تقارير
موقع "بلقيس" يرصد عمليات بيع مواد غذائية منتهية الصلاحية في صنعاء
تزايدت ـ خلال السنوات الأخيرةـ ظاهرة بيع مواد غذائية منتهية الصلاحية، في معظم الأسواق بالعاصمة صنعاء، التي تغرق بكميات كبيرة من السلع الغذائية ذات الأصناف المتعددة والمختلفة، يتم بيعها على المستهلكين بأسعار زهيدة تصل إلى أقلّ من النّصف، إذا ما قارنّاها بأسعارها الحقيقية في حال سلامة صلاحية استهلاكها.
وتُعرض هذه السلع المُشرفة على الانتهاء بصورة بدائية، برصّها على أرصفة الأسواق المليئة بالأتربة وتحت أشعة الشمس، ما يضاعف خطورتها على صحّة المستهلك، إضافة إلى خطر انتهاء صلاحيتها.
الشاب الثلاثيني "محمد البوعاني" -أحد باعة هذه المواد التالفة مذ 3 سنوات- يقول لموقع "بلقيس": "نشتريها بسعر رخيص من مخازن التجار في نقم وشعوب والملعب، لأنها مقرّبة على الانتهاء، نعرضها في الأسواق والناس يشتروا، لأن سعرها في هذه الحالة رُبع سعرها الأصلي".
ويضيف أن هذه السلع لاقت رواجاً جيّداً لدى كثير من المستهلكين الأكثر فقراً في صنعاء، خلال الأعوام الأخيرة، الذين أُجبروا على شرائها نتيجة ظروفهم المعيشية السيّئة منذ بدأت الحرب.
غالبية المستهلكين يجهلون حقيقة الخطر الصحي الذي قد يداهمهم، نتيجة تناولهم تلك الأغذية التالفة.
"أم معاذ المحبشي" -سيدة أربعينية- دائمة التردد على السوق، بغرض شراء حاجتها منه، تقول لموقع "بلقيس": "دارية أن هذه المواد مُقربة، لكن في أوقات كثيرة أشتري حاجتي من هنا، هي رخيصة وحالتنا تاعبة، ولا قد ضرّنا شيء منها".
ـ ابتزاز وغش
يحاول تجار الأصناف الغذائية الأصلية المعروضة ممارسة الغش والابتزاز التجاري معاً، إذ يسعون إلى رفع أسعارها وهي في حالتها السليمة، ويكدّسونها في مخازنهم، حتى يحين اقتراب موعد نهاية صلاحيتها فيبيعونها بثمنٍ بخس، الأمر الذي أدى بها إلى التلّف.
لكن تحاذقهم هذا لم يمنعهم من ممارسة عملية الغش التجاري على المواطنين، الذين عجزوا عن شرائها، بسبب زيادة أسعارها، ليحتالوا عليهم، وهي في طريقها إلى التّلف.
"علي الميموني" -تاجر مواد غذائية بالجملة- يقول لموقع "بلقيس": "نبيع أصنافا كثيرة بهذه الطريقة، قبل أن تنتهي، سعرها مرتفع من المصدر، أُضيف لها حق النقل والضرائب والجمارك، نحن نحاول ألا نخسرها".
يبدو المستهلكون هم الأكثر تضرراً، أولاً بسبب عدم قدرتهم على شراء السلعة الغذائية في حالتها السليمة، نتيجة الظروف المعيشية الصعبة، وثانياً الخطر الصحي الذي قد يلحق بهم، جراء تناول تلك المواد الغذائية منتهية الصلاحية.
المواطن "خالد بشر" يقول لموقع "بلقيس": "التجار جشعون، ما يريدوا إلا الربح، ولو على حساب حياة المواطن المسكين".
ـ الأحياء الفقيرة
يستهدف بائعو المواد الغذائية المنتهية سكان الأحياء الأكثر فقراً في صنعاء لعرض وتسويق بضاعتهم، إذ يتركز تواجدهم في كثير من الأسواق المجاورة لتلك الأحياء الفقيرة. ويأتي السوق المركزي المجاور لحي "قاع العلفي"، المزدحم بالفقراء، أحد أماكن بيع المواد الغذائية المنتهية الصلاحية.
"عبد الله المجيدي" -أحد البائعين هناك- يقول لموقع "بلقيس": "سوق القاع أحسن مكان أبيع فيه، الناس يشتروا حاجتهم مننا، لأنها مناسبة لهم ورخيصة". ويفضّل أغلبية أبناء الحي، رجالاً ونساءً، شراء احتياجاتهم اليومية الضرورية من سوق المواد الغذائية القريبة من انتهاء الصلاحية.
"نبيل السري" -أحد سكان الحي- يقول لموقع "بلقيس": "قد هو هذا سوقنا، ما معنا نشتري حاجتنا إلا من أصحاب المواد الغذائية المقرّبة، عادها تنفعنا نخطي أنفسنا بها".
ويتوفّر لدى هؤلاء الباعة أصناف متنوعة لمختلف المواد الغذائية، تخلو من أي ميزة غذائية، يحققون منها دخلاً جيداً لهم فقط.
يضيف المجيدي لموقع "بلقيس": "نحصل على ربح تمام، كل يوم له بضاعته، نعرض الحاجات المقرّبة، وهكذا".
ـ رقابة غائبة
لم تكن حياة المواطن وصحة غذائه محور اهتمام الأجهزة الرقابية في صنعاء، حيث البضائع منتهية الصلاحية تكاد تغرق أسواق المدينة، والجهات المناط بها حماية المستهلك وضبط عملية الغش التجاري تخلّت عن مهمتها الأساسية، وقامت بالجباية فقط، بينما أفسحت المجال لازدهار سوق المواد الغذائية الفاسدة على مرأى الجميع.
الموظّف في هيئة المواصفات وضبط الجودة بصنعاء (فضّل عدم الكشف عن هويّته لدواعٍ أمنية) يقول لموقع "بلقيس": "الجميع يعرف نشاط هذه الأسواق، ولا أحد مهتم بمكافحتها، لأن المواد التي تبيعها كلّها سموم، هم مهتمون بجمع مزيد من الأموال، أما مسألة ضبط الجودة في السوق ما لهم دخل".
ويفتقر غالبية السكان إلى الثقافة الاستهلاكية، لمعرفة بعض البضائع التي أصبحت تهدد حياتهم، فقط يجرون خلف ضالتهم في السعر، غير مدركين أنهم يشترون سموماً وأمراضاً لأسرهم.
"ماجد عبد الله" -أحد العاملين في جمعية حماية المستهلك- يقول لموقع "بلقيس": "لا توجد رقابة، هناك مواد فاسدة تباع في السوق، وبضائع مهرّبة منتهية كثيرة".