تقارير
مجزرة ضحاياها مدنيون.. ما أسباب الاستهداف الأمريكي لميناء رأس عيسى؟
أعلنت مليشيا الحوثي مقتل وإصابة نحو 250 شخصا جراء الغارة الجوية الأمريكية، التي استهدفت ميناء رأس عيسى النفطي على البحر الأحمر في الحديدة، مشيرة إلى أن حصيلة الغارات ارتفعت إلى 74 شخصا وإصابة 171 آخرين.
وبحسب أسوشيتد برس، فإن صورا للأقمار الاصطناعية رصدت حرائق كثيفة في وقت مبكر من صباح أمس الجمعة، قبالة جزيرة كمران، التي استهدفت أيضا بغارات أمريكية، خلال الأيام الماضية.
من جهتها، أكدت القيادة المركزية الأمريكية أن ضرباتها، التي استهدفت رأس عيسى، تأتي في إطار قرارها حرمان الحوثيين من الإيرادات غير المشروعة، التي موَّلت أعمالهم لأكثر من عشر سنوات.
ووفقا لبيان القيادة المركزية، فإن الحوثيين يستخدمون الوقود كسلاح للسيطرة واختلاس أرباح الاستيراد بدل أن يذهب لصالح الشعب اليمني بشكل شرعي.
وقال البيان إنه "على الرغم من قرار واشنطن بمنع إدخال الوقود الذي دخل حيّز التنفيذ في الخامس من أبريل، إلا أن السفن استمرت في توريده عبر ميناء راسي عيسى، وهو ما يسمح بتمويل جهود الحوثيين الإرهابية".
- عسكرة المنشآت المدنية
يقول المختص في الشأن العسكري، المقدم أحمد عامر: "الموانئ وخزانات الوقود من أبرز مفاصل الدعم اللوجستي لأي قوة عسكرية، وتتيح استقبال الإمدادات والسلاح، بينما تستخدم خزانات الوقود في تحريك الآليات والمركبات العسكرية، وبالتالي فإن استهداف هذه البنى يهدف إلى شل قدرات الخصم اللوجستية، وخنق حركته ميدانيا، مما يضعف فعاليته وفعالية عملياته، ويسرع في إنهاك قدراته".
وأضاف: "هناك من يرى أن استخدام المليشيا للمصالح العامة يجعلها عرضة لمثل هذه الضربات، ويسقُط المدنيون ضحايا، طبعا هذا الرأي، له وجاهته من منظور القانون الدولي الإنساني، عندما تحوّل المليشيا منشآت مدنية كالموانئ أو المستشفيات أو المدارس إلى مراكز دعم عسكري أو مخازن سلاح، فإنها تفقد هذه المنشآت صفتها المدنية، وتصبح أهدافا مشروعة".
وتابع: "غير أن هذا لا يعفي القوات الأمريكية من المسؤولية عن تجنيب المدنيين الضرر، كما لا يبرر الاستهداف العشوائي، أو غير المتناسب".
وأردف: "الأيام التي مضت خرجت المليشيا عن طريق الناطق الرسمي لها، أو أحد الإعلاميين لديها، تشير إلى هذه الموانئ، وإلى هذه المواقع، فأصبح هناك تركيز على أنها تعد مواقع عسكرية".
وزاد: "لكن هناك قواعد؛ يجب الالتزام بمبادئ أساسية، أهمها، أولا: التمييز، وهو التفريق الصارم بين الأهداف العسكرية والمدنية، ثانيا: التناسب، وهو تجنيب الهجمات التي تؤدي إلى أضرار جانبية مفرطة، ثالثا: الاحتياط، وهو اتخاذ كل التدابير الممكنة لتقليل الأضرار على المدنيين، مثل الإنذار المسبق، أو اختيار
توقيت دقيق، رابعا: الضرورة العسكرية، وهو التأكد من أن الهدف يحقق مكسبا عسكريا مشروعا ومباشرا".
