تقارير
رمضان في اليمن.. عادات جديدة في ظل الحرب
قناة بلقيس - خاص
في اليمن، تظهر مع مرور الوقت عادات جديدة في شهر رمضان لم تكن موجودة من قبل، برزت أكثر خلال فترة الحرب المستمرة منذ 2015، ربما لِرغبة المواطنين بصناعة الابتسامة وخلق تغيير حولهم، يُدخل الفرحة إلى قلوبهم.
تنتشر مثل هذه العادات في أوساط الأجيال الجديدة تحديدا، وهم من يقومون بشراء ما يلزم للتزيِين والتحضير لاستقبال هذا الشهر الكريم.
وتلاقي مثل تلك العادات انتقادات من بعض الآباء والأمّهات، فهم لا يحبذونها، كونها "ليست جزءا من موروثنا"، لكن آخرين منهم يتفقون بأنها تساعد على الإحساس بروحانية الشهر، وقيمته لدى المسلمين.
والأمر لا يقتصر على المنازل فقط عند القيام بالعادات الجديدة، بل يحرص عليها بعض أصحاب المحلات التجارية، وخاصة بائعي مستلزمات "زينة رمضان".
احتفال وتزيِين
يستعدّ الكثير من اليمنيين لاستقبال رمضان من بداية شهر شعبان، الذي يحرص العديد منهم على الاحتفال في منتصفه ب'الشعبانية'.
تقول آلاء أحمد إنها تشتري لها ولأخواتها وصديقاتها ثيابا يكون عليها رسومات مختلفة، بعضها "فوانيس"، وتجتمع معهن ب'الشعبانية'، التي يقدِّمن فيها الكثير من الأطعمة المتعارف عليها في رمضان، ويقمن بتزيِين السُّفرة بفوانيس رمضان، والاستماع إلى أناشيد مرتبطة بهذا الشهر.
إضافة إلى ذلك، تحرص آلاء -كما تؤكد لـ"بلقيس"- على شراء "ثيمات"، وهي أوراق يتم لصقها بعيدان خشبية، يكون عليها بعض الرسوم المرتبطة برمضان، ومكتوب عليها عبارات ترحّب به.
ويقمن، أيضا، منذ بضع سنوات بعمل "يا نفس ما تشتهي" قبل رمضان بأيام، وأكل الطعام المتنوع، سواء في تجمّعات بالمنزل أو بالمطاعم.
كما يقوم البعض بإحراق النيران، وكتابة بعض الجُمل بها في الأحياء السكنية، سواء ب'الشعبانية'، أو في أول أيام الشهر الكريم.
وتشير آلاء إلى تزيِين أيديهن بنقشات عليها رسوم رمضان أو عبارات ترحيب به، ويكون ذلك عبر 'الحناء' الذي يعطي لونا أحمر، أو "الخضاب" الأسود، ويكون إما صبغة طبيعية أو صناعية.
وبرغم أن 'الشعبانية'، وحتى "يا نفس ما تشتهي" عادات قديمة في بعض المحافظات اليمنية، إلا أن طقوس الاحتفال بها اختلفت مع مرور الوقت.
ومثلها، تحرص -أيضا- ريهام عبدالواسع على شراء أدوات مكتبية وصنع الهلال والنجوم، والفوانيس، بألوان مختلفة، وتعليقها أو إلصاقها على جدران المنزل.
وتقوم -أيضا- بتجميع زينة رمضان والاستفادة منها من عام لآخر، وتشتري فقط ما هو جديد في الأسواق، لإضفاء نوع من التغيير في المنزل، تذكر ريهام لـ"بلقيس".
ولا يقتصر الأمر على ذلك فقط، فهي تشتري -أيضا- سُفرة مخصصة لرمضان، وبعض الأواني التي عليها رسومات مرتبطة به، كالأكواب.
