تقارير
لعنة تطارد اليمنيين.. عام على بدء هجمات الحوثيين في البحر الأحمر
منذ أكثر من عام، والبحر الأحمر يشهد تصعيدا خطيرا من قِبل مليشيا الحوثي، حيث صعّدت المليشيا من عملياتها؛ مستهدفة أكثر من 150 سفينة تجارية وعسكرية بالصواريخ والطائرات المسيّرة، واختطفت سفينة، وأغرقت أخرى، ولا تزال -حتى اليوم- تشن هجمات مدعومة بأسلحة إيرانية متطوّرة؛ حوّلت البحر الأحمر إلى بؤرة توتر عالمي.
القوة الدولية حشدت قواتها العسكرية، ونفذت الولايات المتحدة وبريطانيا غارات جوية واسعة ضد الحوثيين، كما أضاف العدوان الإسرائيلي بُعدا جديدا للصراع، مما جعل اليمن مركزا لتوترات دولية، تزيد من عزلة البلاد، وتُغيّب عنها أفق السلام، الأمر الذي عمّق الأزمة اليمنية، وارتفعت تكاليف الشحن، وشهدت البلاد انهيارا اقتصاديا أوسع، في ظل انعدام الأمن الغذائي بسبب تعطل المساعدات الإنسانية وتراجع الدعم الدولي.
عمليات الحوثيين في البحر الأحمر أدت إلى تهديد السواحل اليمنية بكوارث بيئية، وتدمير الثروة السمكية، مما فاقم معاناة المجتمعات الساحلية، وسط غياب الحلول، ويدفع اليمنيون الثمن الأكبر في دوامة عنف مستمرة.
- عقلية القرصان
يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الحديدة، الدكتور فيصل الحذيفي: "كل ما سنقوله في هذا السياق هو حديث مؤلم، وكلما طال الزمن بالصراع في اليمن نزداد تعبيرات أعمق في الألم، وعن الألم، وعن الحرب".
وأضاف: "بعد عام من عمليات مليشيا الحوثي في البحر الأحمر، نحن نرى انعكاسات سيئة وسلبية جدا على المواطن اليمني، سواء على المستوى المعيشي، أو على المستوى المجهول، اللا سلم ولا حرب، وعلى مستوى غياب أي تسوية سياسية في الأفق، وعلى تمادي الحوثيين وتصرفهم كالمجنون".
وتابع: "الحوثي -في هذا السياق- يتصرف بعقلية القرصان، يتصرف لتقديم نفسه للعالم باعتباره حاكما لهذا البلد، بينما هو لا شرعية له، وهذه الأحداث تعرف به لكل من لا يعرف عنه شيئا".
وأردف: "مليشيا الحوثي تستثمر القرصنة البحرية لرفع سقفها على المستوى الداخلي، وعلى المستوى الدولي، ولا يهمها الانعكاسات السلبية على المواطن اليمني".
وزاد: "أنا لا أستطيع أن أسرد تفاصيل أراها بشكل يومي، فنحن إذا تحدثنا فقط عن مناطق الحوثي نجد أناسا بدون رواتب، أكثر من ثماني سنوات، وهو لا يعنيه ذلك، وهناك اتساع لرقعة الفقر ورقعة الجوع، بينما هذه المليشيا لا يهمها ذلك، وتمضي بغيِّها باتجاهات أخرى، ضمنت التهدئة مع السعودية ومع الإمارات لتتخذ لنفسها مسارا مختلفا باتجاه تهديد الملاحة البحرية، التي استدعت كل أساطيل العالم لجعل المياه الدولية لجميع دول البحر الأحمر تحت الاحتلال الدولي".
- متغيرات جديدة
يقول الخبير العسكري والإستراتيجي والباحث المختص في الأمن البحري، الدكتور علي الذهب: "هذه المواجهات -كما يبدو- بدأت باستهداف السفن التجارية، ثم وصلت إلى السفن الحربية، كما يزعم الحوثيون".
وأضاف: "إن كان في واقع الأمر هناك تهديد يطال هذه السفن، سواء بالزوارق أو بالصواريخ أو بمنظومات تهديدات موجهة نحو كل ما يتحرك في البحر، له ارتباط بإسرائيل، أو بالولايات المتحدة، والدول الداعمة لها، لا شك أن الحوثيين استفادوا من متغيرات كثيرة إقليمية ودولية ومحلية".
وتابع: "مليشيا الحوثي استفادت من الهدنة الحاصلة، وجنوح دول التحالف الإمارات والسعودية لعملية السلام، واستفادت من حرص هذه الدول، فضلا عن الحكومة اليمنية، على عدم سقوط الهدنة، والمضي نحو عملية السلام".
وأردف: "الحوثي استفاد أيضا من متغيرات إقليمية كالحرب الأوكرانية، والعدوان الإسرائيلي على غزة، وهو المتغير الأساسي، وامتد ذلك إلى إيران".
وزاد: "الوضع في البحر الأحمر -لو أردنا النظر إليه من حيث الوجود العسكري- تضاعف الوجود العسكري للولايات المتحدة وأوروبا من خلال التحالفات، التي أنشأتها هاتان الجهتان؛ مثل تحالف 'سبيدس' التابع للاتحاد الأوروبي، وهم أنداد لتحالف أتلانتا، وأيضا عملية 'حماية الازدهار'، التي دشنتها الولايات المتحدة الأمريكية".
وقال: "الوضع في البحر الأحمر وخليج عدن، في كل الأحوال، ليس كما يصوره الحوثيون بأنه مشحون بالتهديدات، وأن السفن لا تجري في هذه المسطحات المائية، إنما في الواقع هنالك عدائيات يثيرها الحوثيون، أو شواغل أمنية يضخمها الإعلام كثيرا، على أن هناك تهديدا يطال الشحن التجاري، ويطال بعض السفن الحربية، يقف وراءه الحوثيون".