تقارير
علي عبدالله الضالعي يروي لـ"الشاهد" نشأته وبدايات عمله الثوري والقومي
يقول القيادي في التنظيم الوحدوي الناصري، علي عبدالله الضالعي، لـ برنامج "الشاهد 3" على قناة "بلقيس": "عشت طفولة قاسية وترعرعت في منطقة جحاف، التي تفتقر لكل الخدمات".
وأضاف: "في أواخر 1956م، بدأت المدارك تتفتح، عندما قامت انتفاضة في جبل جحاف، أطلق عليها الشيوعية، وكان المشارك فيها يقول إنه شيوعي، لأنهم كانوا فاهمين أن الشيوعي يعني الثائر، وكان أخي الكبير أحدهم، وكان عمره في العشرينات".
وتابع: "يومها أخي أعطاني رسالة لإيصالها إلى قرية مجاورة في جبل الصباح، تبعد عن قريتنا حوالي كيلو متر فقط، إلى يد الشيخ محمد عسكر، أحد قادة الثورة، فهمت بعدها بأن هناك طائرة بريطانية ستأتي لقصف بيت المقاوم محسن مانع، في قرية السولقة، وبيت فاضي في الجبل لإشعار الناس بقوة بريطانيا".
وأردف: "وصلت إلى جبل الصباح، ولأول مرة في حياتي أشاهد قطعة حديد تطير، فأصبت بالرعب، وأنا طفل كان عمري حوالي 6 سنوات، وشاهدت الطائرة تقصف بيت الشيخ مانع، فأصبت بالرعب وبكيت، وإذا بأمي تصرخ لا تفتجع لا تخاف، وظلت هذه في الذاكرة إلى اليوم".
وقال: "في اليوم الثاني، خرج أبناء قرية السولقة والقرى المجاورة، وهي قرى صغيرة من 5 إلى 6 بيوت، وانتقلت كافة الأسر إلى كهف كبير يستوعب فيه أكثر من 50 شخصا، وسكنا فيه عدة أيام، وتبقَّى في القرى فقط الثوار الذين لديهم سلاح".
وأضاف: "لا توجد في قريتي، أو في القرية المجاورة، كُتّاب أو مدرسة، وكنا نذهب إلى قرية تبعد ما بين 6 إلى 8 كيلو مترات مشيا على الأقدام، ونحن أطفال لنتعلم باللوح".
وزاد: "عندما علم الوالد بحكاية الثورة طلع من عدن، وأخذني لوحدي معه إلى البريقة، من أجل الدراسة، وأيضا لأن البريقة كانت كلها عبارة عن شباب عُزاب وعمال، ولا توجد أسر أخذني أنا الوحيد".
وأشار إلى أنه "عدن بدأت تتفتح مداركه، عندما انتقل من بلد نائية لا يوجد فيها حمام، إلى مدينة فيها سيارات وشوارع وحمامات، وكهرباء، كأنه انتقل من قرن إلى قرن، ودرس في الجامع قرآن كريم حتى حفظ نصف المصحف، حينها قال له والده: خلاص يا ابني أنت متعلم، أنا قرأت جزء عمّ".
وقال: "أحد التجار المنفتحين من أبناء الضالع، وهو أميّ (لا يقرأ ولا يكتب)، من قرية قرنة في جحاف، كان يأخذ الأيتام ويدرسهم، فأصر على أبي إنه يسجلني في مدرسة البريقة الابتدائية، أبي كان معترضا؛ لأنه الزي المدرسي كان قصير للركبة، وعندنا عيب اللبس القصير".
وأضاف: "دخلت المدرسة بعد موافقة والدي، وكان المدرسون يدرسوننا حول الوطن والوطنية والأمة العربية، فكر قومي، أحد المدرسين من أبناء التربة بتعز، أمين أحمد ثابت، كان يقرر علينا في الصف الثالث الابتدائي قصيدة المرحوم محمد محمود الزبيري: ما لليمانيين في لحظاتهم بؤس وفي كلماتهم آلام.. الخ، وكانوا يركزون على الفهم وليس على الحفظ".
وتابع: "كان الحس والانتماء القومي العربي قوي يتنامى في مدارس ومقاهي وأندية عدن، بعيدا عن الأحزاب والقوى السياسية، إلى درجة أن في 1961م، قدم الفرنسيون في جيبوتي شكوى للبريطانيين، أنهم في عدن يسمحون بإقامة حفلات؛ عائدها يذهب لقتلهم في الجزائر".
وأردف: "كان العمال -رغم إن أكثر من 90% منهم أميون- كل يوم بعد صلاة العصر يجلسون في سور ملعب الأطفال بشكل حلقات يستمعون الراديو، يستمعون صوت العرب، وبالذات مقال محمد حسين هيكل".
وزاد: "أيام خطابات جمال عبدالناصر، كانت الشوارع تكاد تفضي، يستمعون لخطاب جمال عبدالناصر، وأثناء ثورة الجزائر كان كل يوم خميس تقيم الفِرقة اللحجية، بقيادة عبدالله هادي، حفلة غنائية في عدن، وكان الدخول بـ5 شلن، وذلك لصالح ثوار الجزائر".
وأوضح أنه "بعد أن قام الوالي البريطاني بمنع إقامة الحفلات في عدن، انتقلت هذه الحفلات إلى دار سعد، التي هي جزء من عدن الآن، وكان كل يوم خميس تجد الناس متجهين طوابير إلى دار سعد، يخزنون القات، ويحضرون الحفلة التي يدار دخلها لصالح الثوار في الجزائر، واستمرت إلى استقلال الجزائر".
وأشار إلى أنه في طفولته "حصلت الوحدة بين مصر وسوريا، سنة 1958م، بعد أشهر حصلت ثورة العراق ضد النظام الملكي، بعدها حصلت نكسة الانفصال في 28 سبتمبر 1961م، وحصل تألم في الوطن العربي، فإذا الخبر يأتي من صنعاء بثورة 26 سبتمبر 1962م".
وقال: "أذكر وأنا في المرحلة المتوسطة من دراستي، مدير المدرسة في البريقة من أسرة خليفة بكريتر، كان يخرج طلاب المدرسة (الصفوف الثلاثة) إلى الطابور، ويفتح لنا إذاعة صنعاء لنسمع بيانات الثورة، ولك أن تتخيل هذا الأمر يحصل في عدن في ظل الاحتلال البريطاني".
وأضاف: "وفي فبراير 1963م، انطلقت ثورة في العراق ضد عبدالكريم قاسم؛ لأنه تبنى الفكر الشيوعي، بقيادة عبدالسلام عارف، وبعدها بشهر، في 8 مارس، انطلقت ثورة ضد الانفصاليين في دمشق، وفي 5 يوليو استقلت الجزائر، وهذا الزخم ولَّد عندي على الأقل حب الانتماء للأمة العربية".
وأشار إلى أن الزخم الثوري والعروبي امتد إلى خطباء المساجد في عدن.
وقال: "التحقت بالعمل السري وأنا طالب في المرحلة الإعدادية، وفي 17 أبريل 1963م، حدثت الوحدة بين مصر وسوريا والعراق، بعدها بدأ حزب البعث بالتراجع، واستهدف الناصريون في سوريا والعراق رئيس الرابطة في عدن، دعونا إلى اجتماع، وجابوا لنا الفلوس (الاشتراكات التي كنا ندفعها خلال السنة)، بعد أن اكتشفوا أن قيادة الرابطة بعثية، لأن الرابطة أرسلت برقية تأييد للرئيس السوري، وكان ضد جمال عبدالناصر، ونحن كنا ندفع نصف شلن شهريا".