وكانت النساء -سابقا- يقمن بشراء أوانٍ جديدة لرمضان هُن بحاجة لها، خاصة مع قيام كثير من الأسر بدعوة الآخرين إلى الإفطار عندهم، لكن الأمر الآن اختلف، وأصبح التركيز أكثر على الرسومات في أدوات المطبخ الجديدة.
تأثير مواقع التواصل
تكثر المنشورات والصور في مواقع التواصل الاجتماعي خلال رمضان، وقبله بقرابة شهر، يُظهر -من خلالها- مستخدموها، وخاصة النساء والفتيات، طريقة احتفالهم برمضان، وإعدادهم الأطعمة المختلفة.
ولذلك، وجدت سارة عبدالله نفسها متأثرة بما تنشره زميلاتها وغيرهن، خاصة في المجموعات الخاصة بالطبخ، أو تلك المخصصة للنساء فقط، وغدت تحرص على الاستفادة من تجاربهن، وتطبيقها في المنزل.
أصبحت سارة اليوم -كما تفيد لـ"بلقيس"- تنشر صور زينتها لرمضان في مواقع التواصل الاجتماعي، وتلتقط الصور للأطعمة التي تعدها، مستفيدة من قنوات 'يوتيوب" المختلفة، أو التلفزيون، وتسعدها تعليقات صديقاتها على ما قامت به.
وهي ترى أن التلفزيون -أيضا- ساعد في نقل ثقافة الدول الأخرى، وبالتالي تأثر بعض اليمنيين بما يرونه، وحرصوا على الاستفادة منه، وكذلك التأثير الذي يحدث بسبب عودة البعض من الخارج، المتأثرين -أيضا- بثقافات بلد المهجر.
طلب مُتزايد
ويُلاحظ عبده محمد (صاحب محل لبيع التحف والهدايا) أنه أصبح، خلال السنوات الأخيرة، هناك طلب متزايد، خاصة من قِبل النساء والفتيات، على أشياء معيّنة للاحتفال برمضان.
ويوضّح لـ"بلقيس" أن "النساء أصبحن يطلبن مننا أشياء كثيرة، فنحاول توفيرها، كأضواء للتزيِين وفوانيس، وأطقم صحون، وغيرها، عليها نقوش خاصة بشهر رمضان، وحتى وسادات صغيرة عليها رسومات كالهلال والنجوم".
"وحين نُحضر أي بضاعة لها علاقة برمضان، حتى لو لم يكن متعارف عليها من قبل، فإن هناك إقبالا على شرائها، خاصة حين تكون أسعارها متوسطة"، يضيف محمد.
انتقاد تلك الممارسات
يكاد يقتصر القيام بتلك العادات على الأطفال والمراهقين، وبعض الشباب، خاصة في أوساط الفتيات، لذلك فآسيا عوض لا تشجّع ابنتها على القيام بذلك كل عام، خاصة وأنها "ليست جزءا من ثقافتنا".
وهي تبرر ذلك في حديثها لـ"بلقيس" قائلة: "إن رمضان أصبح بالنسبة للكثيرين سهرا ومشاهدة التلفزيون، ومتابعة مواقع التواصل الاجتماعي، أو الخروج ليلا للتسوق، والبُعد عن العبادات، وذكر الله، في الشهر الذي يتكرر مرة فقط كل عام".
وتابعت آسيا: "كنا قديما، يحرص أهلنا على تشجيعنا على قراءة القرآن كاملا خلال شهر رمضان، حتى ونحن أطفال، وتذكيرهم لنا بأنه وقت للتقرّب من الله، ويخصصون لنا بعض الوقت فقط للعب وغيره".
واختفت في اليمن بعض عادات رمضان، التي كانت شائعة، وخاصة في الأرياف، مثل المسحّراتي، وهو الشخص الذي يقوم بإيقاظ الناس لتناول وجبة السحور، بسبب تغيّر نمط حياة اليمنيين، وحرص الكثير منهم على السهر طوال الليل، والنوم بعد صلاة الفجر.