تقارير

ما وراء اجتماع عيدروس الزبيدي وطارق صالح في أبو ظبي؟

19/09/2024, 09:14:37

استضافت دولة الإمارات اجتماعا ضم رئيس المجلس الانتقالي، عيدروس الزبيدي، ورئيس المكتب السياسي للمقاومة الوطنية، طارق صالح، وهو ما أثار ردود فعل واسعة، وجاء بعد يوم واحد من توجيه السفير الأمريكي، ستيفن فيجن، دعوة للتشكيلات اليمنية الموالية للتحالف إلى وضع خلافاتهم جانبا والتوحّد لمواجهة ما وصفها بالتحدّيات.

الإمارات الداعمة للرجلين تظهر اليوم وهي تحاول ترتيب أوراقها لإذابة جليد الخلافات بينهما، التي جاءت على خلفية مضايقات قوات المجلس الانتقالي، المنادي بانفصال جنوب البلاد عن شماله، لتحرّكات وأنشطة طارق صالح، في عدن.

بحسب ما جاء في الموقع الرسمي للمجلس الانتقالي، فإن الزبيدي وصالح ترأسا اجتماعا مشتركا لبحث سُبل التعاون والتنسيق المشترك بما يعزز الجهود المبذولة لمواجهة مليشيا الحوثي وجماعات الإرهاب والتطرّف بمختلف أشكالها.

- رسائل إقليمية

يقول المحلل السياسي ياسين التميمي: "هذا الاجتماع يأتي في سياق مشهد مضطرب -على الأقل- على المستوى الجنوبي، وهذا الاضطراب ليس فوضويا وليس عبثيا، فهناك ما مثلا البحسني شق طريقا مختلفا، ودخل في صدام مع مجلس القيادة الرئاسي على خلفية مظلمة حضرموت ومطالب حضرموت إلى آخره".

وأضاف: "هناك أيضا اجتماع للوجاهات القبلية في ساحل حضرموت، الذي يطالب بأن لا يكون التجنيد خارج النخبة الحضرمية، ويطالب بفرض السيطرة الأمنية والعسكرية للنخبة الحضرمية على كامل حضرموت".

وأوضح: "هذه الأمور بطبيعة الحال تشير بشكل أو بآخر إلى أن هناك مشاحنة إقليمية، أو هناك تصادم وصراع نفوذ، وكل طرف يستخدم أدواته ورصيده من النفوذ؛ إما عبر أعضاء مجلس القيادة الرئاسي التابعين له، أو عبر التشكيلات المسلحة التي يدفع مرتباتها ويتحكم بقرارها العسكري، أو عبر المجتمع نفسه الذي يخضع بشكل أو بآخر لحالة من حالات الاستقطاب الراهنة".

وتابع: "رئيس المجلس الانتقالي ورئيس المكتب السياسي للمقاومة الوطنية يمثلان تشكيلات صُنعت في الإمارات، وموُلت من قِبل الإمارات، والإمارات هي التي حددت أهدافها السياسية وأجندتها، ووضعت حدودها حتى الجغرافية، وهذا الاجتماع يثير الكثير من علامات الاستفهام".

وأردف: "هذان الطرفان، أعتقد أنهما في حالة تكامل واضح، إن لم يكن تكاملا على مستوى الأهداف، فهناك تكامل تفرضه المرجعية المشتركة الصارمة للإمارات".

وأكد أن "هناك مرجعية مشتركة صارمة للإمارات على المجلس الانتقالي والمكتب المجلس السياسي للمقاومة، ولا يستطيع أيٌ منهما التصرف داخل المساحة المتاحة له إلا بالتنسيق مع الإمارات، ووفقا لأولويات الإمارات".

ويرى أن "هذا الاجتماع بمثابة رسائل إقليمية بشكل أو بآخر، فالطرفان يخدمان أجندة مشتركة وواحدة، لذا فإن هذا الاجتماع الهدف منه إعطاء رسائل خطيرة، وأخطر دلالاتها أنه لا مكان للمرجعية الجامعة للشعب اليمني، وهي السلطة الشرعية التي يفترض أن هذين الرجلين جزءٌ منها".

