا أن يستخرجوا أمرا بالقبض القهري على القتلة، وهم معروفون، ولم يمتثلوا أمام النيابة، ولم تحال ملفاتهم رغم مرور نحو 10 أشهر".
- إعدام خارج نطاق القانون
من جهته، يقول وكيل وزارة العدل، فيصل المجيدي: "الجريمة مؤلمة، ونحن في الحكومة نعتبرها بأنها جريمة إعدام خارج نطاق القانون والقضاء، وهذه المسرحيات لا يمكن لأحد أن يعترف بها تحت مسمّى محاكمات، ومن أصدر قرار الإعدام هو محمد علي الحوثي، حينما غرد في صفحته على تويتر بأنه سيتم إخراج هؤلاء وإعدامهم".
وأوضح أن 'الحكومة في هذه الجريمة بالذات كانت حركتها مهمّة وخطواتها حقيقية، حيث تحرّكت كل مؤسسات الدولة، والتواصلات مع الخارج كانت تتم بشكل ممنهج، ووصلت إلى مجلس الأمن، وإلى الأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان"، معتقدا بأن "القضية لاتزال حاضرة في تقارير الحكومة التي تُرفع لمجلس حقوق الإنسان، ومفوضية حقوق الإنسان".
واعتبر أن "هذه الجريمة ضمن سلسلة من الجرائم التي تقوم بها مليشيا الحوثي، لكنها خرجت للعلن، كونها تتعلق بأحد أصنام المليشيا"، مشيرا إلى أن 'البعض يعتقد بأن المليشيات أرادت من خلال هذه الجريمة إخفاء صراعات أجنحة، وكان هؤلاء المدنيون كبش الفداء، كما يحاولون الآن في قضية القاضي حمران".
ويرى أن "هذه المليشيا ستجعل -باستعادة الدولة- من زعيمها عبدالملك الحوثي، إلى كافة مسارات قياداتها الظاهرة والباطنة، ضمن الفاعلين الأصليين لهذه الجرائم".
وأشار إلى أن من "المتعارف عليه في المحاكمات العادلة، التي أقرّتها جميع التشريعات والمواثيق والمعاهدات الدولية، عدم جواز التعذيب وعدم الإقرار بأي أدلة تنتزع من المتهم أو المختطف السجين، وهي أيضا مقررة في المادة 48 من الدستور اليمني، وفي مواد قانون الإساءات الجزائية".
وقال: "يُفترض عندما يتم القبض على أي شخص أن تبلّغ أسرته، وأن يكون القبض بناء على أدلة ودلائل حقيقية، ويُقدم إلى العدالة خلال 24 ساعة، وثم 48 ساعة، ومن ثم يحال إلى المحاكمة في أجواء عادية".
وأضاف: "لكن ما حصل مع هؤلاء أنه تم اختطافهم، وهناك تدوين في محاضر يقول فيها أحد المختطفين بأنه لا يعلم بأن هناك رئيسا اسمه الصماد، لأنه لم يكن متواجدا في تلك المنطقة التي يتواجد فيها الصماد، إضافة إلى ذلك الطفل القاصر الذي لا يجوز أن يحاكم باعتباره حدثا، ولا يجوز أن يحكم عليه بالإعدام وفقا للقانون اليمني'.
وتابع: "كما أنه لم يسمح لمحامي الدفاع بالحضور فترة الاعتقال، التي استمرت لمدة ثلاثة أشهر، وهذه وحدها كافية بحد ذاتها لإبطال التحقيقات، وما لحقها من إجراءات هزلية بحقهم".
كما اعتبر أنه "تم اغتيالهم معنويا عبر وسائل الإعلام، قبل إعدامهم، حيث خرج محمد علي الحوثي، المعروف بأنه من يحرك القضاء، بالتغريد وإصدار القرار بالإعدام في صفحته على تويتر"
وأشار إلى أن "مليشيا الحوثي تقوم بذبح ما تبقّى من القضاة الأحرار، لذا لا يمكن الإقرار بوجود سلطة قضائية مطلقا في مناطق سيطرة المليشيا".
- سيناريو مفبرك
من جهته، قال الصحفي وديع عطاء: "نستذكر مثل هذه الجريمة بألم، لأنها كانت عبارة عن مذبحة وإهانة للدم اليمني ولسبتمبر ورمزية سبتمبر".
وأضاف: "أثبتت مليشيا الحوثي دمويّتها ووحشيتها في هذه المذبحة التي تمت بناءً على سيناريو مفبرك، وعلى خطوات لم تُبنَ على أي أُسس قانونية، ومن مليشيا خارجة عن القانون، وداست على كافة المقدّسات اليمنية، الشرعية والقانونية".
وتابع: "سنُحيي مثل هذه الذكرى سنويا، لأنها جرح غائر في الوجدان اليمني، وليس فقط في الوجدان التهامي، وأبناء الحديدة فقط، ولن يفلت من قام بها من العقاب، طال الزمان أو قصر، وحق أولياء الدم لن يسقط أبدا".