تقارير

ما تأثير ضرب إيران على الحوثيين وما يُسمى بـمحور المقاومة؟

14/06/2025, 09:55:05

ضربة طهران كانت ضربة متوقعة، لكن ما حدث فاق كل التوقعات. ضربة شاملة ربما تكون قد أخرجت إيران تمامًا من المعادلة الإقليمية.

بعد سقوط إيران ومليشياتها في سوريا ولبنان، ضُرِبَت بقوة في مركزها، في طهران، وهو ما يطرح السؤال الكبير: ماذا عن الحوثيين؟

لقد أصبحت الجماعة بدون حليفها القوي والداعم الرئيسي لها بالتكنولوجيا والأسلحة، وهو ما يجعل البعض يرى أن مليشيا الحوثي انكشفت تمامًا، وفقدت أهم عناصر قوتها.

- لا يمكن التنبؤ بها

يقول الدكتور علي الذهب -باحث ومحلل في الشؤون العسكرية: "التأثيرات لا يمكن التنبؤ بها بشكل قطعي في الوقت الراهن، ويبدو من المبكر أن نرصد هذه التأثيرات بدقة".

وأضاف: "لكن، في كل الأحوال، هناك محددات إذا أردنا أن نتحدث عن التأثيرات؛ أول هذه المحددات هو مدى استمرار الأزمة الراهنة في إيران: هل سيطول أمدها؟ أم أنها ستنتهي خلال أسبوع إلى أسبوعين أو إلى شهر؟".

وتابع: "إذا أردنا القياس، فعلينا أن نقيم مدى الأثر الذي لحق بإيران جراء الهجمات التي تعرضت لها من قِبل إسرائيل، وهل هذه التأثيرات ستعمل على وقف دعمها للحوثيين".

وأشار إلى أنه "من المحتمل أن يكون هناك تأثير على مدى الشهر الحالي أو الشهرين المقبلين، من حيث تدفق القوى والوسائل إلى الحوثيين، وخاصة في مجال الصواريخ والطائرات غير المأهولة".

ورحّج: "قد يتوقف نشاط إيران في دعم الحوثيين بالخبراء، خصوصًا في هذين السلاحين، وأيضًا في تدفق المعلومات والوسائل اللوجستية الأخرى عن طريق البحر، خاصة أنها دخلت مرحلة دفاع ذاتي، وانشغلت عن غيرها".

وأكد: "يُضاعِف من هذا التأثير أيضًا تضرر الفواعل الأخرى أو نظراء الحوثيين من الجماعات المسلحة في كل من العراق ولبنان".

وكشف: "كان هناك انقسام في هذا الطرح؛ فالبعض كان يقول إن إيران ليست لديها إمكانية للرد الفاعل تجاه إسرائيل والهجمات التي طالتها".

ولاحظ: "لكن كما يبدو، بدأت إيران في استعادة زمام المبادرة، وبالتالي أظهرت مرونة في التعاطي مع هذه الهجمات، واستطاعت نسبيًّا أن تُسقِط عنصر المفاجأة الذي لم يكن متوفرًا لديها منذ البداية".

وبيّن: "بدأت إيران باستخدام وسائل تقليدية في هذا الإطار، مثل الصواريخ الباليستية والطائرات غير المأهولة، وقد تُفعّل أيضًا نشاط الجماعات المسلحة الموالية لها، خاصة إذا ما طالت المواجهة بين الجانبين".

واستنتج: "إذا استطاع الإيرانيون استعادة زمام المبادرة، والتعامل بمرونة مع الهجمات التي طالتهم، فإنهم سيمضون في إطالة أمد الأزمة، والبحث عن مصادر تمويل تعويضية، سواء لوسائل الدفاع الجوي أو لعناصر القوة الهجومية".

وشدد: "إيران في حقيقة الأمر لن تخوض الحرب بمفردها، فهناك محور أوراسي قد تتدخل فيه بعض الأطراف بشكل غير مباشر، كروسيا، والصين، وكوريا الشمالية".

ولفت: "رغم أنه لا توجد معاهدات دفاعية رسمية بين إيران ومعظم هذه الدول، إلا أن المصالح قد تفرض نفسها، بحيث لا يُسمح بسقوط إيران سقوطًا ذريعًا، يُسهل الانقضاض على كامل المصفوفة الإقليمية".

واعتبر: "المسألة هي في إدارة الحرب ضمن المتاح من القوة"، مؤكدا "إيران ليست دولة صغيرة يمكن تهميشها كما يظن البعض، أو كما يدّعي من يقول إنها انهارت منذ اليوم الأول".

وأشار إلى أن "هناك أيضًا عوامل جغرافية مهمة، منها بُعد المسافة بينها وبين إسرائيل".

ويرى أن "الحوثيين تضرروا، ويجب أن نضع الأمور بشكل كمي، كيف تضرر الحوثيون؟ في خطاب عبد الملك الحوثي، الذي ألقاه مساء البارحة، قال إنهم أطلقوا خلال الأسبوع الماضي عشرة صواريخ على إسرائيل، سواء وصلت هذه الصواريخ أو لم تصل، فإنها تبقى رقماً متدنياً مقارنة بما كانوا يطلقونه خلال يوم واحد فقط".

