تقارير
ما وراء استبدال مليشيا الحوثي غاز مأرب المحلي بالمستورد الإيراني؟
تقوم مليشيا الحوثي بمنع دخول الغاز المنزلي من مأرب إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها، واستبداله بالمستورد، ضمن سلسلة من الإجراءات التي تقوم بها في إطار حربها الاقتصادية على الحكومة والمواطنين.
بهذا الإجراء تكون مليشيا الحوثي قد تمكنت من تجفيف مصادر الحكومة، خاصة بعد أن قصفت موانئ تصدير النفط في شبوة وحضرموت، وحققت عائدات كبيرة من فتح ميناء الحديدة، إذ تحولت النسبة الكبيرة من العائدات عبر هذا الميناء، وفقدت الحكومة ما نسبته 50% من إيرادات الجمارك.
الحكومة اليمنية حذّرت من استبدال الغاز المحلي بالمستورد، وبأسعار مضاعفة للمتاجرة بقوت المواطنين، بعد أن أفادت معلومات بحصول المليشيا على كميات من الغاز المجاني من إيران والعراق.
- محاولات إثراء
يقول مدير فرع شركة النفط اليمنية في الحديدة، بلال العامري: "مليشيا الحوثي لن تستطيع استبدال الغاز المنزلي الداخل من مأرب بالغاز المستورد، حتى وإن اتخذت السفن الواصلة إليها من إيران والعراق مصدرا، وهذا لا يعتبر استبدالا وإنما ضمن محاولات إثراء المليشيا".
وأضاف: "المدير التنفيذي لشركة الغاز في حكومة المليشيا، ياسر الواحدي اجتمع مع لجنة النفط في مجلس النواب التابع للمليشيا، وناقش الاجتماع الوضع التمويني لمادة الغاز، وبعد الاجتماع وجّه الواحدي بالسماح بدخول أي كميات من الغاز المنزلي الواصلة من مأرب، وتوصيلها إلى المحطات لتغطية العجز الحاصل".
وأوضح: "اعتقاد المليشيا أنه بمجرد وصول سفينتين من إيران أنها حلت مشكلة الغاز، وتمكنت من ضرب الشرعية اقتصاديا، فهذا غير صحيح، والموضوع له أهداف أخرى تريد المليشيا الوصول إليها".
وتابع: "في شهر مارس 2022، عدد السفن التي دخلت ميناء الحديدة كانت 15 سفينة، فيما عدد السفن، التي دخلت إلى ميناء عدن وكل الموانئ المحررة في مارس 2023م، سفينة واحدة فقط بعد مشاورات".
- طبقة جديدة
من جهته، يقول الصحفي الاقتصادي، وفيق صالح: "منع مليشيا الحوثي استيراد النفط من محافظة مأرب، واستبداله بالغاز المستورد عبر ميناء الحديدة، هي محاولة لتحقيق عدة أهداف، أولها تكوين طبقة جديدة من التجار التابعين لها من خلال بيع الغاز بالأسواق السوداء".
وأوضح: "مليشيا الحوثي تريد إن توجّه رسالة للحكومة اليمنية أنها تستطيع أن تخفض من إيراداتها كما حصل من خلال استهداف منشآتها النفطية في حضرموت وشبوة، وإيقاف تصدير النفط الخام".
وأضاف: "فتح ميناء الحديدة أمام سفن الحاويات أثر أيضا على عائدات الحكومة من الموارد الجمركية بنسبة 50%، أو ما يقارب، إضافة إلى أن المليشيا تحصل على دعم خارجي من الوقود والغاز، لكن بشكل مؤقت، ولا يعتقد أنه سيستمر".
وأشار إلى أن "هذا الإجراء يدل على أن من يقف إقليميا ودوليا مع هذه المليشيا ما يزال يسندها بكافة الإمكانيات، سواء الأسلحة أو المشتقات النفطية، خلافا للحكومة التي تعاني من تراجع إيراداتها مع توقف تصدير النفط الخام، وتوجّه بعض سفن الحاويات عبر ميناء الحديدة".
واعتبر أن "مليشيا الحوثي لا تكترث لمعاناة المواطنين؛ هي تمنع دخول غاز صافر الذي يبلغ سعر الأسطوانة 4000 ريال من الطبعة القديمة، وتبيع عليهم الغاز المستورد الأسطوانة بـ8000 ريال قديم، ما يعني ضعف السعر على الرغم أن الغاز المستورد قدم لها مجانا".
ولفت إلى أن "مليشيا الحوثي تحاول بنا طبقة جديدة من أمراء الحرب، وتجارها".
- ثراء غير مشروع
من جهته، يقول رئيس حملة "لن نصمت"، الدكتور عبدالقادر الخراز: "مليشيا الحوثي حصلت على منحة مجانية من الغاز، وتحاول تصريفها، وستكون لفترة محددة، وستجني منها أموالا كبيرة بدون أي مقابل، ورغم ذلك رفعت السعر على المواطنين في مناطق سيطرتها أضعافا".
وأضاف: "مليشيا الحوثي حققت ثراء غير مشروع من خلال بيع غاز مأرب، ومع الأسف الحكومة لا تستطيع مراقبة هذا الوضع، على ما يبدو أن هناك فسادا مشتركا؛ كون العملية تتم بطريقة غريبة وعجيبة، حيث يتم بيع الغاز بالريال السعودي، فتحول إلى مأرب، ويتم صرفها وأخذ الفارق".
وأشار إلى أن "هذه العملية مؤقتة، ولن تؤثر على اقتصاد الحكومة الشرعية، فهي لديها منحة، وتريد الاستفادة منها، ومن مضاعفة الأسعار على المواطنين".
وقال: "نحن حسبنا أرباح مليشيا الحوثي من الكميات، التي تشتريها من غاز مأرب، خلال عام 2022م، بلغت فوق 200 مليون دولار من فارق السعر وفارق صرف العملة، وهي ترى في هذه المنحة مبلغا كاملا، لكنها أيضا تستفيد من غاز مأرب سنويا أكثر من 200 مليون دولار".