تقارير
عُمان ودورها في الملف اليمني.. مساعٍ للسلام أم تعزيز لوضع الحوثيين؟
مؤخرا، تعاظم الدّور العُماني في الملف اليمني، وأصبحت مسقط محور ارتكاز محلي وإقليمي ودولي للمباحثات بشأن الملف اليمني.
حاليا يتواجد وفدٌ عمانيٌ في صنعاء للقاء مليشيا الحوثي، فيما يبدو أنها مهمّة إقناع دولية تهدف إلى الضغط على مليشيا الحوثي للانخراط في تسوية سياسية برعاية دولية.
تزايد الدّور العماني في الملف اليمني يأتي بطبيعة الحال على حساب الدّور السعودي الذي تُفلت خيوط اللعبة اليمنية من يده جراء انتهاج سياسة التقسيم ونشر الفوضى في اليمن على حساب الدّولة وتعزيز الاستقرار.
سياسة ودور عُمان
وعن دور مسقط خلال الحرب اليمنية، يوضّح الباحث في الشؤون الدولية، علي العبسي، أن سياسة سلطنة عُمان معروفة منذ استقلالها، حيث تعتمد على الحياد والنأي بالنفس عن الصراعات.
وأضاف العبسي، خلال حديثه لبرنامج "المساء اليمني" على قناة "بلقيس"، مساء أمس، أن "سلطنة عُمان تحتفظ بعلاقات متميّزة مع الجميع وتنأى بنفسها عن الصراعات منذ اتفاقية كامب ديفيد".
ويرى العبسي أن دور سلطنة عُمان في اليمن ليس بجديد على السياسة الخارجية للسلطنة بشكل عام، لافتا إلى أن "السلطنة لا تتعسكر مع أي طرف ضد آخر في أي دولة منذ استقلالها".
ويوضّح أن وقوف السلطنة على مسافة واحدة من جميع الأطراف يمكّنها من لعب دور الوساطة، "وهذا ما نشاهده مؤخرا بخصوص دورها في الملف اليمني".
ويتابع موضحا: "سلطنة عُمان أصبحت مهمّة في النزاع اليمني مؤخرا عندما تصاعد الحديث عن مسألة الحل السلمي للصراع".
ويلفت إلى أنه "لم يكن هناك أية أهمية لسلطنة عُمان قبل سبع سنوات من الحرب"، موضحا أن "أهمية دورها الآن هو بسبب الحديث عن السلام، كون الولايات المتحدة والقوى الإقليمية المشاركة في الصراع لن تجد سوى سلطنة عُمان للعب دور الوسيط لهذا السلام".
ويفيد الباحث العبسي أن "سلطنة عُمان حرصت على أن تبقى على مسافة واحدة من جميع الأطراف اليمنية، حيث تلتقي مع الحوثيين وتسمح لهم في البقاء على أراضيها، وفي مقابل ذلك تؤيّد الشرعية وتلتقي بأطرافها ومن يعادون المجلس الانتقالي".
وعن دور مسقط الأخير وزيارة وفدها إلى صنعاء، يعتقد العبسي أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية هي من طلبت من سلطنة عُمان القيام بدور هذه الوساطة بحكم علاقات مسقط الجيّدة مع إيران ومع الحوثيين.
وساطة عُمانية
وعن طبيعة الوساطة التي تقودها مسقط، يقول الكاتب والباحث في الشؤون الدولية، سالم الجهوري، إنه "حتى الآن لا توجد هناك معطيات واضحة لتفاصيل ما يتم في الاجتماعات التي تدور في مسقط بين الأطراف اليمنية والأطراف الأممية".
ويرى أن "هناك نقطة واضحة من هذه الاجتماعات، وهي السعي نحو إيقاف الحرب على الميدان"، لافتا إلى أن "الدور العُماني بالملف اليمني قائم منذ فترة ولم يتوقف".
ويعتقد الجهوري أن "هناك بعض البوادر لحلحلة الأزمة اليمنية بعد المبادرة الأمريكية التي طرحت وتم التعديل عليها، وبعد زيارات المبعوث الأممي، مارتن غريفيث، إلى كلٍ من مسقط والرياض وصنعاء".
ويشير إلى أن "عُمان تستثمر علاقاتها مع الإدارة الأمريكية ومع إيران والسعودية ومع الحكومة الشرعية، من أجل توفير البيئة المناسبة لأطراف الصراع في اليمن للجلوس على طاولة المفاوضات".
ويعتقد الباحث الجهوري أن "وجود الوفد السلطاني في صنعاء خطوة متقدّمة نحو السلام"، لافتا إلى أن "لغة الحوثيين تغيّرت، وتصريح ناطق الحوثيين من مطار صنعاء كان واضحا".
بدوره، يوضّح الدبلوماسي السابق، مصطفى النعمان، أن "موقف سلطنة عُمان الرافض للحرب والتدخل العسكري والمشاركة في التحالف العربي لم يتغيّر منذ بداية الحرب اليمنية".
ويلفت إلى أن "العلاقات اليمنية - العُمانية منذ 1970 لم تتبدل"، مضيفا أن "عُمان لا تتدخل في الشأن اليمني إلا إذا كان هناك تهديد لمصالحها الأمنية في الحدود".
ويتابع موضحا: "عُمان لا تتدخل أبعد ما يؤمّن مصالحها ويؤمّن حدودها"، لافتا إلى أن "الاتهامات التي كانت توجّه لعُمان حول مساعدة الحوثيين تأتي في إطار الحملات الإعلامية التي كانت تحاول الضغط على مسقط لجرها إلى الانضمام للتحالف العربي".
ويفيد الدبلوماسي النعمان أن "التحرّك العُماني اليوم وزيارة الوفد السلطاني إلى صنعاء جاء بعد أن صرّح المبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيم ليندركينغ، الذي اتهم فيه الحوثيين مباشرة بالتسبب بإطالة أمد الحرب وعرقلة جهود السلام".
ويتابع: "بنفس اليوم الذي اتهم فيه المبعوث الأمريكي الحوثيين بعرقلة جهود السلام، تلقّى وزير الخارجية العُماني اتصالا من وزير الخارجية الأمريكي حول نفس الموضوع، وبعد ذلك ذهب الوفد السلطاني إلى صنعاء".
ويعتقد النعمان أن "الرسالة التي حملها الوفد السلطاني إلى صنعاء تتعلق بالاتصال الذي تم مع وزير الخارجية الأمريكي، بالإضافة إلى أن كلام رئيس الوفد الحوثي المفاوض محمد عبدالسلام من مطار صنعاء كان واضحا وهو يقول إن هناك تحركا نحو السلام".