ولاحظ: "الحوثيون يستخدمون مثل هذه الصواريخ اليوم لاستظهار القوة، وليس لإحداث تأثير مادي حقيقي، وإنما ليُقال إنهم لا يزالون في المشهد".

وأضاف: "هذه الصواريخ أو الطائرات المسيّرة لها تأثير مادي محدود، لكنها تُحدث تأثيراً نفسياً وإعلامياً وأمنياً دون الوصول إلى مستوى الخطر الحقيقي".

واستدل: "أحد الخبراء في مركز التفكير الإستراتيجي في إسرائيل وصف الحوثيين بأنهم 'ذُبابة تُحدث ضجيجاً وإزعاجاً هنا وهناك'، بمعنى أن التأثير حاصل، لكنه محدود".

واعتبر: "هذا التأثير قد يتضاعف من عدة أوجه إذا استمرت المواجهة في إيران وطالت، وإذا تعرضت القدرات الإيرانية -سواء الدفاعية أو الهجومية- لضربات قاسية". 

وحذّر: "الأمور قد تزداد تعقيداً إذا دخلت قوى أخرى على خط المواجهة، مثل الولايات المتحدة، بريطانيا، أو حتى بعض الدول الإقليمية دفاعاً عن نفسها، خاصة إذا وصلت المقذوفات الإيرانية إلى أراضي هذه الدول، وعلى وجه التحديد بعض دول مجلس التعاون الخليجي".

وقال: "للحـوثيين وضع خاص، فهم قوة ناشئة في منطقة حساسة، ويجري ترويضهم للإبقاء عليهم، لا للقضاء عليهم".

وأوضح: "يجري ترويضهم لأنهم سيمثلون في المستقبل قوة ضغط على دول فاعلة في المنطقة، لديها مصالح مع الغرب"، مؤكدا "القضاء عليهم يعني تحرير هذه الدول من أي ضغوط خارجية، وهذا ما لا تريده القوى الدولية".

وأضاف: "الهجمات التي شنتها الولايات المتحدة كانت واضحة في أهدافها، لم تعلن واشنطن قط أنها تسعى للقضاء على الحوثيين، بل اكتفت بالتصريح أنها تستهدف تقويض قدراتهم التهديدية، وخصوصًا تلك التي تطال الشحن البحري والتدفق الحر للبضائع، إلى جانب السفن الحربية".

واعتبر أن "الفوارق كبيرة بين وضع إيران، أو حتى حزب الله، وبين وضع الحوثيين، ما يجعل المقارنة غير دقيقة".

وختم بالتأكيد: "هناك لعبة سياسية دولية تؤثر في إرادة القوى الداخلية التي تواجه الحوثيين، كما تؤثر في الإرادة الإقليمية الداعمة للحكومة اليمنية"

- متغيّر عسكري كبير 

بدوره، يقول الصحفي طالب الحسني: "لن نتبيِّن التأثير المباشر قبل أن تنتهي هذه المواجهة بين كيان العدو الصهيوني والجمهورية الإسلامية".

وأضاف: "بلا شك أن إيران قد تلقت ضربة في البداية، وهناك خسارة في القيادات العسكرية بالفعل، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن هناك انهيارًا".

وأوضح: "الدليل على ذلك أن موجة العمليات العسكرية الإيرانية التي استهدفت تل أبيب لا تزال مستمرة، وفي هذه اللحظات تُستهدف تل أبيب ومناطق أخرى، بالإضافة إلى الاندفاعات الجوية التي أسقطت طائرتين".

وأضاف: "هناك أيضًا أسرى من جيش العدو الإسرائيلي، ربما أسير أو أسيرين من الطيارين، وهذا يُعد تحولًا كبيرًا في المواجهة".

وتابع: "وبالتالي، لا أعتقد أنها ستكون مشابهة لما حصل في الفترات الماضية، سيكون هناك متغيّر كبير في العمل العسكري وفي طبيعة المواجهة".

وزاد: "الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى أن تكون العملية محدودة، وأن يتم احتواء هذه الموجة، ثم الضغط على إيران لتقديم تنازلات فيما يتعلق بالاتفاق النووي الإيراني".

وأردف: "عندما تنتهي المعركة، سنرى ما إذا كان هناك تأثير أم لا"، معتقدا "لن يكون هناك تأثير سلبي، بل على العكس، سيكون هناك تأثير عكسي، أي عودة إلى أركان محور المقاومة وصحوة جديدة لهذه القوى".

وأشار: "حتى حزب الله، إذا استمرت الحرب والمواجهات، سيعود، وستكون عودته مفاجئة، ما كان يُعتقد أن هذه الحملة على الجمهورية الإسلامية ستُضعف محور المقاومة، يبدو أنه اعتقاد خاطئ".

