تقارير

فاضل.. يعيش على جمع الكراتين المستخدمة لأكثر من 3 عقود

17/09/2021, 07:11:39
المصدر : قناة بلقيس - كريم حسن

يطوف الخمسيني "فاضل" شوارع العاصمة صنعاء سيراً على قدميه، دافعاً بذراعيه النحيلتين عربية صغيرة تعينه على حمل الكراتين المستخدمة التي يجمعها مقابل ثمن معيّن من المحلات التجارية، ثم يُعاود بيعها في محلات مخصصة تفضّل شراء الكراتين المستخدمة، لحفظ أنواع من بضاعتها، ويعتمدها الرجل مصدراً وحيداً لدخله المعيشي وأسرته مذ أكثر من 3 عقود. يقول فاضل لبلقيس: "هذه العربية أحملها وتحملني، لها معي من فوق 30 سنة، وانا أتحمّل بها الكراتين التي أجمعها وأعيش منها".

 كانت ملامح التّعب بادية على وجهه، وعلامات الإنهاك في تفاصيل جسده غير خافية، من شدّة إفراطه في العمل خلف مصدر معيشته الوحيد في مواجهة ظروف الطقس المتقلّبة والمختلفة لفصول صنعاء.
 يهمُّ فاضل بمغادرة مسكنه عند تمام الثامنة صباحاً لجمع أكبر كميّة من الكراتين، محاولاً تحسين دخله البسيط، حتى عودته عند تمام التاسعة مساءً وبصورة يومية. إذْ يطول مشوار عمله اليومي، وعودته إلى المسكن متأخراً، كونه يعيش في صنعاء وأسرته في القرية التي يتردد عليها لزيارتهم بصورة دائمة.

 يقول لبلقيس: "أخرج الصباح بدري  وما أرجع السكن إلا متأخرا، لأن أسرتي بالبلاد أروح عندهم كل 4 أشهر، وأجلس هناك شهر أو 20 يوم وأرجع صنعاء، وعلى هذا الرَّحيل". تحتل البساطة واليُسر مساحة كبيرة من ذهن الرجل الذي اعتمد نظاماً سهلاً، وبعيداً عن كافة تعقيدات الظروف خلال رحلة حياته مذ تحمّله مسؤولية الأسرة التي ابتدأها عندما كان في العشرينات من عمره.

الفائدة قليلة

لا تظهر مهمّة "جمع الكراتين وبيعها" أياً من علامات التحسّن في الدّخل المعيشي لفاضل، رغم جهوده الكبيرة التي يبذلها في سبيل مبتغاه، سوى نوعٍ من ستر الحال.
يقول الرجل لبلقيس: "ما في فائدة منها، وما معي أي عمل آخر أقدر أقوم به، يللّه أدبّر مصاريفي اليومية، وأوفّر ما تبقى لي ولأسرتي في القرية، ما غير أستر حالي بس، لأن المحصول ضعيف، وبعد التعب كله أجمع 3000 ريال باليوم الواحد"، أي ما يعادل 5 دولارات سعر الصرف في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي الانقلابية.

 إذْ يسعى الرجل بتوفيره ذاك العائد القليل من ثمن الكراتين المستخدمة لشراء احتياجات أسرته الضرورية من: قمح، زيت، سكر، وغيره، خصوصاً مع الارتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية في ظل استمرار عمليات الصراع والحرب الدائرة في البلاد مذ قرابة 7 سنوات، ألقت بنتائجها السلبية على حياة الملايين من المواطنين، الذين يُعد فاضل واحداً منهم. وحتّمت عليه الظروف المحيطة الحفاظ على مصدر رزقه الوحيد، كونه غير قادر عن توفير فرصة عمل بديلة ومناسبة، لاعتبارات تخصّه.

يقول لبلقيس: "رزقي بين الكراتين، وما معي طريق غيرها، لأني ما تعلمت من حين وأنا صغير، وأسرتي فقيرة وبسيطة، ندوّر نعيش".
وتصل كمية الكراتين المستخدمة، التي يجمعها من المحلات مقابل ثمن محدد، نحو 100 ـ 120 كرتوناً بصورة يومية، بعد أن يكون قد طاف بقدميه عددا من شوارع المدينة لجمعها، ثم الذهاب لبيعها قبل أن يعود إلى سكنه. الأربعيني "عثمان العتمي"  يملك محلاً متخصصاً بشراء الكراتين المستخدمة من فاضل وآخرين، يقول لبلقيس: "بعض تجار البضائع يحتاجون أعدادا كبيرة من الكراتين المستخدمة  وأنا أوفرها لهم، وأغلبهم تجار الفواكه".

كفاح مستمر

تبقى مسيرة فاضل العملية، خلال رحلة حياته، متوقفة في عالم الكراتين المستخدمة عند خط معيشي محدود، دون أن تشهد أي تجدد ملحوظ على مستواه المعيشي.
وتعتبر خطوات قدميه أبرز الشواهد الحيّة على عملية كفاحه المستمر لأجل العيش والبقاء على قيد الحياة مع باقي أفراد أسرته.

مثله مثل أي رجلُ ريفي، يفضّل الحياة بكرامة مهما تضاعفت متاعبها والمشقات المختلفة، خصوصاً في باب الرزق الحلال.
يقول لبلقيس: "ولو تعبت في هذا العمل، لكن أدخل على أسرتي رزق حلال ولو قليل، الحاصل، لأن أسرتي في البلاد معززين مكرمين، ولا يجوا يتبهدلوا هنا".

 يعيل بائع الكراتين المستخدمة زوجته و6 من الأبناء، 4 ذكور ملتحقين بالمدارس و2 إناث توقفتا عن التعليم، لأنهما مقبلات على الزواج خلال الأشهر القادمة. وغالباً ما يقف الزواج عائقاً لاستمرار بنات الريف في العملية التعليمية، وفقاً للرجل أثناء معرض حديثه لبلقيس. وزادت الأعباء المعيشية ملايين المواطنين اليمنيين فقراً، في ظل انعدام فرص الدّخل بشكل لا محدود.

تقارير

بواسطة الأقمار الصناعية.. صور تكشف بناء الحوثيين أنفاقا تحت الأرض

يظهر التحليل، الذي أجراه المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، لصور الأقمار الصناعية أن الحوثيين يحفرون وينشئون منشآت عسكرية جديدة وكبيرة تحت الأرض، التي يمكن أن تعزز من حمايتهم في حالة نشوب صراع في المستقبل.

تقارير

هل تهشمت صورة "إسرائيل" في المجتمعات الغربية؟

ما يحدث في الشارع الغربي المتضامن مع غزة يبدو أشبه بمحاكمة شعبية للأنظمة والمؤسسات الغربية، فمن الواضح أن السردية الصهيونية في الغرب، التي صمدت، منذ الحرب العالمية الأولى، بدأت تفقد سطوتها، خصوصا بعد أن ظهر جيل جديد يثير الأسئلة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.