تقارير
لماذا يغيب صوت الشارع العربي تجاه القضية الفلسطينية؟
تظاهرات حاشدة تملأ الشوارع في عواصم عالمية عدة، هتف الناس وعبّروا من خلالها عن تضامنهم مع القضية الفلسطينية، وعن غضبهم واستنكارهم للعدوان الإسرائيلي على غزة.
ساحات التظاهر والغضب ضجّت بالتضامن على المستوى الدولي، بينما تعيش المنطقة العربية حالة من الصمت الملفت في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، منذ أكثر من 35 يوما، الذي يبرز بشكل واضح، ونحن نتابع التفاعلات على مستوى العالم، التي أظهرت تضامنا واهتماما كبيرا بالقضية الفلسطينية، وما تتعرض له غزة من إبادة وحشية على يد الكيان الصهيوني الإسرائيلي.
- فارق أساسي
يقول الكاتب والمخرج السينمائي، عز الدين دويدار: "لا يمكن أن نقول بأن الشعوب العربية قد اعتادت على ما يحدث في غزة؛ لأن ما يحدث في غزة لا يمكن اعتياده، ففي كل يوم نتفاجأ بدرجة أو مستوى من الإجرام، وكل يوم نصحوا الصباح على مفاجأة وعلى درجة أكبر من الإجرام".
وأضاف: "في بداية المعركة، كانت الشعوب العربية لديها الكثير من الأمل، سواء بمواقف الأنظمة، أو بمواقف الشعوب في التظاهر، أو أن العالم عندما يفهم سيحدث تغييرا، أو أن هناك شيئا سيحصل، لكن بعد أكثر من 35 يوما، اكتشفنا جميعا أن كل الذي كنا نعلق عليه الآمال لم ينجح، وأصبحنا نشاهد الحقيقة الآن، بأن غزة لوحدها".
وتابع: "الفارق الأساسي بين الشعوب العربية والشعوب الغربية، أن الشعوب الغربية تعلم في نفسها أن لديها القدرة على التأثير، إنما عندنا في الوطن العربي تكرار الإحباطات والخيبات رسخ في نفوسنا ووعينا كشعوب عربية بأننا غير قادرين على التأثير".
وأردف: "الشعوب العربية باتت تنظر إلى أنها -حتى وإن خرجت إلى الشارع للتظاهر أو الضغط- لن تؤثر، ولديها مرارة من التجربة، إلى أن وصلت إلى أنها تقول حتى إذا انضربنا نحن شخصيا بالطائرات لن تصل إلى مرحلة أن شعوبنا تتحرك".
- رمزية أبو عبيدة
يقول دويدار: "إن الشعوب العربية بهذه الحالة والنفسية، وبهذا الوضع، والموروث النفسي الموجود، قادرة على خذلان أي قائد، وكانت الثورات العربية قد أفرزت لنا بعض القادة، لكنهم خُذلوا، وذُبحوا أمام مرأى ومسمع الجميع".
وأصاف: "فكرة أبو عبيدة كرمز وقائد هو لم يظهر على شاشة التلفزيون صدفة أو فجأة، وإنما هو على هذه الحالة منذ 20 سنة، يظهر يتكلم باللثام ذاته، والشكل ذاته، والاسم ذاته، وكانت هناك عوامل موضوعية وشكلية وزمنية أدت إلى أن يكون لأبو عبيدة هذه الرمزية".
وأوضح: "أبو عبيدة، منذ 20 سنة، يظهر على الشاشة، وخلال هذه السنوات، كان هناك تصاعد لحالة القوة، وهناك بناء ذاتي وحالة من العصامية في بناء القدرة الذاتية عند المقاومة، وهذه الحالة ملهمة ومؤثرة، وهي جزء من صناعة الرمز".
وتابع: التطور الحاصل في مسار تكوين رمزية المقاومة، وتكوين رمزية الفدائي والمقاوم، يفترض أن يكون هناك تطور مقابل في نفسية الشعوب العربية، حتى يكون هناك تأثير فيها".
وأردف: "أبو عبيدة توفرت فيه الشروط الدرامية التي تجعله بطلا، وهو أنه يواجه عدوا أقوى منه من حيث الإمكانيات، وتوفرت فيه الشروط الموضوعية، وهي القضية العادلة، وأعدل قضية على وجه الأرض".
- أسباب وعوامل
يقول الباحث في الشأن الفلسطيني، الدكتور هاني الدالي: "إن الثورات المضادة لم تنجح بشكل كبير في موضوع تحييد الشعوب حول القضية الفلسطينية، ولن تنجح أساسا في هذا الاتجاه؛ لأن شعوبنا العربية والإسلامية على مدار الصراع مع الكيان الصهيوني كان لها دور كبير في دعم وإسناد الشعب الفلسطيني".
وأضاف: "من الواضح أن جيل الشباب، والجيل الجديد بفطرته السوية، عندما يكون هناك نموج واضح مثل: أبو عبيدة، والقسام، يحيي فيه بطولات الصحابة، والسابقين، من خلال هذه المعركة المستمرة حتى الآن، منذ أكثر من 38 يوما من المقاومة، سيذيب أي استكانة أو أي محاولات لإلهاء هذا الجيل".
وتابع: "واضح أن الصحوة العربية والمظاهرات العربية مستواها ومنحناها تصاعدي بشكل كبير جدا، لكن لا ننكر بأنه كان هناك جهد كبير من الكيان الصهيوني لإضعاف دولنا العربية، من خلال الأزمات التي أحدثها وخلقها".
وأردف: "كان للكيان الصهيوني دور في إطالة أمد أنظمة الاستبداد الحاكمة في الدول العربية، التي تستمر لفترات طويلة في حكمها، وتعمل على محاولة تجويع وإلهاء الشعوب العربية وقمعها، واستبدادها، وإشغالها بلقمة العيش عن المطالبة بحريتها وكرامتها".
وزاد: "رغم كل هذه الأسباب والعوامل، إلا أنه عندما تحدث أحداث كبيرة، كما يحدث في فلسطين الآن، الواضح أن الشعوب العربية تصحو من غفلتها، وتناصر فلسطين، وقد شاهدنا المظاهرات في اليمن والأردن وفي عدة عواصم عربية".
وقال: "صحيح أن المظاهرات، التي خرجت حتى الآن في البلدان العربية، ليست بالشكل المأمول، مقارنة بالجرائم الكبيرة التي يمارسها الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة".
وأضاف: "نحن شاهدنا المظاهرات الكبيرة، التي خرجت في بريطانيا بالأمس، والتي شارك فيها أكثر من مليون، ولها تأثير كبير، وكان الأولى لشعوبنا العربية والإسلامية أن يكون لها مظاهرات كبيرة كما حدث في الدول الغربية، لا سيما وأن أمتنا هي أمة الملياري مسلم".
وتابع: "شعوبنا العربية والإسلامية بحاجة إلى قدوة، وقائد يقودها نحو الحرية والاستقلال، وشاهدنا كيف كانت هناك محاربة واعتقال للأفراد والرموز والعلماء، والقدوات، ممن كان لهم تأثير في الشعوب، وهذا الأمر أثر أيضا على تحرك الشعوب العربية والإسلامية".
وأردف: "نحن في فلسطين أملنا كبير بشعوبنا العربية والإسلامية بأن تتحرك بالشكل المطلوب، الذي يكون له دور كبير في وقف العدوان على قطاع غزة".