وأكد: "الاعتقاد الأول، الذي تبيّن خطؤه، هو أن هذه الحملة قد أنجزت مهمتها في مواجهة محور المقاومة"، متابعا "صحيح أنها أسقطت النظام السوري سياسيًّا إلى حدٍّ ما، لكن هذا لا يعني أنها قطعت مرور الأسلحة إلى حزب الله، بل على العكس، الأسلحة تمر الآن وسط الفوضى أكثر مما كانت تمر به في السابق".

ورحّج قائلا: "قد تتشكل جبهة في الجولان تتجاوز المجموعات الموجودة حاليًّا في دمشق، كما أن جبهة اليمن قد تعود من جديد، وهذا يعني أن كيان العدو الإسرائيلي قد أخطأ في تقديراته".

وأردف: "أما التقدير الآخر، الذي ثبت خطؤه، فهو أن الضربة الأولى التي حضّر لها كيان الاحتلال بناء على معلومات دقيقة، التي أُعِدّ لها إعدادًا كبيرًا، ستُقيد إيران عن الرد، لكن الواقع يُظهر أننا نشهد ردًا كبيرًا جدًا، ونتابع إعادة التوازن في هذه المواجهة".

ويرى أن "التأثير قد يكون ناتجًا عن مسألة تتعلق بوحدة المحور، وبأساسية دور إيران ضمن محور المقاومة، ولكن هذا لا يعني أن التأثير سيكون بسبب أن اليمن تعتمد بشكل رئيسي عليها، سواء في ما يتعلق بالخبراء أو الدعم الفني".

وأكد: "واحدة من أبرز قوى محور المقاومة، كاليمن، استفادت بالفعل من إيران، خصوصًا في مجال التصنيع والخبرة التقنية، لكنها لا تعتمد عليها بصورة مطلقة".

واستبعد: "حتى لو طال أمد الحرب واستمرت لفترة طويلة، فلن يكون هناك تأثير حاسم، لا على المدى القريب ولا البعيد، وإنما التأثير المحتمل قد ينجم عن استهداف قاسٍ لإيران، أو في حال دخلت إيران في حرب أوسع مما هي عليه الآن، واستُنزفت قدراتها بشكل مباشر، لكن هذا السيناريو لم يتحقق حتى اللحظة".

وحذَّر من أن "تكرار الضربات الناجحة قد يدفع إيران إلى أن  تبتعد فقط عن فكرة سلمية البرنامج النووي، بل سيكون لهذه الضربات أثر عكسي، يجعلها تُفكّر بطريقة مختلفة تمامًا في ما يخص منشآتها النووية".

وشدّد على أن "منشآت إيران النووية لا يمكن تدميرها بالكامل، وأن تأثير هذه الضربات سيكون في النهاية لصالح إيران؛ لأنها ستجعلها أكثر صلابة في التعاطي مع الملفات الإقليمية".

وأردف: "الولايات المتحدة ليست في وضع يسمح لها بخوض حرب موسعة، وأن إيران ليست دولة بسيطة حتى يمكن إسقاط نظامها بضربة واحدة".

ويرى أن "الإطاحة بإيران تحتاج إلى حرب تُربك النظام، وتحتاج إلى أكثر من عنصر حتى يتحقق هذا الهدف".

وقال: "إيران معتادة على مثل هذه الضربات، ومع ذلك لم يؤدِ ذلك إلى سقوط النظام، فهي تملك القدرة على تجاوز الأزمات الكبرى"، موضحا: "ما يقوم به اليوم النظام الإيراني هو ضربة كبيرة وثقيلة على كيان العدو الإسرائيلي".

واعتبر أن "جبهة اليمن تمثّل جبهة جديدة في مواجهة كيان العدو الإسرائيلي، وهي تختلف كليًا عن جبهة حزب الله من حيث الجغرافيا والطبيعة".

وأوضح: "جبهة اليمن بعيدة جغرافيًا، ومعقّدة من الناحية الجغرافية، على عكس حزب الله، الذي كان يعمل في محيط يمكن اختراقه بسهولة"، مؤكدا أنه "سيظل فاعلًا ومؤثرًا بالنسبة لإيران".

وأضاف: "ما يجري في اليمن لا يُقاس بحجم الكثافة النيرانية، بل بتأثير النيران: اليمن لا تبحث عن قصف كثيف، بل عن دقة في تحديد الأهداف"، حسب اعتقاده.

تقارير

لماذا تُضخم واشنطن من قدرات الحوثيين؟

يواصل مسؤولون أمريكيون التهويل غير المسبوق لمليشيا الحوثيين وتسويقها بشكل مثير للسخرية، لم يقتصر على وصف المواجهات معها في البحر الأحمر بأنها "أعقد وأشد اشتباك بحري منذ الحرب العالمية الثانية"، بل وصل الأمر إلى الزعم بأن تلك التجربة "تُدرَس بعناية" ضمن تحضيرات الجيش الأمريكي لاحتمالات المواجهة مع الصين، في ربط غير منطقي بين مليشيا جبلية فوضوية والصين بوصفها القوة النووية والعسكرية والاقتصادية الصاعدة التي تشكل التحدي الأكبر للهيمنة الأمريكية في العالم.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.