تقارير
كيف تفاعل اليمنيون مع المصالحة السعودية - القطرية؟
اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي، منذ (4 يناير/كانون الثاني)، بمنشورات مختلفة في حسابات اليمنيين ب"الفيسبوك" و"تويتر"، عن المصالحة "السعودية –القطرية"، التي بدأ التمهيد لها منذ الشهر الفائت.
بدا البعض متفائلا إزاءها، خاصة بعد أن زادت تعقيدات المشهد في اليمن عقب إعلان مقاطعة الدوحة عام 2017، لكن آخرين ظلوا متشائمين لبقاء مصير البلاد معلقا بيد دول أخرى، واستمرار الحرب حتى يومنا هذا منذ مارس/آذار 2015، وبالتالي تقاسم النفوذ في البلاد لتحقيق مصالح دول التحالف الحاضرة في المشهد، ممثلة بالإمارات والسعودية.
ونشبت الخلافات بين الرياض والدوحة، مطلع يونيو/حزيران 2017، بعد حدوث قضية اختراق وكالة الأنباء القطرية (قنا)، وما أعقبها من تصاعد للأحداث، وصلت حد إعلان القطيعة مع قطر، وحصارها من قِبل السعودية والإمارات ومصر والبحرين، واتهامها بدعم الإرهاب، ووضع 13 شرطا عليها لتعود العلاقة إلى ما كانت عليه سابقا.
الجدل الكبير بين اليمنيين لم ينتهِ بعد، وظهرت أصوات كثيرة تنادي بالالتفاف حول القضية اليمنية، وإيقاف التدهور الاقتصادي الحاصل، الذي سيتسبب بوجود مزيد من المواطنين المصابين بسوء التغذية الحاد، وارتفاع خسائر الاقتصاد أكثر بعد أن وصلت إلى قرابة 90 مليار دولار.
وجاءت هذه المصالحة، في ظل حالة غليان تشهدها المنطقة، ونشاط أكبر تقوم به إيران من داخل اليمن، عقب وصول سفيرها لدى جماعة الحوثي (حسن إيرلو) إلى صنعاء، وتنامي نفوذ الإمارات في البلاد، بالإضافة إلى التطبيع مع إسرائيل الذي تَرَكَزَ -تحديدا- في دول الخليج، إضافة إلى تنامي نفوذ الإمارات داخل البلاد، والمخاوف من تحجيم إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن لدور التحالف.
وزيرة حقوق الإنسان السابقة، حورية مشهور، باركت المصالحة الخليجية العربية، وقالت إنها تتطلع لتعزيز تطوير العلاقات "العربية – العربية" وفي العالم أيضا، لما فيه خير شعوب المنطقة.
وتمنت أن يكون لهذه التطورات، التي وصفتها ب"الإيجابية"، أثر مباشر لحل الأزمة اليمنية.
أما الصحفي ماجد الداعري فرأى أن "المُخرج الخليجي غير راضٍ عن قطر"، معتقدا أن عودتها إلى البيت الخليجي ما تزال بحاجة لبعض الوقت، وتقديم تنازلات من تحت الطاولة.
وبدا متشككا من تأثيرها على اليمن، فيما إذا كان إيجابيا أم سلبيا، متسائلا عن سبب غياب بلادنا وأزماتها المختلفة وويلات الحرب عن بيان وخطابات المتحدثين في "القمة".
بدوره، وصف المحلل السياسي ياسين التميمي المصالحة ب"الخطوة الإيجابية" برغم تأخرها، مشيرا إلى حدوث آثار سلبية لذلك الخلاف على اليمن.
وقال إن "السلك الدبلوماسي، الذي كنا نحتاجه في إسناد معركة استعادة الدولة، أصيب بالشلل التام، نتيجة انقطاع تمويل ميزانيته، والتي كانت من قطر".
وأكد أن اليمنيين "خُدعوا بالفرز الذي نتج عن تلك الأزمة الخليجية".
