تقارير
رغم التنافر الأيدلوجي.. ما طبيعة التعاون بين الحوثيين وحركة الشباب الصومالية؟
في أكتوبر الماضي، أصدر فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة تقريرا يُلقي الضوء في جزء منه على تعاون مزعوم بين مليشيا الحوثي في اليمن وحركة الشباب الصومالية.
يُفيد التقرير أن هذا التعاون يشمل تهريب الأسلحة والممنوعات، بالإضافة إلى تبادل المعلومات الاستخباراتية والموارد، ويستند إلى معلومات استخباراتية، سبق لمجلة أمريكية أن نشرت معلومات عنها.
وفي حال ثبوت صحة معلومات التقرير، فإن هذا التعاون سيشكل تطورا لافتا في حركة الصراع في المنطقة، خاصة بعد عام من فشل ذريع لتحالفين دوليين في البحر الأحمر، عجزا عن الحد من قدرات الحوثيين الهجومية.
- منطقة متشابكة
يقول الباحث والكاتب السياسي المختص بالشؤون الإفريقية والدراسات الأمنية، إبراهيم ناصر: "منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر منطقة متشابكة، وتنشط فيها الدول والجماعات بصورة مشتركة، بحيث أي جهة تقوي موقفها في المعادلة، التي بدأت تتغيّر على مستوى الشرق الأوسط، وعلى منطقة البحر الأحمر".
وأضاف: "أهمية البحر الأحمر تتركز في كونه معبرا مهما للتجارة الدولية، لكنه بالأساس يمثل تجمعا لشعوب تجانست عبر التاريخ، وخصوصا شرق البحر الأحمر، بما فيها اليمن والسعودية والأردن، ودولة الكيان الصهيوني، ومن الغرب مصر والسودان وإريتريا وجيبوتي".
وتابع: "هذا المركب الأمني للبحر الأحمر يحتّم على كل الدول أن تلعب بصورة مشتركة، لكن التناقضات، التي ظهرت مؤخرا على مستوى البحر الأحمر وعلى مستوى القرن الإفريقي، حملت الكيانات والدول أن تتشابك وأن تشكّل تحالفات، أحيانا تكون تحالفات معلنة، وأحيانا تكون تحالفات تحت الطاولة، وهذا ما ورد في تقرير فريق الخبراء للأمم المتحدة".
وأردف: "تقرير فريق الخبراء قال إن جماعة الحوثي وحركة الشباب الصومالية، وكذلك تنظيمات أخرى محلية، بدأت تظهر في منطقة القرن الإفريقي، وخصوصا في الصومال وإثيوبيا، وبدأت تتشابك فيما بينها في عملية تبادل المعلومات، وتبادل الدعم اللوجستي، وخصوصا أن هذه المنطقة منفتحة".
وزاد: "الولايات المتحدة الأمريكية، وخلال التحالفات التي تبنتها، التي رعتها في هذه المنطقة، وأخيرا السعودية، التي شكلت مجلس لأمن البحر الأحمر، وهي خطوة جاءت لمكافحة هذه الظواهر، أن يكون هناك تنظيمات خارج الدولة تنشط بهذه الصورة، وتكون لها اتصالات، تؤزّم عملية التجارة الدولية، وتؤزّم مصالح الدول الاقليمية".
-فراغات أدركتها إيران
يقول الخبير العسكري، العميد عبد الرحمن الربيعي: "تقرير فريق الخبراء قد يكون بمجمله صحيح 100%، لكن الأمم المتحدة تأخرت كثيرا في التفاتتها للبحر الأحمر وبحر العرب، والحرب في اليمن بالإجمال".
وأضاف: "لأول مرة تخرج الأمم المتحدة بتقارير هكذا، وكأن هذه التقارير إدانة واضحة لهذه الأعمال المبنية أصلا على أساس غياب الدولتين، غياب الدولة في اليمن المختطفة من قبل الحوثيين منذ 2014، وكذلك في الصومال".
وتابع: "هذا الغياب، وهذه الفراغات أوجدت التعاون بين هذه الجماعات، حتى ولو اختلفت في الأيديولوجيا، لكنها تلتقي في المصلحة والمنفعة؛ لأن المنفعة جمعتهم، وأيضا هناك راعٍ استطاع أن يمهّد ويقرّب بين مثل هكذا جماعات، قد تكون مختلفة أيديولوجيا، لكنها تلتقي في المصالح، وهذا الراعي هو إيران".
وأردف: "كأن إيران أدركت مبكرا حالة الفراغات، وحالة عدم التقاء المنظومة العربية والإفريقية المطلة على البحر الأحمر، وتركت فراعا كبيرا لإيران أن تلعب هذا الدور من خلال إيجاد أولا التوفيق بين هذه الجماعات، بحيث إن الحوثيين يمولون الجماعات الصومالية بالمال، وإيران تمولها أيضا بالسلاح، ومن ثم تقوم هذه الجماعات بالدور الأهم لخدمة مشروع إيران في المنطقة".
وزاد: "الجماعات الصومالية تمثل محطة ترانزيت ما بين البحر الأحمر والخليج العربي القريب من إيران، وهذه مهدت السبل لهذه الجماعات أن تلعب دور التوصيل، حيث تقوم هذه الجماعات بتهريب الأسلحة إلى شواطئ اليمن؛ لأن الصوماليين يمتلكون خبرة الملاحة في البحار المفتوحة أكثر من اليمنيين".
وقال: "اليمنيون محدودو الخبرة في السواحل، خاصة الصيادين، وحتى البحرية التي كانت موجودة في اليمن سابقا، أو التي أنشأها الحوثي حاليا، لا تستطيع أن تبحر في الأعماق البعيدة، وأعالي البحار، لذا فالجماعات الصومالية، التي استخدمت أعمال القرصنة واختطاف السفن المحملة بالنفط للحصول على الأموال من خلال الفدية، أكثر خبرة".
وأضاف: "وكانت قد افتقدت الأموال منذ أن نشأ تحالف دولي ضدها، فجاءت جماعة الحوثي لكي تغطي هذا الفراغ، وتقدم الأموال لهذه الجماعات مقابل دورها في توصيل السلاح، وأن تكون أيضا منطقة ترانزيت، وتبادل المعلومات الاستخباراتية عن حركة السفن".