موقع "بلقيس" يلتقي مديرة مدرسة في صنعاء قام الحوثيون بمضايقتها

تعرّضت "سحر عبدالله"، التي تشغل وظيفة مديرة مدرسة منارات الأهلية منذ "4" أعوام، للمضايقات والتهديد بالفصل من قِبل مليشيا الحوثي، وتحديداً من مدير المنطقة التعليمية في مديرية السبعين بصنعاء، على خلفية إقامة المدرسة احتفالية طلابية أواخر فبراير الفائت، هدفت إلى "التعرف على الثقافات"، ما اعتبرتها مليشيا الحوثي مخالفة للهوية الآيمانية.

وقررت المليشيا معاقبة المدرسة ومديرتها بادعاء لا يمت للواقع بِصلة. 

تقول مديرة المدرسة لموقع "بلقيس": "هناك من نقل معلومات مغلوطة عن الحفل لمدير المنطقة التعليمية، سببت لنا المضايقات التي لا أسوأ منها". 

لم تعلم سحر أن الاحتفالية الطلابية ستعرّضها للمضايقات والتهديد بالفصل من عملها، تلبيةً لرغبة المزاج الديني للمليشيا خصوصا بعد أن رفضت إدارة المدرسة إقامة أي فعاليات تخدم المليشيا، وتمجد مشروعها.

وطبقا لحديث المديرة مع موقع "بلقيس": "للمضايقات التي حدثت أسبابها، كالتميز في الوسائل التعليمية، وانضباط المدرسة، جعل الآخرين ينقلوا صورة خاطئة عنها".

ـ التهدئة ضرورية

 تستخدم مديرة المدرسة أسلوبي التهدئة والصمت، لإعادة أمور قضيتها إلى نصابها، مع مدير المنطقة التعليمية في مديرية السبعين "عبد القادر المهدي"، المحسوب على مليشيا الحوثي، سعياً منها لتجاوز كل ما حدث لها وللمدرسة.

تفيد سحر لموقع "بلقيس": "التهدئة معهم مطلوبة وضرورية، التزمت الصمت عن مناقشة الموضوع، لإيجاد حلول مناسبة، توقفت عن الحضور الى المدرسة لأكثر من أسبوع، وأحضر للضرورة، ليستمر العمل في المدرسة". 

وندد كثير من المراقبين المحليين بالقرار الذي اتخذته مليشيا الحوثي الانقلابية، ضد مدرسة منارات الأهلية ومديرتها، الذي ينص على إغلاق المدرسة، وفصل مديرتها خلال مدة زمنية حددت بأسبوع واحد، وإعادة توزيع طلابها على المدارس المجاورة، إضافة إلى بنود أخرى.

لكن إدارة المدرسة بذلت جهوداً حثيثة، على سبيل التهدئة مع المليشيا، لتستمر المديرة في تصريف الأعمال الإدارية داخل المدرسة، كلما سنحت لها الفرصة في الحضور. 

وتضيف مديرة المدرسة لموقع "بلقيس": "فصل مديرة مدرسة ليس بهذه السهولة، لأنه يترتب عليه أمور كثيرة، ومهمة في تسيير أعمال المدرسة". 

ـ مخالفة الهوية الحوثية

تتحجج مليشيا الحوثي الانقلابية لتبرير قرارها التعسفي ضد المدرسة ومديرتها بمخالفة الهوية الإيمانية، أثناء إقامة المدرسة فعالية احتفالية لطلابها، عبرت خلالها عن محاولة التعرف على ثقافات الشعوب العربية الشقيقة، الأمر الذي تمثل للمليشيا الانقلابية بأنه خروج عن الإطار المحدد سلفاً لبرنامجها الثقافي، وكذلك تعارض مع ما تسميه الجماعة بـ "الهوية الإيمانية" والمطلوب الالتزام بها من جميع المنشآت التعليمية العامة والخاصة، خلال إقامتها للفعاليات والمناسبات المختلفة، خصوصاً في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وطبقاً للتعليمات الصارمة، التي صدرت عن المليشيا مُذ انقلابها على السلطة الشرعية في البلاد أواخر سبتمبر/ أيلول من العام "2014" م. 

"مصدر تربوي" فضل عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية

يقول لموقع "بلقيس": "يجبروا المدارس على استبدال الفقرات الفنية بالزوامل، في كل المناسبات التي تنظمها، وألغوا الفقرات الفنية، المخالف لهويتهم الإيمانية تهمته جاهزة، ويخضع للعقاب بالإجراءات الظالمة".

وعممت مليشيا الحوثي على جميع المدارس إحياء ثقافة الزوامل التي تهتف بتاريخ الجماعة، وتمجدها، والاستعانة بها في جميع المناسبات التي تقيمها المدارس.

 ويُقدم الحوثيون أنفسهم للسكان في مناطق سيطرتهم باعتبارهم حُراساً للفضيلة والأخلاق، بينما تتصدر سلوكياتهم السلبية مخالفة الكثير من القوانين والأعراف الاجتماعية السائدة في البلاد، بهدف إخضاع المواطن وإذلاله، تحت سياط سلطته الدينية.

ـ انتهاكات

لم يسبق للعملية التعليمية أن تعرّضت لإجراءات تعسفية طيلة الـ "5" العقود الماضية من تاريخ البلاد، كما تعترضها حالة السوء في حقبة مليشيا الحوثي، التي شهدت تزايداً فظيعاً من شأنه تقويض التعليم بشكلٍ لافت، حيث تسعى إلى تثبيت نظامها التعليمي المتخلّف فكراً وسلوكاً وعقيدة، بمزيد من الممارسات القمعية للأنشطة المدنية والحريات، إضافة إلى استخدام أسلوب الترهيب ضد كل من يخالفها. 

الناشط المجتمعي "أحمد درهم" قال لموقع "بلقيس": "مضايقات الحوثي الأخيرة لمديرة مدرسة منارات انتهاك جسيم للتعليم، وسلوك ديني متطرف، مثله مثل أي جماعة إرهابية".

وكانت تقارير محلية ودولية، صدرت في أوقات سابقة، اتهمت مليشيا الحوثي "باستمرار ارتكابها لانتهاكات جسيمة، في قطاع التعليم، وبحق منتسبيه، في كافة المناطق الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين".

 وتوزّعت الانتهاكات الحوثية، بين تعديل المناهج التعليمية وتحريفها، إلى فرض أجندتها التعليمية، وبرامجها الثقافية المستوردة، إضافة إلى معاقبة معظم الكوادر بالفصل التعسفي.