تقارير
كيف يمكن قراءة مشاركات عيدروس الزبيدي الخارجية والترويج من خلالها لمشروع الانفصال؟
تحدث عيدروس الزبيدي عن استراتيجية شاملة لردع ميليشيا الحوثي وإنهاء النفوذ الإيراني في اليمن، وقال إن استعادة الجنوب العربي هو مشروع سياسي يأتي بعد إنهاء الحوثي.
يبدو أن الزبيدي قدّم خطابًا متوازنًا يتماشى مع ضرورة اللحظة، لكن تحركاته المدعومة إماراتيًا تثير مخاوف كبيرة بشأن مستقبل اليمن، إذ تعكس مشروعًا يستهدف تفكيك البلاد، ولا يتحرك إلا وفق دعم إقليمي وتسويق سياسي في محافل دولية، كمنتدى دافوس. حيث يحاول الزبيدي الترويج لمفهوم حل الدولتين في سياق يمني، بعيدًا عن جوهر الأزمة الحقيقية المتمثلة في انقلاب ميليشيا الحوثي.
توجهات قصدية
يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء، الدكتور عبد الباقي شمسان، إن استراتيجية تحرك عيدروس الزبيدي هي استراتيجية تسويقية، بمعنى أنها موجهة للداخل اليمني، بأن الرجل له حضور دولي ومعترف به دوليًا.
وأضاف: في الوقت نفسه يتم التنسيق لهذه التحركات والمشاركات التي يقوم بها عيدروس الزبيدي، عن طريق دولة الإمارات، لإجراء بعض المقابلات والتسويق للمشروع الانفصالي.
وتابع: الخطاب السياسي وتحركات الزبيدي الاستراتيجية في الجغرافيا اليمنية هي توجهات كلها قصدية، فعندما يشاهد أبناء المناطق الجنوبية الرجل في منتدى دافوس، ويقوم بتسويق بعض الصور، هم يحاولون أن يتحدثوا بأن الرجل أصبح معترفًا به دوليًا وله حضور دولي.
وأردف: نحن نعلم أن هناك الجمهورية اليمنية، وهناك رئيس مجلس رئاسي لهذه البلد، واليمن عضو في الأمم المتحدة، لكن هذه التصرفات التي تتعالى على الشعب اليمني، بمعنى أنها تتعامل وتسوق صورة بأننا نفتقر إلى أدبيات العمل السياسي، من خلال أن نائب رئيس مجلس رئاسي يحمل علمًا غير علم الدولة التي يحمل جوازها، ويسوق لمشروع آخر يقوض هذه الدولة.
وزاد: هذا التصرف هو تصرف قصدي، يعطي المجتمع الدولي تصورًا أنه ليس هناك دولة يمنية، وإنما هناك مجموعة مكونات وميليشيات.
وقال: هذه التصرفات تسوق فكرة عدم وجود الدولة وأن هناك ميليشيا إخوانية إرهابية بالفطرة، كما يصفونها، وأن ميليشيا الحوثي موجودة في الطرف الآخر، وهناك الأحزمة والنخب والجيوش، وأن الجيش الوطني هو جيش عقائدي، وأن هناك انقسام في مجلس الرئاسة. كل هذا التسويق يقتل فكرة الدولة لدى المواطن اليمني الذي لا يجد الدولة ولا يجد رأس السلطة.
وأضاف: المواطن اليمني يجد ذاته أمام دولة تتلاشى، ومشاريع وطنية، حيث هناك مشروع ثنائي شمالي جنوبي، ومشروع مناطقي يضاف لهم أيضًا بهوية ثالثة حضرمية، وهناك مشروع جمهوري يمني موحد، وهذا المواطن عندما يجد أنه لا يستطيع أن يكون حاملًا جماهيريًا للمشروع الوطني، يعود بقوة إلى ما تسمى بالقوة الضاغطة، إلى مشروع مناطقي أو مشروع انفصالي أو مشروع آخر.
وتابع: وفقًا للعلوم السياسية، فإن الانتماء القبلي أو المناطقي، يمارس ضغطًا جبريًا على المواطن، لأنه يوفر له الحماية، وهذه مشاريع قصدية.