وقال: "التصرف وفق مصلحة الدولة اليمنية يقتضي التحرك ضمن الإطار المشترك، الذي هو مجلس القيادة الرئاسي".

وأضاف: "أن يجتمع اثنان من أعضاء مجلس القيادة الرئاسي؛ للبحث في قضايا ثنائية لا علاقة لمجلس القيادة بها، هذا يعني أن هناك توجها من قِبل المؤثر الإقليمي الثاني بعد المملكة العربية السعودية لإعادة توظيف الاتباع السياسيين على الساحة اليمنية، وهذه الفسيفساء السياسية التي تتوزّع على الخارطة اليمنية بما لا يخدم المصلحة المشتركة للشعب اليمني".

وأوضح: "عندما يقف طارق صالح في جهةٍ ما وعيدروس الزبيدي في الجهة الأخرى فإن الانعكاس الميداني المباشر هو لمنطقة جغرافية مجزأة".

وتابع: "أعتقد أنه لا توجد خلافات بين عيدروس الزبيدي وطارق صالح، والخلافات الميدانية الناشئة هي لها علاقة بإعادة توزيع المصالح في باب المندب، فهناك مهربون محسوبون على الانتقالي، وهناك قوات محسوبة على طارق".

وأردف: "المهربون يتملصون من سيطرة قوات طارق صالح لكي يواصلوا عملية التهريب، وهذا أمر يروق ربما للمجلس الانتقالي، عدا ذلك أنا أعتقد أن هناك توافقا سياسيا كاملا؛ لأن تشكيل ما يسمى بالمقاومة الوطنية في الساحل الغربي هو نتاج توافق مشترك".

وزاد: "المجلس الانتقالي بدعم من الإمارات يطمح في تحقيق ما يسمى باليمن الجنوبي، أو استعادة الدولة الجنوبية، فذهب إلى حضرموت واصطدم بالإرادة السياسية السعودية، التي أنتجت ما يسمى بمجلس حضرموت الوطني، الأمر الذي شكّل أكبر صدمة للمجلس الانتقالي".

وأشار إلى أن "الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال في أجندتها تمكين جماعة الحوثي وجعلها لاعبا سيئا طائفيا في المشهد اليمني، وقد بنيت سياستها منذ عام 2000 على أساس حقن المشهد اليمني بهذا اللاعب الطائفي المرتبط بإيران، وهذه سياسة أمريكية لم تتغيّر حتى هذه اللحظة، وهذا الأمر لا يمكن أن تغيّره إلا الإرادة الوطنية التي بدأت تشعر بكارثية تمكين جماعة الحوثي من المشهد اليمني ومن القرار اليمني".

واعتبر أن "هناك خديعة تمارسها الإدارة الأمريكية، وأن هذا النوع من الدعوات، التي دعا لها السفير الأمريكي بتوحيد المكونات لمواجهة الحوثي، فيها مراوغة إلى حد كبير"، مؤكدا أن "مواجهة الحوثي لن تكون من خلال التنسيق بين المكونات، وإنما من خلال دعم السلطة الشرعية كمكون الجميع".

- إرادة الإمارات

يقول الصحفي الموالي للمجلس الانتقالي، صلاح السقلدي: "هذا الاجتماع ربما يكون أكبر مما أعلن عنه بأنه تحالف للتصدي للحوثيين، فالمقاومة الوطنية، بقيادة طارق صالح، والمجلس الانتقالي، بقيادة عيدروس الزبيدي، هما أساسا منضويان تحت مجلس القيادة الرئاسي والحكومة والمقاومة ضد الحوثيين، لذا فهم ليسوا بحاجة إلى مثل هكذا تنسيقات ثنائية".