وزاد التميمي: "معركة استعادة الدولة والجمهورية ينبغي أن تكون هي قدر اليمنيين وخطهم الثابت". مؤكدا على ضرورة أن يكون "معيار تفاعلنا - كيمنيين- مع اللاعبين الإقليميين، هو مدى احترامهم لبلدنا ووحدته واستقراره". الرابط
ومن وجهة نظر الصحفي رياض الأحمدي، تبقى المصالحة "القطرية - السعودية" شكلية، وفي حدود ملفات بعينها، وليس بالقدر الذي يتصوره البعض، على حد قوله.
وبرر ذلك بالقول: "حجم العداوات والالتزامات للقوى الدولية، التي تعبث، أكبر بكثير من الأمنيات". الرابط
بينما خلص الصحفي عامر الدميني إلى نتيجة مفادها أنه "إن اتفق الخليجيون فاليمن متضررة، والأمر ذاته إن اختلفوا".
واستطرد "نريد بلدنا معافى ومستقلا بسيادته ودولته وحكومته، وكفى".
واستغرب الدميني عدم الاهتمام بملف اليمن في القمة الخليجية الحادية والأربعين، وقال متعجبا: "اتبع اليمن نفس النهج للدول الأربع عند بداية الأزمة، قاطع واتخذ موقفا، وعند الاتفاق لا حضور ولا وزن ولا ذكر".
أما الكاتب مصطفى ناجي، فهو يتوقع أن ينعكس الحد الادنى من التقارب "الخليجي - الخليجي" إيجابا على اليمن، لافتا إلى أن "الهشاشة الكلية للبلاد، والتشظي الاجتماعي، والانقسامات الحادة، جعلتنا أرضية رخوة للاستقطابات، وفاقمت معاناة اليمنيين، وحصد مكاسبها الحوثي".
وذكر ناجي أن "أغلب الخسائر المادية والاستراتيجية والبشرية تعرضت لها اليمن منذ انفجار الصراع بين قطر وجيرانها".
وأردف "إمكانية التصالح بين دول الخليج كبيرة، ونحن سنخسر أكثر، في أي معركة لا تبدو قابلة للعقلنة في المنظور الاقتصادي أو الاستراتيجي".
وتوقع رئيس مركز "أبعاد" للدراسات والبحوث، عبدالسلام محمد، أن يكون "ثمن المصالحة، توجه إماراتي لدعم جماعة الحوثي". الرابط
أما مستشار وزير الإعلام، مختار الرحبي، فرأى أن "الإمارات ستكون منبوذة من دول المنطقة بعد المصالحة، خاصة أنها كانت حريصة على بقاء الأزمة مع قطر، عبر مقاومتها -بشراسة- كل الجهود لحلها".
وبين كل المنشورات، التي تفاعلت مع ذلك الحدث، سواء في محاولة لتشخيص الواقع أو التنبؤ بما قد يحدث، اكتفى الدكتور عبدالرحمن الصعفاني بالتساؤل "متى يتصالح اليمنيون؟".
تأييد محلي
ورحبت الجمهورية اليمنية بالمصالحة، التي حدثت بين الدوحة والرياض، مؤكدة على ضرورة معالجة القضايا العالقة وعودة العلاقات الخليجية إلى مجراها الطبيعي، تحقيقاً لتطلعات قادة وشعوب المنطقة، ومواجهات التحديات.
أما جماعة الحوثي، فهي كذلك أيدت تلك الخطوة، وقالت إنها تأمل أن تكون بداية لإنهاء الحروب والتوترات في المنطقة، وإيقاف ما وصفته ب"العدوان" على اليمن، وفك الحصار عنه.
وحتى اليوم ما يزال مصير سقطرى غامضا، والتي سيطر عليها ما يعرف ب"المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم إماراتيا، وكذلك الأمر بالنسبة لمحافظة المهرة، التي تطمح السعودية أن تمد عبرها أنبوبا إلى "بحر العرب"، لتصدير النفط، فيما تستمر جماعة الحوثي بتقوية وجودها في شمال البلاد بدعم إيراني، يقابله تضاؤل دور الشرعية وتعمد تهميشها بشكل أكبر.