وقال: "هذه القواعد ليست فقط قانونية بل أخلاقية، ويجب أن تُراعى حتى في أصعب ظروف المواجهة".
وفي حديثه بشأن تأثير الضربات الأمريكية المستمرة على مليشيا الحوثي، يقول المقدم أحمد عامر: "هناك تكتم من المليشيا عن آثار هذه الضربات، لكن هناك إنجازات، وما ستظهره الأيام القادمة سيبرهن لنا أنها فعلا كانت ضربات موجعة".
وأضاف: "من خلال قربنا من الضربات، التي ضربتها القوات الأمريكية أو الطيران الأمريكي، في مناطق في الجوف والبلق والجوبة بمأرب، هي مناطق حساسة، وكلها كانت عبارة عن مواقع لحشو السلاح وتكديسه، لمعركة كانت قادمة، وكان مخططا لها لقتل اليمنيين في مأرب، وكذلك في تعز، وفي غيرها من المناطق".
- قواعد الاشتباك
يقول أمين عام منظمة "زرانيق" للحقوق والتنمية، الدكتور محمد ناصر مبارك: "إن ما حصل، يوم أمس الأول، ليلا شيء مؤسف جدا، بكل المقاييس والمعايير القانونية والدولية، مع أننا دائما نركز على جانب الضحايا والمدنيين، إلا أن هذه الانتهاكات مستمرة".
وأضاف: "الحوثي يتذرع بهذه المنشآت بأنها مسائل خاصة به، وأن هناك انتهاكا دوليا، وأن كثيرا من هذه الانتهاكات تحصل بسبب الأمريكان، لكن نظرة القانونيين والمنظمات المدنية دائما تحيل هذه الأمور إلى قواعد الاشتباك الدولية".
وتابع: "أمريكا اليوم مطالبة بأن تفسر هذه الضربات الجوية والضحايا المدنيين، الذين يسقطون فيها، على أي أساس يتم ضرب هؤلاء، حتى ولو كانوا متبرعين، وكانوا موجودين تحت أهداف أو منشآت مدنية".
وأردف: "قواعد الاشتباك الدولية تحدد هذه المعايير، مثلا: إذا كان هناك مطلوب أمني أو مصنف إرهابي دولي، في عربة إسعاف، لا يجوز لأي كان أن يقصف هذه العربة، ما دامت منشأة مدنية".
وزاد: "القضاء على الحوثي أصلا، إذا كان الأمريكان محقين وصادقين، فيما يحدث الآن، لماذا لا يستخدمون وسائل أقرب إلى الانتصار على الحوثي من هذه الضربات الجوية؛ مثل الدخول البري، واستخدام الجيش اليمني، وألوية تهامة، وألوية العمالقة، وألوية المقاومة الوطنية، كل هؤلاء قادرون على أن ينهوا المشاكل التي تهدد مصالح أمريكا في البحر الأحمر:.
وقال: "أمريكا حتى آخر لحظة كانت تعتبر الحوثي شريكا لها في ضرب الإرهاب، هذا عندما كان الحوثي يقاتل الجماعات الإسلامية، كانوا يعتبرونه جزءا من محاربة الإرهاب، وعندما صار الحوثي يستهدف مصالح الغرب في البحر الأحمر تغيَّر الوضع، وأنا أصف هذا التوصيف باعتباري قانونيا، وهذه هي الازدواجية في المعايير".
وأضاف: "ما يتعلق بالحوثي، فهو أصلا لا يعنيه موت هؤلاء الضحايا، بدليل كم عدد الضحايا المدنيين الذين قتلهم الحوثي من أبناء تهامة؟ أكثر من ذلك بكثير".
وتابع: "عندما يقول الحوثي الآن إن الطيران ضرب منشآت مدنية، أو دمَّر البنية التحتية، بينما هو كان يستهدف ميناء شبوة، وميناء حضرموت، ومطار عدن، وهذه الأماكن المدنية استهدفها الحوثي قبل وجود الضربات الأمريكية".