وأضاف: "هناك بالفعل رسائل واضحة بُعثت من خلال هذا اللقاء، وهو لقاء كان بوسعه أن يتم بدون الإعلان والإظهار عبر وسائل الإعلام كما شاهدنا".

وأوضح: "هذا الإعلان بحد ذاته، بالتأكيد يبعث رسالة، واعتقد بأن السعودية قد وصلتها هذه الرسالة من الإمارات، وحتى من الولايات المتحدة".

وتابع: "نحن نعرف تماما أن السعودية، وكل دول الخليج، باستثناء البحرين، رفضت الانضواء تحت تحالف أمريكا فيما يسمى بحارس الازدهار في البحر الأحمر، لذا أمريكا تحاول الآن -بالتنسيق مع الإمارات- أن تشكّل تحالفات من هذا النوع لمواجهة الحوثيين، الذين يبدو أنهم استعصوا على الجانب الأمريكي".

وأردف: "هناك أيضا عوامل أخرى، وأسباب كثيرة؛ منها أن الطرفين (طارق والزبيدي) يشعران بأن هناك تجاوزا لدورهما المستقبلي، وقد يكون دورا هامشيا فيما إذا تم التوقيع على التفاهمات التي أبرمتها السعودية مع الحوثيين في مسقط، وهما كانا خارج أي مشاورات، ولم يشاركا أو يُستشارا بشأنها".

وزاد: "نحن لا ننكر على الإطلاق بأن هناك تدخلات، وأن العامل الخارجي هو العامل الذي يحرك الأوراق، ويحرك القوى بالداخل، فجميع القوى هي تتحرك من الخارج، وبالتالي ليست مشكلة أن يلتقيا في الإمارات، فهناك المجلس الرئاسي بنفسه يجتمع بكل أعضائه في الرياض بدون أي مناسبة".

وقال: "هذا الاجتماع يؤكد أن إرادة الإمارات كانت حاضرة في هذا اللقاء، وهي بالتأكيد لها أسباب أخرى، فهناك -كما أشرنا- تجاهل للأطراف، وهناك موضوع حضرموت".

وأضاف: "تأسيس المجلس الرئاسي والحكومة، وشراكة المجلس الانتقالي بهذه الحكومة، ليست غاية بل هي كانت وسيلة مؤقتة، وبالتالي بحسب ما يراه المجلس الانتقالي إذا كانت أهدافه التي تطّلع لها سيجهض هذا التحالف، وهذا المجلس الرئاسي، فهو ليس معنيا أن يلتزم ويذعن لهذا المجلس، فهو صاحب قضية، ومن حقه أن يبحث عن الانتصار لهذه القضية حتى لو كان خارج المجلس الرئاسي".

وتابع: "رغم ذلك لا يزال المجلس الانتقالي يعلن صراحة ويؤكد أنه متمسك بهذه الشراكة في المجلس الرئاسي، حتى هذه اللحظة، ربما هناك الصولجان الخليجي - السعودي على وجه الدقة، هو الذي يفرض عليه هكذا، لكن في تململ واضح من المجلس الانتقالي".

وزاد: "أعتقد بأن السند الإماراتي هو يعزز من إظهار هذا الشعور، وهذا التذمر الذي يعتري المجلس الانتقالي بموضوع حضرموت".

وأردف: "هناك محاولة سعودية لتحجيم المجلس الانتقالي، وتقليص نفوذ قوة نخبة حضرموت لحساب قوات درع الوطن المنشأة عسكريا من السعودية، ومحاصرة الكثير من مناطق المجلس الانتقالي داخل هذه المحافظة، وإدخال هذه المحافظة في دوامة حتى يتم السيطرة عليها، والإجهاز عليها، والتحكم بثرواتها ومصيرها".

واستطرد: "وقد شاهدنا كثيرا من التصريحات، آخرها قبل يومين لنائب رئيس صحيفة عكاظ، يقول تماما إن حضرموت قد حُسم أمرها، بمعنى أنه ليس لكم أي علاقة بحضرموت؛ فحضرموت تحت المعطف السعودي".

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.