تقارير
ماذا بعد تحميل واشنطن مليشيا الحوثي مسؤولية إفشال عملية السلام في اليمن؟
الخارجية الأمريكية تحمّل مليشيا الحوثي مسؤولية إفشال عملية السلام في اليمن.
جاء ذلك في بيان لها حمّل به المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن، تيم ليندر كينغ، مليشيا الحوثي مسؤولية كبيرة عن رفضها الانخراط بشكل هادف في وقف إطلاق النار، واتخاذ خطوات لحل النزاع المستمر منذ ما يقارب سبع سنوات في اليمن.
بالنسبة للإدارة الأمريكية، التي تُتهم بأنها دلّلت الحوثيين كثيرا، ما الذي يمثله هذا البيان؟ هل ستتجه إلى ممارسة الضغوطات ضد المليشيا أم أنه مجرد إقرار من قِبل المبعوث الأمريكي بفشله باختراق الجدار للتوصل إلى حلّ للأزمة اليمنية؟
الحفاظ على الحوثيين
وفي السياق، يوضّح أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء، عبدالباقي شمسان، أن "استراتيجية الولايات المتحدة والدول المهيمنة على قرار مجلس الأمن هي الحفاظ على الحوثيين وعلى إيران".
وأضاف، خلال حديثه لبرنامج "المساء اليمني" على قناة "بلقيس"، مساء أمس، أن "الولايات المتحدة ألغت تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية بهدف إتاحة المجال لحوار مباشر للوصول إلى تسوية تحافظ على الحوثيين".
ويفيد أن "الحوثيين الآن مرتبطين بالمفاوضات في فيينا حول الاتفاق النووي الإيراني، وبالتالي لا يمكن فصل الحوثيين بشكل كامل عمّا يجري هناك من مفاوضات".
ويرى شمسان أن "الولايات المتحدة في غاية الإحراج، لأنها رفعت تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، في الوقت الذي لم ينخرطوا في التفاوض مع مبعوثها".
ويشير إلى أن "الولايات المتحدة أرادت، من خلال رفع تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، تحقيق بعض المكاسب، لكن الحوثيين لم يقدموا أي تنازل".
ويؤكد استحالة تنازل الحوثيين عن مطالبهم المتمثلة في فصل الجانب الإنساني عن السياسي وفتح ميناء الحديدة ومطار صنعاء، مضيفا أن "الحوثيين يمشون وفق استراتيجية واضحة للوصول إلى حوار مباشر مع السعودية بعيدا عن الشرعية، لإنهاء الحرب".
موقف متقدّم
بدوره، يعتبر الصحفي أحمد عايض بيان الخارجية الأمريكية الأخير "موقف متقدّم مقارنة بمواقف مبعوثي الأمم المتحدة ومجلس الأمن طوال السبع السنوات الماضية".
ويضيف أن "بيانات الأمم المتحدة ومجلس الأمن طوال السنوات الماضية كانت تحمّل جميع الأطراف مسؤولية فشل المفاوضات، بعكس البيان الأخير للخارجية الأمريكية، الذي أشار صراحة إلى الحوثيين".
ويرى عايض أن "تحميل الخارجية الأمريكية الحوثيين مسؤولية فشل وقف إطلاق النار في البلاد يأتي في سياق الأهداف الأمريكية الاستراتيجية البعيدة".
ويفيد أن "هناك رغبة أمريكية في تحويل مليشيا الحوثي إلى شُركاء في العملية السياسية القادمة لليمن، كما حدث في العراق ولبنان"، مضيفا أن "الجانب الأمريكي ليس لديه أية مشكلة في أن تحكم مليشيا الحوثي اليمن".
ويوضح أن "المليشيا الحوثية لا تتعاطى مع أية مبادرة سياسية، ولا تحترم أي اتفاق دولي"، لافتا إلى أنه "طوال السنوات الماضية تجاهلت المليشيا أغلب الاتفاقيات والمباحثات والمبادرات التي وقعت رغم أن تلك الاتفاقيات كانت تصبّ في صالحها".
الدبلوماسي السابق في اليمن، نبيل خوري، لا يرى أن تحميل الخارجية الأمريكية الحوثيين مسؤولية فشل المفاوضات تقدماً في سياسة الولايات المتحدة تجاه الحوثيين.
ويوضح أن "المبعوث الأمريكي إلى اليمن قال إنه سيكون صريحا، وسيكشف من يقف في طريق السلام، وبالتالي وجد أن اللوم على الحوثيين أكثر منه على الآخرين بالنسبة إلى مبادرة السلام التي يدعمها شخصيا وتدعمها إدارة بايدن".
ويستبعد خوري أن يفضي اتهام الخارجية الأمريكية للحوثيين بإفشال جهود السلام إلى إعادة تصنيفهم كجماعة إرهابية، موضحا أن "إلقاء اللوم على من يعرقل عملية السلام شيء، وتصنيف الإرهابي شيئا آخر".
ويفيد أن "موقف إدارة بايدن ما زال يرى أن تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية كان خطأ من قِبل إدارة ترامب، كون تصنيف الإرهاب لا ينطبق على الحوثيين"، حد قوله.
ويتابع موضحا: "ما يقوم به الحوثيون داخل اليمن هو حرب، وتصرفاتهم في المناطق الخاضعة لسيطرتهم فيها مخالفات كبيرة لحقوق الإنسان، لكنهم ليسوا مثل 'القاعدة' و'داعش'، وليس بينهم وبين أمريكا أي عداء".
الدبلوماسي خوري يرى أن تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية ليس أداة كافية لتغيير تصرفاتهم، موضحا أن "ترغيب الحوثيين بالدخول في عملية سياسية هو أنفع بالنسبة لإدارة بايدن من إعادة تصنيفهم".
وعمّا إذا كان هناك تفاؤل من قِبل واشنطن بقدرتها على حل الأزمة اليمنية، تلفت الباحثة السياسية ميساء شجاع الدِّين إلى أنه "كان هناك تصور من قِبل واشنطن أن حلّ الأزمة اليمنية مرتبط بموافقة السعودية، وكانت ترى أن لا إشكالية في ذلك من قِبل الحوثيين، لكن ما حدث مؤخرا هو عدم تجاوب الحوثيين بشكل إيجابي مع الأمريكيين".
وبشأن تساؤل عن ماذا يراهن الحوثيون في رفضهم كل الحلول السياسية المطروحة من قِبل المجتمع الدولي، توضح شجاع الدِّين أن الحوثيين "يراهنون على وضعهم العسكري، كون وضعهم العسكري أفضل بكثير من السعودية".
وتضيف أن "الحرب لم تضغط على الحوثيين بقدر ما تضغط على الرياض"، مشيرة أن "سُمعة السعودية الدولية تأثرت بشكل كبير، وأصبحت الحرب في اليمن بالنسبة لها كارثة حقيقية على سُمعتها الدّولية، بعكس الحوثي الذي لا يعنيه استمرار الحرب".