وأردف: على المستوى الداخلي، هذه المشاريع تضعف دولتنا وتجزئ الاجتماع السياسي الوطني، فيما على المستوى الخارجي، لن يتعاملوا معنا كدولة وسلطة، وإنما سيتعاملون معنا كمكونات.
موقف ثابت
يقول الناشط السياسي الموالي للمجلس الانتقالي الجنوبي، صالح النود، “أنا لا أرى بأن هناك أي تناقض أو أي إشكالية فيما يطرحه المجلس الانتقالي الجنوبي، لكن المشكلة ربما هي في سوء فهم هذه الشراكة التي دخل فيها الانتقالي مع مجلس القيادة والحكومة، أو من كان يتوقع أن يحقق المزيد من هذه الشراكة”.
وأضاف: المجلس الانتقالي الجنوبي يكاد يكون الطرف الوحيد الذي استمر على ثبات الطرح منذ أن تأسس مجلس القيادة الرئاسي إلى يومنا هذا، لم يكن الانتقالي في يوم من الأيام قد تنازل عن القضية الجنوبية، بل دائمًا يطرح القضية الجنوبية، ولكنه وافق الدخول في هذه الشراكة لظروف معينة، ومع ذلك استمر في طرح القضية الجنوبية حينما أتيحت له الفرصة.
وتابع: لذلك لا نستغرب عندما يذهب عيدروس الزبيدي إلى مثل هذه الفعاليات الدولية، وأن يتحدث عن القضية الجنوبية.
وأردف: أنا لا أدري لماذا هذا يزعج الكثيرين؟ يجب أن نفهم ما هو حاصل في اليمن اليوم، فالانفصال أساسًا قائم، وميليشيا الحوثي هي التي فصلت الشمال عن الجنوب وما تبقى من الجمهورية اليمنية، هناك جمهورية يمنية في الشمال بيد الحوثي، وجمهورية يمنية في الجنوب يديرها مجلس القيادة الرئاسي.
وزاد: رغم أن هناك اعترافًا ربما دوليًا بهذه الشراكة، إلا أن المجتمع الدولي للأسف بدأ يتعامل مع ميليشيا الحوثي، والدليل على ذلك أنه كنا أمام خارطة طريق لعملية سلام تم مناقشتها مع ميليشيا الحوثي، ومن ثم أتو بها إلى هذه الشراكة التي لا يعطيها الإقليم أو المجتمع الدولي كثير من الاعتبار.
وقال: نحن أمام مشهد يقول بأن هناك قوى داخل هذه الجغرافية التي هي الجنوب المحرر، وسمح المجلس الانتقالي الجنوبي ربما وتعاون أكثر من اللازم على حساب تطلعات شعب الجنوب وإرادة شعب الجنوب الرافضة حتى لسياسة المجلس الانتقالي الجنوبي التي يرى الشارع الجنوبي أنها طولت عملية العمل نحو استعادة الدولة أو على الأقل الوصول إلى شيء من الاستقرار في هذه المناطق في الجنوب.
وأضاف: علينا أن ندرك جيدًا، أن ما هو حاصل اليوم، نحن لسنا في جمهورية يمنية، وليست هناك وحدة يمنية، وإنما قوى ربما تريد أن تتعاطى مع هذا الواقع، وخلقت تحالفات مع بعضها، رغم أنها لا تطيق بعضها، ولكن الظروف ربما فرضتها عليها، والمجلس الانتقالي الجنوبي هو الذي ثبت على القول وإلى يومنا هذا يتحدث بنفس اللغة التي تحدث بها عندما تشكل مجلس القيادة الرئاسي.
وفي حديثه عن موقف الانتقالي من محاربة الحوثيين، يقول النود: من خلال تواصلي ومعرفتي بمواقف النواب الجنوبيين داخل مجلس القيادة الرئاسي، أرى أن هناك جدية وإرادة حقيقية للوقوف ضد ميليشيا الحوثي، لأننا نعلم بأنها ميليشيا لها فكر كارثي، ولا يمكن أن يكون هناك استقرار على مستوى المجتمع الجنوبي إذا كان لهذه الميليشيا دور في السلطة الحاكمة، كما حدث في لبنان وغيرها.