تقارير

ظاهرة غريبة في صنعاء.. الجِمال تجوب الشوارع وتغيّر صورة المدينة

07/10/2025, 06:13:57
المصدر : قناة بلقيس - خاص

في شارع تعز وسط العاصمة صنعاء، يتجوّل محمد فتيني (28 عامًا) من أبناء محافظة حجة، مع شقيقه أحمد ومجموعته الكبيرة من الإبل والجِمال، في مشهد غير مألوف يثير دهشة المارّة والزوار على حدٍّ سواء.

هذه الظاهرة، التي باتت تملأ بعض الشوارع الرئيسية في صنعاء، تعكس تداخُل الحياة الحضرية مع تقاليد الريف، وتطرح أسئلة حول تأثير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية على نمط الحياة في المدينة.

يشرح محمد لقناة “بلقيس” سبب إدخال الإبل إلى صنعاء، قائلًا إن المراعي المحيطة بالمدينة توفّر غذاءً أفضل للإبل مقارنة بالمناطق الأخرى، وخصوصًا في تهامة بمحافظة الحديدة – حسب قوله – لافتًا إلى أن الكثير من السكان هناك لا يفضّلون حليب الإبل بسبب تغذيتها على نبات “الآراك”، بينما تُعتبر أعشاب الطلح الغذاء الأمثل لإنتاج حليب مرغوب لدى الأسر في صنعاء.

يضيف محمد أن الهدف من دخول الإبل إلى العاصمة ليس فقط الرعي، بل أيضًا بيع الحليب الذي يحظى بإقبال واسع، إذ يتراوح سعر اللتر الواحد بين 1200 و1500 ريال، وهو ضعف السعر في مناطق أخرى، ما يجعل دخول الإبل إلى صنعاء خيارًا مربحًا لأصحابها.

كما كشف عن تجارة جانبية غير معتادة، إذ يقوم كثير من السكان بشراء بول الإبل بسعر نحو 500 ريال للدبة، مستفيدين منه في أغراض تجميلية أبرزها تطويل الشعر لدى النساء وبعض الشباب، ما يضيف بُعدًا آخر لهذه الظاهرة غير التقليدية التي باتت تملأ شوارع العاصمة.

منظر غير مألوف

يقف محمد عبدالله (40 عامًا) برفقة طفلته ذات العشر سنوات أمام مجموعة الإبل المنتشرة في شارع تعز، متأملًا المشهد ومستغربًا، ومتسائلًا في الوقت نفسه: كيف غيّرت الحرب شكل البلاد كما غيّرت الناس وطموحاتهم واهتماماتهم؟

يقول محمد لقناة “بلقيس”: “منذ صغري، كنت أرى هذه المناظر مقتصرة على المناطق الريفية والأماكن التي تنتشر فيها الأشجار والغابات، أما في صنعاء فلم أعتد على هذا المنظر إطلاقًا”.

ويوضح أن معظم الإبل كانت تتواجد في وادي السحول بمحافظة إب، نظرًا لكثرة المراعي، وخاصة أعشاب الطلح، والمساحات الواسعة التي جعلت من المكان خيارًا مفضلًا لملاك الإبل والجِمال.

ويشير إلى أن الحرب غيّرت كل شيء، ففي الوقت الذي باتت فيه شوارع صنعاء تعج بالإبل وتزاحم السيارات والمارّة، بدأ بعض المصورين بشراء خيول والذهاب بها إلى القرى والأرياف لتصوير الناس وهم يمتطونها مقابل مبالغ مالية، في مشهد يعكس التغيرات الكبيرة التي فرضتها الظروف الاقتصادية والاجتماعية على حياة المواطنين.

تحديات بيئية

أصبح انتشار الجِمال مؤخرًا في شوارع صنعاء أمرًا يثير الدهشة، إذ تجوب الطرق الرئيسية وتتبوّل وتتبرّز أمام أعين المارّة.

هذا المشهد غير المألوف جذب انتباه السكان والزوار، خصوصًا مع المخلفات التي تتركها وسط المدينة، بعد أن كانت تتميّز بالنظافة والتنظيم في سنوات مضت.

يقول فيصل علي (50 عامًا) لقناة “بلقيس”: “أتذكّر صنعاء عندما دخلتها وأنا طفل، كانت مدينة نظيفة وجميلة جدًا، واليوم تبدو مختلفة مع هذه المشاهد غير المعتادة”.

ويرى فيصل أن هذا الأمر يعكس تأثير الحرب والأزمة الاقتصادية على نمط الحياة في المدن الرئيسية، وفي مقدمتها العاصمة صنعاء، وما فرضته الظروف على الحركة اليومية داخل المدينة.

وأشار إلى أن هذه الظاهرة تطرح تحديات بيئية وأمنية، إذ يمكن أن تؤثر الفضلات الحيوانية على نظافة الشوارع وصحة السكان، وتزيد من صعوبة حركة السيارات والمارّة.

ويؤكد على الحاجة الملحّة لتنظيم حركة الإبل وإنشاء مرافق للرعي والبيع، لضمان بيئة حضرية آمنة ومستقرة، مع الحفاظ على جانبها التقليدي والثقافي الذي يجذب الفضول والاهتمام – حسب تعبيره.

إجمالًا، يعكس تجوال الجِمال في شوارع صنعاء مزيجًا غير معتاد من الحياة الريفية والحضرية، ويُظهر قدرة المواطنين على التكيّف مع التغيرات الاقتصادية والاجتماعية.

ومع ذلك، تبقى التحديات البيئية والأمنية قائمة، مما يطرح تساؤلًا مهمًا: كيف يمكن للمدينة الحفاظ على نظافتها وسلامة سكانها مع استمرار هذه الظاهرة الغريبة؟

تقارير

الصراع في حضرموت.. بين مشروع الانتقالي ورغبة الحكم الذاتي

ظلت محافظة حضرموت بعيدة عن الصراع منذ بداية الحرب وانقلاب ميليشيا الحوثي، إلا أنها مؤخرًا تحولت إلى ساحة صراع سياسي وعسكري محتدم، تتقاطع فيه المصالح المحلية والإقليمية، وتتشابك فيه الولاءات بين الرياض وأبو ظبي.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.